إسماعيل ياسين فنان كوميدي ممتع، بسيط، لديه القدرة على الإضحاك، فإذا
ظهر له فيلم على الشاشة اجتمع كل صغار وكبار الأسرة ليضحكوا منه ومعه رغم
مشاهدتهم له أكثر من مرة، ورغم وفاته من عشرات السنين، إلا أنه لايزال ملء
السمع والبصر، بل ويتضاعف جمهوره ومحبوه يوما بعد يوم.
كما أن أفلامه العديدة والقديمة «الأبيض والأسود» هي المادة المفضلة
لدى قطاع عريض من المشاهدين في عالمنا العربي، ولأن الاقتراب من شخصيته ليس
بالأمر الهين، جازف الممثل الكوميدي أشرف عبد الباقي وأطل علينا في الشهر
الكريم مرتديا ثوب إسماعيل ياسين من خلال مسلسل تناول سيرته الذاتية وحمل
عنوان «أبو ضحكة جنان». امتلك إسماعيل ياسين الصفات التي جعلت منه نجما من
نجوم الاستعراض حيث إنه مطرب ومونولوجست وممثل، وظل أحد رواد هذا الفن على
امتداد عشر سنوات «1953ـ 1954» ثم عمل بالسينما وأصبح من علاماتها في مجال
الكوميديا، وهو ثاني اثنين في تاريخ السينما أنتجت لهما أفلام بأسمائهما
بعد ليلى مراد، ومن هذه الأفلام: «إسماعيل ياسين وطرزان، وفى متحف الشمع،
وإسماعيل ياسين للبيع، وإسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة، وفي الجيش،
وعفريتة إسماعيل ياسين، وفي البوليس، وفي الطيران، وفي البحرية، وفي دمشق،
وفي مستشفى المجانين».
في عام 1954 أنشأ إسماعيل ياسين فرقة باسمه واستمر نشاطها الفني حتى
عام 1966، وقد شاركه فيها عدد كبير من كبار النجوم والأصدقاء المقربين له،
ومنهم رياض القصبجي، زينات صدقي، حسن فايق، عبد الفتاح القصري، واستعان في
فرقته بعدد من المخرجين المتميزين مثل: السيد بدير، محمد توفيق، عبد المنعم
مدبولي، نور الدمرداش، ومن أهم النجوم الذين وقفوا على خشبة مسرحه عبد
الوارث عسر، شكري سرحان، سناء جميل، تحية كاريوكا.
ولد إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر 1915 ورحل عن دنيا الوجود في 24 مايو
1972 بمدينة السويس، أفلس والده الصائغ المعروف بشارع عباس في السويس
وانتهي به الأمر إلى السجن، الأمر الذي دفع الطفل «إسماعيل» إلى هجر المنزل
وترك الدراسة بعد أربع سنوات فقط من المرحلة الابتدائية والعمل «منادي
سيارات» بأحد مواقف السويس، وعندما بلغ العشرين من عمره نزح إلى القاهرة
وذلك في مطلع الثلاثينات، حيث بدأ إسماعيل ياسين مطربا ثم «مونولوجست» ذلك
الفن الذي اندثر بعد أن كان يرصد وينقد الظواهر الاجتماعية السائدة في هذا
العصر.
كان حلم إسماعيل ياسين أن يكون مطربا لامعا وله جمهور عريض، وكان يرى
في نفسه انه أفضل من الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، لذا جاء إلى
القاهرة وطرق أبوابها ونوافذها من أجل أن يلامس حلمه أرض الواقع، ولكن
هيهات أن يروي العطشان كثرة التمني فقد حجب شكله وخفة ظله عنه النجاح في
الغناء، وتحول إلى نجم من نجوم الاستعراض وراح يقدم المونولوج ويمثل في وقت
واحد، ومرت الأيام وتعاقبت السنوات وانتقل إسماعيل ياسين إلى السينما وأصبح
أحد أبرز نجومها.
في موسم رمضان الحالي، دخل إسماعيل ياسين مسلسلات السير الذاتية التي
انتشرت في السنوات الأخيرة وكان بالفعل آخر ضحاياها، لأنها للأسف رسمت صورة
سلبية على حساب ملامح أخرى معروفه عنه، وأطاحت بصفات لديه للوصول إلى
قناعات قد تكون غير حقيقية في خط حياته، فشخصيته تعتبر أكثر صعوبة أولا
لأنه من نوعية السهل الممتنع، وكان شديد الصرامة في حياته الخاصة وبسيطا
جدا في أفلامه، ولكن النجم أشرف عبد الباقي قرر اختيار أسهل الطرق لتكون
مفتاحه إلى عالم إسماعيل ياسين.
قام اشرف بتقليد إسماعيل ياسين الممثل من خلال أفلامه ومن خلال طريقة
تشخيص أعماله، وكانت النتيجة أنه صدر للناس مفهوما ساذجا، إن إسماعيل ياسين
رجل عبيط أبله بلا شخصية، ثم دمر كفاحه وجعل حياته مجرد إنسان بسيط ضحية
ظروف ويستجدي العطف من الآخرين، فكيف يصدق فنان بقدر وقيمة أشرف عبد الباقي
أنه لا توجد فوارق بين الشخصيتين «الإنسان والممثل».
وكيف يصدق أيضا فنان كبير في قامة المخرج محمد عبد العزيز أن هذا هو
الطريق للتعبير عن كوميديان ترك إرثا مهما في تاريخ السينما المصرية، ليس
هذا هو إسماعيل ياسين الفنان صاحب المواقف، والذي كان يعرف ماذا يقدر وماذا
يرفض ومع من يجلس، فقد كان مبدعا حقاً، ولكنه أبدا لم يكن عبيطا ينتظر
الفتات من الآخرين، إن ما يحدث في مسلسله «أبو ضحكة جنان» أمر غريب ومريب
ويحتاج إلى وقفة جادة تعيد للإنسان قبل الفنان مكانته التي يستحقها.
البيان الإماراتية في
07/09/2009 |