الفن والسياسة وجهان
لعملة واحدة..
عملة عظيمة القيمة شديدة التأثير..
سريعة التداول في أعماق
ووجدان الشعوب، وقد أدركت الصهيونية العالمية أهمية تلك العملة وعرفت كيف
تستثمرها وتحقق من ورائها أكبر المكاسب،
وإذا كانت الدولة العبرية قد نجحت طوال
العهود الماضية في استغلال عشرات الأفلام السينمائية لخدمة قضاياها
الاستعمارية
وأفكارها التوسعية،
وفرض أهدافها وأحلامها العبثية، وتجميل صورتها القبيحة أمام
العالم، إلا أنها بدأت تطور من أساليبها وتضاعف من
ألاعيبها، حتي نجحت في
اختراق المهرجانات السينمائية الدولية، ليس فقط من خلال المشاركة الفنية بأفلام
تحمل توقيع مخرجيها، وتتغني بما يسمي »الهولوكوست«
المحرقة النازية لليهود،
وإنما أيضاً من خلال التظاهرات التي أصبحت تقام علي شرف هذا الكيان
الصهيوني،
والاحتفالات التي تهلل لذلك الوجود
القهري الذي قام فوق أنقاض دولة ووطن وشعب
يعيش طريداً شريداً
في المخيمات والملاجئ!
حيث بدأت بعض المهرجانات
السينمائية والمعارض الثقافية منذ العام الماضي في تنظيم احتفاليات
وتظاهرات
بمناسبة مرور 60 عاماً علي إنشاء دولة إسرائيل ومرور
65
عاماً علي
المحرقة اليهودية!
وفي سابقة هي الأولي من نوعها بعث خمسون مفكراً
ومخرجاً
عالمياً برسالة مفتوحة لإدارة مهرجان تورينو الدولي يتهمون فيه المهرجان
بالتواطؤ مع الآلة الدعائية الإسرائيلية،
ويعلنون فيها مقاطعتهم لأنشطة المهرجان
الذي يكرم مدينة »تل أبيب«
في دورته الحالية من خلال قسم
»من مدينة إلي
مدينة« الذي يعرض 10 أفلام تتحدث عن عاصمة الدولة اليهودية!
وقد تصاعدت
القضية بعد قيام المخرج الكندي جون جريسون بسحب فيلمه اعتراضا علي احتفال
المهرجان
بمدينة »تل أبيب« حاضرة إسرائيل..
تلك الدولة العنصرية التي التي تنتهك آدمية
الشعب الفلسطيني، واحتجاجا علي قبول المهرجان تبرعات قدرها مليون ونصف
المليون
دولار من منظمتين
صهيونيتين، وذلك مقابل تسليط الضوء علي إسرائيل وتجميل
صورتها! مما دفع عشرات المفكرين والسينمائيين والمثقفين من كندا وخارجها
للانضمام
إلي المخرج الكندي »جريسون« وتوقيعهم علي الرسالة المفتوحة الموجهة
للمهرجان
ومن بينهم النجمة الأمريكية »جين فوندا«
والمخرج البريطاني الشهير »كين
لوتش«
ونعومي كلين وغيرهم،
واعتبر الموقعون علي رسالة الاحتجاج أن المهرجان
تحول إلي منبر لحملة دعائية تصب في مصلحة إسرائيل،
وتتجاهل واقع الاحتلال
الإسرائيلي
للأراضي الفلسطينية!
إنها المرة الأولي التي يبادر فيها
المثقفون الأوربيون بمثل هذا الموقف القوي ضد أحد المهرجانات
التي تجعل من نفسها
بوقاً للآلة الدعائية الإسرائيلية منذ اندلعت موجة الاحتفاء بدولة اليهود،
وكان
العام الماضي قد شهد أكثر من تظاهرة واحتفالية لدولة إسرائيل، ولم يحدث أن
سمعنا
عن أي مقاطعة أو احتجاج ولو علي استحياء قام به أحد ضد مهرجان سينمائي أو
معرض
دولي! والمرة الوحيدة التي شهدت تحركاً مضاداً
واحتجاجاً فنياً جاءت من
المخرج المصري سعد هنداوي الذي انسحب بفيلمه »ألوان السما السبعة«
من مهرجان
مونس السينمائي الدولي الذي حاد عن رسالته الفنية وانحرف عن هدفه، واحتفي
بمرور
60
عاماً علي إنشاء دولة إسرائيل، وتبعه أيضا موقف المخرج التونسي فاضل
الجعيبي والجزائريان سعيد ولد خليفة وناديا شرابي،
وأبدوا جميعا احتجاجهم علي
إدارة المهرجان التي لم تعلن من البداية عن الإحتفال بدولة تغتصب أرضاً ،وتنهتك
حقاً وتعبث بمصير شعب عربي يجنح للسلم والعدل!
