يهوى شيخ المخرجين إسماعيل عبدالحافظ الإبحار في المناطق المحظورة،
وعدم التوقف عند لافتة «ممنوع الاقتراب أو التصوير».. همه الأكبر هو
الإنسان بماضيه وحاضره ومستقبله.. يفتش ويبحث عن الثورة الكامنة بداخله
ليبرزها من جديد في صورة بركان ثائر ضد الخضوع والاستسلام لمساوئ العصر،
يبرزها قبل أن يجرفه التيار لشاطئ بلا عودة.. بدا هذا واضحاً في كل أعمال
عبدالحافظ منذ «الشهد والدموع».
وانتهاء بمسلسل «المصراوية» الذي يعرض الجزء الثاني منه حاليًا في
رمضان.. تفاصيل وقضايا كثيرة تتعلق بالدراما العربية التي قال عنها أنها
تعيش أزمة نصوص الى جانب الحديث عن الدراما المصرية والخليجية ، وإلى
تفاصيل الحوار..يبدأ عبدالحافظ حواره بالحديث عن «المصراوية»، فيقول: «المصراوية
ملحمة تضم عدة أجزاء انتهينا من الجزء الأول منها، ودارت أحداثه من بداية
العام 1914 أيام الحرب العالمية الأولى، وانتهينا في الجزء الأول لعام
1923، حيث أعلنت الملكية، وأصبح السلطان أحمد فؤاد ملكًا على مصر، أما
الجزء الثاني من الملحمة فيبدأ حيث انتهى الجزء الأول العام 1923، وتستمر
أحداثه حتى العام 1927 وذلك بعد وفاة زعيم الأمة سعد زغلول».
ورغم أن زمن أحداث الجزء الثاني أربع سنوات؛ لكنها كانت علامات فارقة
في تاريخ الشعب المصري، وقد قمنا خلال المسلسل بعمل مسح اجتماعي وسياسي
واقتصادي لدلتا مصر آنذاك، من خلال مجموعة من الأحداث المتداخلة التي
تتمركز حول العمدة فتح الله الذي يسعى لتثبيت حكمه، وأن ينعم شعبه بالخير،
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث تبدأ الصراعات ولا تنتهي، بل
تتداخل دون أمل في حلها، وهذا ما سنراه مع نهاية الجزء الثاني حيث سيتغير
مسار الأحداث ل360؟.
قصة نجاح
·
أراك مهتمًا كثيرًا بهذا العمل..
فما المواصفات التي يحملها مقارنة بأعمالك السابقة؟
«المصراوية» عمل ملحمي يتسم بالجدية الشديدة واحترام عقل ووجدان المشاهد في
مباراة تمثيلية مكتوبة بشكل غير عادي، وكل العناصر الفنية تم توظيفها بشكل
جيد، فضلاً عن أن كل الفنانين من ممدوح عبدالعليم وميس حمدان وسميحة أيوب
ومنال سلامة ووائل ونور ومحمد عبدالجواد تم توظيفهم بشكل جيد، وحاولوا أن
يقدموا أجمل ما لديهم، وزاد عليهم الشاعر سيد حجاب الذي قدم كلمات البداية
والنهاية، ليخرج «المصراوية 2» إلى النور، وفي أجمل صورة.
·
من وجهة نظرك.. هل حقق
«المصراوية» في جزئه الأول النجاح الذي كنت تتمناه؟
«المصراوية 1» حقق النجاح، ولكن ليس في وقت عرضه الأول في شهر رمضان؛ لأنه
كان حصريًا على قناة «دبي» مما أفقده الرؤية، ولم يشاهده إلا عدد قليل، إلا
أنه بعد ذلك بدأ عرضه متزامنًا في أكثر من محطة تليفزيونية، ولفت الأنظار
بشدة، والتف من حوله الجماهير والنقاد، وأخذ حقه، ولذلك حرصنا ألا تتكرر
المشكلة في الجزء الثاني الذي يتم عرضه في رمضان في أكثر من 8 محطات في وقت
متزامن.
وأعتقد أن حظ الجزء الثاني سيكون أوفر وأفضل، لأنه أكثر حياة وتدفقاً،
خاصة بعدما أرسينا الأساس في الجزء الأول، وبدأنا نكمل البناء الذي وضعنا
أساسه، وتجديدا في انتقالنا ما بين الريف والبندر، وأعتقد أن نجاح
المصراوية يؤكد أن العمل الصادق والجاد مازال له جماهير أي أن الذوق العربي
لم يفسد بعد.
