هذا العدد الضخم من مسلسلات
»السيت
كوم«
تستطيع ان تعتبره بمثابة احتجاج علي تلك المسلسلات ضخمة الجثة
عريضة
المنكبين والتي تملأ التليفزيونات العربية طوال شهور العام وخاصة في رمضان
ولأن لكل
فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه ولهذا ظهرت هذه المسلسلات
قبل نحو
٥
سنوات كنوع من الاحتجاج وكانت البداية مسلسل »راجل وست ستات«
الذي كتبه »عمرو سمير عاطف«
وأخرجه »أسد فولادكار« وحقق نجاحا لا يمكن إنكاره ثم انضم
للطابور »تامر وشوقية« وتتابعت المسلسلات التي اصبحت لاتسند بطولتها فقط
لأشباه
النجوم ولكن من يعتقد أنه ممثل او يريد ان يؤكد لاقرانه انه
ممثل..
هذا العام
مثلا اكتشفوا فجأة ان النجم المسرحي المخضرم »محمد
نجم« ابتعد عن السينما
والتليفزيون قبل نحو
٥٢
عاما فصنعوا له سيت كوم
»يس في مستشفي المجانين«..
وكان »أحمد رزق« قد وجد نفسه بعيدا عن المسلسلات الدرامية هذا العام فقدموا
له »فؤش«
أما »عمرو رمزي« الذي نجح له برنامج »حيلهم بينهم«
في العام
الماضي صنعوا له هذا العام مسلسل سيت كوم يلعب بطولته وصار
لدينا فنانين لهم
اسماءهم ومطلوبون بقوة في المسلسلات الدرامية لا يجدون بأسا من الانتشار
عبر السيت
كوم يصوروها في وقت فراغهم ولا أدري كيف ومتي وأين عثروا علي هذا الفراغ
مثل »هالة فاخر«،
»حسن حسني«، »ميمي جمال«، »أحمد راتب« هؤلاء يساهمون
بقسط وافر في تلك المسلسلات لاشك أنك تستطيع أن تدرك بالأرقام أن النجاح
التجاري هو
الدافع لانتاج مزيد من هذا النوع والمؤكد ان معادلة المكسب والخسارة كانت
أنها لها
تحقق رواجا بدليل أنها شكلت علي الخريطة الدرامية نسبة ملحوظة
لايمكن سوي ان نلاحظ
انتشارها وكل عام تزداد الدائرة وصحيح أن هناك تراجع في استمرار الأجزاء
المتتالية
فلم يستطع الاستمرار بعد »راجل وست ستات«
و»تامر وشوقية«
سوي فقط مسلسل
»العيادة«
الذي يقدم العام جزؤه الثاني..
باقي المسلسلات كانت المرة الأولي هي
الاخيرة أيضا!!
ان مفهوم السيت كوم ملتبس في مصر وعالمنا العربي حيث إنه أقرب
في روحه الاخراجية الي المسرح ولهذا ستجد ان هناك دائما كنبة ضخمة في
المنتصف ليجلس
عليها الممثلون ويواجهون الجمهور الافتراضي..
في الاعمال المصرية لايوجد جمهور
نظرا لأن هذا يزيد من التكلفة ويحتاج الي تنفيذ اخراجي يجعل الجمهور جزء من
اللعبة
استعاضوا عن ذلك بشيء آخر وهو تسجيل ضحكات وزرعها في كل جنبات العمل الفني
وتستمع
بين الحين والاخر الي ضحكة عالية مسجلة وكأنهم يقولون لك اضحك
هذه نكتة..
ليست
فقط الضحكات المعلبة هي التي تشكل مأزق هذا النوع ولكن الاستسهال في كل شيء
حيث ان
الاضاءة المنتشرة هي الملعب الأساسي فالمطلوب هو اختصار التكاليف واجهاض أي
محاولة
للاجادة كما ان العمل الفني محدود التكاليف ولهذا ينبغي البحث عن نجوم
ويحصلون علي
أقل الأجور حتي الذين يحصلون علي أرقاما اكبر فإنهم يتساهلون
في السيت كوم علي
اعتبار القاعدة الاقتصادية الشهيرة هامش الربح ومعدل الدوران.. الهامش ضئيل
بالمقارنة بالمسلسلات ولكن الانجاز أسرع..