لقد فجرت تلك القضية أزمة في
مصر بعد البيان الذي صدر عن اثنين من الفنانين..
هما المخرج يسري نصرالله،
والسيناريست أحمد عبدالله وذكرا فيه أن مقاطعة المثقفين الكنديين التي تحدث لأول
مرة، تعد عملاً رمزياً يشكل وسيلة ضغط كبري علي المهرجان وتكشف توظيف
الحملة
الدعائية الصهيونية للمهرجان،
ولكن المقاطعة من جانب العرب ستزيد من تواجد وقوة
الضغط الصهيوني!
أي أن الملعب سيكون خاوياً لهم!
ولكن الوسيلة الأفضل للعرب
هي التواجد هناك علي أرض الواقع واستخدام المهرجان بكل أبعاده
لتوضيح الصورة
للعالم، وعدم الإنصياع لوسائله التي تريد حصارنا وتحديد إقامتنا في منطقتنا
العربية داخل حدودنا الجغرافية والإعلامية بعيداً عن حملاتهم الدعائية وجميع
أشكال استخداماتهم للإعلام الغربي والمحافل الدولية،
وأن هذا الحدث المتمثل في
مهرجان »تورينو« يعد فرصة لن تتكرر لأن القضية بالفعل مثارة هناك من شخصيات
جادة تسعي لإيقاف تلك الآلة الدعائية الإسرائيلية الجهنمية،
واستخدام المهرجان
كمحطة لتحسين صورتها أمام العالم!
لكن السؤال الذي يطرح نفسه..
هل من الممكن
أن يقاطع 50 سينمائياً المهرجان ونشارك نحن فيه؟!
لقد رد مدير المهرجان علي
المعترضين الذين قاطعوا المهرجان بأن هناك خمسة مخرجين عرب
مشاركين ولم ينسحبوا أو
يعترضوا؟! فهل يمكن أن يكون المخرجون العرب هم سلاح مدير المهرجان وورقته
الأخيرة
التي يرفعها في وجة المعترضين ؟!
إن ما فعله مدير المهرجان
يعد بلا شك وقاحة
سينمائية لا تغتفر.
والحق أقول إنني علي يقين بأن مشاركة المخرجين العرب بشكل
عام والمصريين علي الأخص سوف يحرج المخرجين والمثقفين الكنديين وغيرهم من
الذين
قاطعوا المهرجان ويضعف موقف الذين وقّعوا علي الاحتجاج،
ولكنني في الوقت نفسه
أؤمن باحترام الرأي الآخر وأعتبر أنه من واجبنا كمثقفين مصريين مناقشة
الأفكار
والرؤي التي طرحها المخرج يسري نصرالله والمؤلف أحمد عبدالله ودراسة وجهتي
نظرهما
دون تشكيك أو تخوين أو مزايدة، فمن حقنا جميعاً أن نختلف،
لكن بموضوعية وبعد
دراسة.. فكل رأي قابل للتغيير أو التعديل طبقا للمتغيرات والأحداث، كما أن
نصر
الله وعبد الله عليهما أيضاً احترام رأي الآخرين إذا ثبت أنه الأرجح والأقوي..
إننا بالفعل نحتاج لوقفة مع العقل نعرف من خلالها..
هل نترك الساحة وننسحب..
أم نتواجد ونواجه؟! هل نعبر عن غضبنا برفض المشاركة..
أم نذهب ونقاوم ونتصدي
لهم؟!
هل نشارك من أعلنوا مواقفهم بقوة ووضوح
ونقف خلف جدار الرفض..
أم
نعبر
أبواب الانتظار ونبحث عن وسائل مشروعة تجعل أصواتنا هي الأقوي؟!
وغيرها من
التساؤلات التي فجرها الموقف الذي أعلنه نصرالله وعبدالله من خلال بيان
قررا فيه
عدم إفساح المجال للتظاهرة الصهيونية لكي تنفرد بصوتها في محفل
دولي مهم مثل
تورنتو، والإصرار علي استخدام سلاح المشاركة العربية لدعم موقف المثقفين
والفنانين الكنديين،
ودعوة المزيد منهم لفضح الممارسات الإسرائيلية والتضامن مع
الشعب الفلسطيني،
حتي يظهر جلياً للعالم كله أن صوت فناني المنطقة العربية
موجود ولا يمكن إغفاله أو إسكاته!