خمسة أجزاء
·
كم عدد أجزاء «المصراوية»؟ وهل
لا بد من تزامن تلك الأجزاء في أعوام متتالية؟
هي تقريبًا خمسة أجزاء، ولكن ليس من الضروري تزامن عرضها في أعوام
متتالية، خاصة أن ذلك لا يؤثر في ملحمة العمل، وهذا حدث من قبل في «ليالي
الحلمية» كنا نفعل ذلك، ولكن الناس ترتبط بالعمل القوي، خاصة الأعمال التي
تهتم بعقلية واتجاه المشاهد، وأيضًا مسلسل «المصراوية» كان محدد له أن يعرض
في رمضان الماضي، ولكن بسبب ظروف مرضي ومرض أسامة أيضًا أجلناها لهذا
العام، ولا نقدر على تحديد هل نكمل الجزء الثالث رمضان القادم أم لا؟، لأن
ذلك يكون على حسب الظروف.
·
تغير الأبطال في العمل من جزء
لجزء هل ذلك يؤثر في العمل الدرامي؟
لا يؤثر تغيير الأبطال في العمل مادام تم استبدلهم بأبطال لهم القدرة
على تقديم الدور في أفضل وأحسن صورة، وهذا حدث أيضًا في مسلسل «ليالي
الحلمية»، ولم يتأثر بذلك التغيير لأنه في النهاية عمل قوي ولا يتوقف على
شخص.
اعتذارات غير منطقية
·
لكن.. ألم تنزعج من اعتذار أبطال
«المصراوية» عن الجزء الثاني؟
لا يزعجني ذلك فهم أحرار في اختيارهم، على الرغم من أن أسباب الاعتذار
غير منطقية، فهشام سليم كان مضى العقد وأخذ العربون، ثم اعتذر بدون أسباب،
أيضًا غادة عادل اعتذرت بدون أسباب مقبولة أو منطقية.
وذلك من حقهم، ولكن كان لا بد من الرجوع لي في الأصل، واتباع الأصول
وأخلاقيات المهنة في الرجوع لقائد العمل، ونحن تغلبنا على ذلك واستبدلنا
هشام سليم بممدوح عبدالعليم وغادة عادل بميس حمدان وروجينا بدلاً من منال
سلامة وأسامة عباس بسعيد عبدالغني.
·
من الذي رشح ميس حمدان وهل قدمت
الدور مثل غادة عادل؟
أنا والمؤلف قمنا بترشيح ميس حمدان، وكانت هناك مرشحات كثيرات للدور،
ولكن تم الاستقرار على ميس لأن لديها مقومات جادة وحقيقية للتمثيل،
وبالنسبة للأداء فغادة عادل قدمت دورها في حدود المطلوب منها وقدمته بشكل
جيد، وأيضًا ميس حمدان بذلت مجهودًا كبيرًا جدًا وهي فنانة مجتهدة وقدمت
الدور جيدًا، خاصة أننا في السيناريو عدلنا قليلا في الدور، وأصبح أكثر
مرحًا في العمل.
·
معظم أعمال إسماعيل عبدالحافظ من
أجزاء ، فما السر في ذلك؟
لا يوجد سر، ولكن كل عمل وطبيعته فمثلاً «الشهد والدموع» كان مسلسل
متصلا طويلا، ولكن حدث تعثر إنتاجي من الشركة الخليجية التي كانت تنتجه،
وتوقف ولم يكتمل، ولكننا قمنا في مصر بعد ذلك بتحديد جزء ثانٍ له، وأصبح من
جزئين لأن طبيعة الأحداث تطلبت ذلك، أيضًا «شارع المواردي» كانت أحداثه
طويلة ولم تغط في جزء واحد؛ لأنها مهمة .
ولا يمكن اختصارها فنفذناها في أجزاء.. أما «المصراوية» فنحن نخطط له
من 9 سنوات، ونفكر فيه أنا والمؤلف أسامة أنور عكاشة كمشروع من المشاريع
المهمة التي ترصد الحياة في شمال الدلتا مرورًا بأحداث كبيرة حدثت على مدار
قرن من الزمان، وتستمر لوقتنا هذا.
·
كيف جاءتكم فكرة العمل أنت
والسيناريست أسامة أنور عكاشة؟
الدراما المصرية في الأغلب والأعم تركزت أحداثها بين القاهرة
والإسكندرية بنسبة 95%، بينما لم يأخذ الوجه البحري حقه، غير أنني وصديق
عمري أسامة أنور عكاشة من مواليد كفر الشيخ العام 1941.
وقد عاصرنا أحداثًا كثيرة مؤلمة ومتعبة وسهلة لذلك فكرنا في عمل
إطلاله من خلال ما بقي من الذاكرة لدينا، فأنا من القرية وهو من المدينة،
وكل منا ظل يتذكر ما سمعه وشاهده، وما تبقى من ذكريات الطفولة لديه وظل
المشروع يدرس إلا أن تم البدء فيه قبل عامين من عرض الجزء الأول.
البيان الإماراتية في
03/09/2009 |