لا تصالح.. ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك ثم أثبت جوهرتين مكانهما هل تري؟
هى أشياء لا تشتري
لا تصالح على الدم.. حتى بدم لا تصالح ولو قيل رأس برأس
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟... أقلب الغريب كقلب أخيك أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك...بيدٍ سيفها... أثْكَلك؟
رحم الله الشاعر الكبير «أمل دنقل»
ورحم كل من سولت له نفسه أن يشاركه الرأى وغفر لمن غفل
إنها ليست مقالة سياسية لأنك عزيزى القارئ تفتح صفحة الفن ولكن الفن
والسياسة أصبحا وجهين لعملة واحدة تلك الأيام فلا فن بدون سياسة ولا سياسة
بدون أسلحة فنية ولكى لا نطيل نفتح باب الموضوع وذلك من بدء الحكومة
الإسرائيلية لحملة إعلامية عالمية تحمل عنوان
Brand Israel الهادفة إلى تلميع صورة إسرائيل فى أنحاء العالم وفى إطار تلك الحملة
وبمساعدة العناصر الصهيونية العالمية تم استغلال مهرجان "تورنتو" السينمائى
الدولى وإقناع القائمين عليه بالمشاركة فى الحملة من خلال اختيارهم لمدينة
"تل أبيب" للتكريم هذا العام فى قسم (مدينة ومدينة) مشيرا إلى أن مدينة "تل
أبيب" ذات المائة عام مازالت هى تلك المدينة الشابة التى تمتلئ بالتنوّع و"
التنوّع " الذى يشير إليه المهرجان إنما هو قائم على إبادة الفلسطينيين
وثقافتهم وعلى أنقاض المدن الفلسطينية ويتضمن برنامج المهرجان 10 أفلام
إسرائيلية تسلط الضوء على مدينة "تل أبيب" وقد وقع الاختيار على تورنتو
لأنها معقل للحركة الصهيونية فى القارة الأمريكية وأكثر مدن العالم ازدحاما
باليهود خارج إسرائيل وقد بدأ الجدل الأسبوع الماضى عندما سحب المخرج
الكندى "جون جريسون" فيلمه من المهرجان فى إطار الاحتجاج على تكريم "تل
أبيب" ما دفع مجموعة من المشاهير، على رأسهم النجمان السينمائيان "جين
فوندا" و"دانى غلوفر"، والكاتبة المسرحية، "إيف انسلر" إلى كتابه رسالة إلى
الإعلام وشارك فى التوقيع على هذه الرسالة كل من عالمة الاجتماع الكندية "نعومى
كلاين"، والمخرج البريطانى " كين لويتشو " اتهموا إدارة المهرجان بـ(التواطؤ
مع آلة الدعاية الإسرائيلية)، مشبهين ذلك بالاحتفال بجنوب إفريقيا فى عهد
الفصل العنصرى وأضافوا فى رسالتهم أن: (النظر إلى تل أبيب الحديثة
والمتمدنة من دون أن يؤخذ فى الاعتبار ماضى المدينة وواقع الاحتلال
الإسرائيلى للضفة الغربية وقطاع غزة وإنها بنيت على العنف وتجاهل الذين
بنوها لمعاناة الآلاف من الذين كانوا مقيمين هناك وأحفادهم)، وشبهوا ذلك
الاحتفال بأنه أشبه بالتهليل لجمال وأناقة الحياة فى المدن المقصورة على
البيض مثل " الكاب " و"جوهانسبرج " خلال فترة الفصل العنصرى بدون الاعتراف
بوجود مدن السود مثل " كاييليتشا وسويتو" فى المقابل رد " كاميرون بايلي"
المشارك فى إدارة المهرجان، على هذا الموقف بقول (إن المهرجان يعرض فى