أخبار النجوم المصرية في
12/09/2009
سينمائيات
ليال باريسية
مصطفي درويش
لم تدم اقامتي
في باريس سوي أربع ليال، لم اشاهد خلالها سوي أربعة أفلام،
كان اختيارها، من
بين حوالي أربعمائة فيلم، أمرا عسيرا.
وأيا ما كان الامر، فأول عمل
سينمائي شاهدته كان »إلي
الأعالي« فيلم التحريك الذي افتتحت به عروض مهرجان
»كان«
الأخير.
أما آخر ما شاهدته، قبل أن استقل القطار السريع من محطة
الشمال سجار دي نور« في طريقي الي مدينة كولونيا، ومنها بالسيارة الي ميناء
همبورج الرائع الجمال.
كان »برونو«
ذلك الفيلم الذي تدور احداثه من أول
وحتي آخر لقطة حول شخصية اسمها »برونو«
يقال انها من ابتكار الممثل الهزلي »ساشا
بارون كوهين«. وكلا الفيلمين امريكي وفيما بينهما شاهدت الفيلم الدانمركي
»المسيخ
الدجال«.
فالفيلم الياباني »راحلون«
الفائز بجائزة أوسكار أفضل
فيلم أجنبي »٩٠٠٢« وفيما عدا »الي الاعالي« فالافلام الاخري لم تعرض بعد في
ديار مصر، ولا ينتظر أي عرض عام لها في مستقبل قريب أو بعيد »والي
الاعالي«
يحمل توقيع استديوهات »ديزني« ومهرها الموهوب استديو »بيكسار«.
ويعد،
بحق، آخر ابتكارات »بيكسار« في مجال الرسوم المتحركة ثلاثية الابعاد
والمقصود من افتتاح مهرجان »كان«
به، الامر غير المسبوق في تاريخ المهرجان
العريق، هو تكريس ذلك النوع من التفوق التكنولوجي الذي تعلق عليه
استوديوهات
هوليوود أكبر الآمال.
وكالمعتاد حرم المتفرج المصري من مشاهدته،
معروضا
بطريقة الابعاد الثلاثة، مما افقده قدرا غير قليل من الابهار و»المسيخ الدجال«
و»برونو«
أكثر الافلام الاربعة اثارة للجدل الذي وصل
في بعض الاحيان الي حد
الشجب والخصام.
والفيلم الاول صاحبه »لارس فون ترير«
المخرج الدانمركي
ذائع الصيت ومن بين أفلامه اذكر رائعته »تكسير الامواج«
»٦٩٩١« لأقول انه
أثناء فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي »٧٩٩١«
جري العمل علي الاكتفاء
بعرض النصف الاول من »تكسير الأمواج«
لاحتوائه علي مشاهد جنسية،
يفتقدها
النصف الثاني وبذلك اتيح للفيلم أن يعرض أثناء ساعات اليوم الواحد عشر مرات
أو
يزيد!!
و»المسيخ الدجال«
كان من بين أفلام المسابقة الرسمية المتنافسة علي
السعفة الذهبية لمهرجان
»كان« وعن ادائها فيه فازت نجمة السينما الفرنسية
»شارلوت
جينسبورج«
بجائزة أفضل ممثلة.
والحق انها تستحقها بجدارة وفي وصف
ادائها لمشهد الانهيار العصبي داخل
غرفة الاستحمام، قال المخرج في حديث أدلي
به الي مجلة »سايت آند ساوند« (صورة وصوت)
انه
»يندر رؤية اداء رائع مماثل
له في فيلم«.
ويتقاسم بطولة الفيلم معها النجم الامريكي
»ويلم ديفو«
السابق له تقمص شخصية السيد المسيح في فيلم الاغراء الاخير للمسيح (٨٨٩١)
لصاحبه
المخرج الامريكي »مارتين سكورسيزي«.
ومعروف أن الفيلم مأخوذ عن رواية بنفس
الاسم من تأليف »نيكوس
كازانتزاكيس« الاديب اليوناني الشهير.
وحتي يومنا
هذا لم تتح للفيلم فرصة العرض العام عندنا وفي »المسيخ الدجال«
تلعب »شارلوت«
دور الزوجة المنهارة عصبيا ويلعب »ويلم«
دور الزوج الذي يحاول
دون جدوي الوصول بها الي بر الشفاء.
وجميع احداث الفيلم تدور في ربوع
غابة
عذراء اسمها »عدن« وشخوصه اثنان، هو وهي وكأن صاحب يريد بذلك ان
يرمز بهما
الي آدم وحواء، والصراع الدائر بينهما الي يوم الدين.
Moustafa@Sarwat.De
أخبار النجوم المصرية في
12/09/2009 |