المسلسل الذي يستغرق تصويره
٤ اشهر
تتحول فقط الي ٤ أسابيع فإذا حصل الفنان علي نصف أجره فإنه في هذه الحالة
يصبح
كأنه قد كسب الضعف في نفس الفترة الزمنية..
والغريب هذا العام اننا وجدنا بعض
المخرجين الذين حققوا نجاحا لا ينكر في السينما يتجهون الي السيت كوم ولن
تجد اي
تفسير لذلك سوي ان المكسب المادي السريع كان هو الدافع لانتاج مثلا »هالة
خليل«
التي قدمت فيلم »قص ولزق« الحاصل علي العديد من الجوائز أنتجت مسلسل سيت
كوم
»٦
ميدان التحرير«
وأخرجته المخرجة المتألقة
»كاملة أبوذكري«
التي تشارك في
قسم آفاق بمهرجان »فنيسيا«
بفيلمها
»واحد صفر«.. مثلا مدير التصوير الناجح »محسن
احمد« والذي اتجه مؤخرا ايضا للاخراج تكتشف له هذا العام مسلسل »بيت
العيلة«!!
هل الصورة سيئة تماما؟ الواقع ان هذه المسلسلات بها نصف كوب ملآن
الوجه الآخر للصورة هو أنها قدمت لنا عددا من الموهوبين في مجال التأليف
مثل
»عمرو
سمير عاطف«
الذي منح شرعية لما يعرف بورش كتابة السيناريو انه أشبه
بالأسطي في الكتابة ومعه صبيان..
تعودت السينما المصرية علي هذا النظام خلال
الخمسينيات والستينيات وحتي السبعينيات وربما تجد له بعض بقايا حتي الان..
كان
نظام أقرب للسخرة كاتب كبير يمنح صبيانه أجورا شهرية ضئيلة مقابل ان يعملوا
لحسابه
كما ان أسماءهم بعيدة تماما عن الأضواء لا أحد يعرف شيئا عن
هؤلاء الذين ارتضوا
حياة الظل ولهذا أطلقوا عليهم تعبيرا موحيا باللغة الإنجليزية »كاتب الظل«
shadow wrirer..
الذي حدث في السيت كوم هو أننا صرنا نقرأ
أسماءهم علي الأعمال
الفنية التي يشاركون في انجازها..
كتاب الورشة او التأليف الجماعي يتيح ان
تتلافح وتنمو الأفكار التي بها قدر لاينكر من-
الروشنة-
اي أنها تعتمد علي روح
عصرية في الكتابة تأخذ من مفردات الحياة التي يعيشها الشباب وتضيف اليها..
تسامح
المشاهد معها في البداية لاشك لعب هذا دورا ايجابيا في انتشارها ولكن الي
حين..
قدمت هذه المسلسلات للحياة الفنية عددا من الموهوبين في مجال
الكتابة بعد »عمرو
سمير عاطف« ظهرت أسماء »وائل حمدي«، »نادين شمس«، »نبيل ميشيل«، »محمد العايدي«
كما انطلق منها مثلا نجم الكوميديا »احمد مكي«
الذي كان يؤدي
دور بطولة ثانية في »تامر وشوقية«.. هذا هو الوجه الايجابي للصورة!!
إلا
أن السؤال هل تلقي السيت كوم مصير برامج الكاميرا الخفية؟!
كانت الكاميرا
الخفية هي طابع المميز لرمضان قبل عشر سنوات..
كنت تفتح التليفزيون لتكشف هذا
الحصار الذي لاينقطع من تلك البرامج ثم حدث تشبع من المشاهدين واختفت
تدريجيا من
الشاشة الصغيرة حتي زعيم الكاميرا الخفية
»ابراهيم نصر« ابتعد عن هذا المجال
وأصبح في رمضان يكتفي بأن يروي مذكراته حول هذا البرنامج الذي بلغ نجاحه في
منتصف
التسعينيات ان شخصية »زكية زكريا«
التي ارتبطت بابراهيم نصر قدم عنها فيلم
ومسرحية بل وصنعوا لها عروسة ولكن كل شيء انتهي وتوقفت تلك البرامج وما
تبقي منها
الآن لا يتذكره..
احد.. ويبدو ان هذا مع الأسف هو المصير الذي ينتظر السيت
كوم!
أخبار النجوم المصرية في
03/09/2009 |