الواقع فيلمين لمخرجين فلسطينيين وآخرين عرب)، وعلى جانب آخر اعتبر الحاخام
(مارفن هاير) الفائز بجائزتى أوسكار كمنتج لفيلمي"
The Long Way Home" "Genocide"، (إن هذه المقاطعة للمهرجان ما هى إلا عبارة عن
هجوم على قلب وروح إسرائيل) وأكد أن (الأشخاص الذين يدعمون مثل هذه الرسائل
هم الأشخاص الذين لا يؤيدون حل الدولتين بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين
لكنهم يدعمون حل الدولة الواحدة ما يعنى دمار دولة إسرائيل، وأنا أصفق
لمنظمى المهرجان لاحتفائهم بالذكرى المئوية لإنشاء تل أبيب، فلو كانت كل
مدينة فى الشرق الأوسط متنوعة ثقافيا ومنفتحة على حرية التعبير مثلها لكان
السلام قد حل منذ أمد بعيد)، ويشارك فى المهرجان هذا العام 335 فيلما من 64
دولة، منها 116 فيلما تعرض للمرة الأولي، وقد يتساءل البعض (واحنا بايدنا
ايه نعمله ده مهرجان كندي) لنعود إلى ما يخصنا، وهو مشاركه 6 أفلام عربية
فى المهرجان (الوقت الباقي) "إيليا سليمان" و(إحكى يا شهرزاد) "يسرى نصر
الله"، و(كل يوم عيد) "ديما الحر"، و(هليوبليس) أحمد عبد الله، و(نهر لندن)
"رشيد بوشارب"، و(المسافر) "أحمد ماهر"، منها للأسف ثلاثة أفلام مصريه
أحدهم للمخرج (يسرى نصر الله) صاحب فيلم "باب الشمس" الذى تناول تاريح
القضية الفلسطينية، وقد سارع المخرجون العرب بالتوقيع مع الخمسين مفكرا
وفنانا على رسالة الاعتراض على تكريم المهرجان لتل أبيب ولكن لم يعلن أى
منهم انسحابه رغم انسحاب غير العرب مثل المخرج الكندى (جريرسون) الذى اعتبر
أنه من غير المقبول أن يستعمل المهرجان الدولى فى الدعاية لنظام عنصرى كما
استنكر تواطؤ المهرجان مع ماكينة (البروباجندا) الإسرائيلية فى حين أصدر
المخرج "يسرى نصر الله" وزميله "أحمد عبد الله" بياناً يعلنان فيه (أنهما
لن يتركا الساحة لإسرائيل وسيستمران فى المنافسة ولن ينسحبا من أمام
إسرائيل هذه المرة)، وهو ما يمكن أن نعتبره كلاما قويا وثوريا ولكن فى ظروف
أخري، ولكنه هنا يمثل كلاما أجوف و(عيب يطلع من فنانين محترمين) ـ حسب ما
هو مفترض ـ فقد يصلح هذا المنطق لتبرير المشاركة العربية فى مهرجانات دولية
تستضيف إسرائيليين للمنافسة فلن نترك المحافل والمهرجانات الدولية لهم،
ولكن لا يعنى بأى حال أن نشارك فى الاحتفال بتل أبيب ولا بتكريم إسرائيل
والاحتفاء بالصهيونية والمشاركة فى الدعاية لها، فأى عار هذا تلحقونه
بأنفسكم من أجل جائزة من مهرجان، هذا إن استحقها أحدكم وهو ما لن يحدث
لأنكم تسعون وراء أوهام فاستمعوا إلى "أمل" يتحدث عن عودتكم من " تورنتو"
مطأطئ الرؤوس.
أيتها العرافة المقدسة جئت إليك مثخنا بالطعنات والدماء
أزحف فى معاطف القتلي، وفوق الجثث المكدسة
منكسر السيف، مغبر الجبين والأعضاء
أسأل يا زرقا.. كيف حملت العار
ثم مشيت، دون أن أقتل نفسي، دون أن أنهار
ودون أن يسقط لحمى من غبار التربة المدنسة
العربي المصرية في
15/09/2009 |