مع اقتراب شهر رمضان من الوصول إلى منتصفه، يكون النقاد والمشاهدون
المتابعون للدراما التلفزيونية قد قطعوا شوطاً كبيراً في رصد هذه الأعمال
وتحليلها بهدف الوصول إلى الايجابيات التي اتسمت بها، وأيضاً الكشف عن
السلبيات التي وقعت فيها.
وعلى الرغم من التباين الذي يصاحب هذه الرؤية من ناقد أو مشاهد لآخر،
يبقى هناك اتفاق بين الكثيرين منهم على أن معظم الأعمال الدرامية هذا العام
لم تنجُ من فخ التشابه الكبير بين أحداثها، نظراً إلى تناولها قضايا واحدة.
(الحواس الخمس) يحلل ويرصد مضمون المائدة الدرامية المصرية في قراءة
سريعة.هذا التشابه، أرجعه عدد من النقاد إلى لعب الدراما الرمضانية هذا
العام على وتر القضايا السياسية والاجتماعية التي شغلت الرأي العام العربي
خلال الأشهر الماضية، فمن قضايا الصراع بين المال والسلطة وقضايا الفساد
والاحتكار والتلاعب بالقانون إلى قضايا الصراع العربي الإسرائيلي
والجاسوسية وزواج السياسة بالفن وانتهاء بقضايا القتل والعنف التي فرضت
نفسها على المجتمع العربي في الآونة الأخيرة دارت أحداث الكثير من الأعمال
الرمضانية.
وبقراءة سريعة في مضمون المائدة الدرامية المصرية، يتبين لنا أن
السلطة ورأس المال وارتكاب جرائم القتل تحت حماية السلطة، وهي فكرة مكررة
سبق وتناولتها الدراما الرمضانية، كانت هي المحور الرئيسي لعدد من الأعمال
الرمضانية هذا العام، أبرزهم مسلسل «أفراح إبليس»، فأحداث المسلسل التي
يتابعها المشاهدون يوميا تناولت فكرة الصراع على المال والسلطة من خلال أب
يترك لأبنائه ثروة ضخمة غير أن أحدهم يعارضه لقناعته بأن جمع ثروته من
أعمال غير مشروعة.
صراع المال والسلطة
انطلاقا من الصراع نفسه- صراع المال والسلطة- جاء مسلسل «الرحايا»
للفنان نور الشريف، حيث دارت الأحداث حول كبير عائلة أبو دياب الذي يجسد
شخصيته نور الشريف وهي شخصية حقيقية لرجل صعيدي وصارم يجمع بين المال
ويتزوج ويطلق أربع مرات، وينجب من خلالها عددا من الأولاد الذين يثيرون له
المشكلات مما جعله يتعاون مع عدد من مطاريد الجبل لتحقيق مصالح من ناحية،
وحماية أولاده من ناحية أخرى.
أما قضايا تجارة المخدرات، والتي سبق وتناولتها الدراما والسينما
المصرية كثيرا، فقد تناولتها من جديد الدراما المصرية من خلال مسلسل
«الباطنية» الذى ناقش العالم السري لتجارة المخدرات بطرح لا يختلف عما طرح
من ذي قبل، حيث تركز الأحداث على تاجر يمتلك مغلقا للخشب كستار لتجارة
المخدرات؛ فيما تحارب ابنته تلك التجارة المحرمة من خلال الندوات الثقافية.
واستمرارا لقضايا الفساد المتوغلة في الدراما المصرية هذا العام، جاء
مسلسل «حدف بحر» للفنانة سمية الخشاب التي تجسد دور طبيبة تتمتع بأخلاق
طيبة وضمير يقظ دائما، وتحاول كشف الفساد الموجود داخل أحد المستشفيات،
لكنها تصطدم بأطباء كبار لهم مركزهم المرموق في المجتمع.
على «تيمة» التلاعب بالقانون جاء مسلسل «قانون المراغي» الذي كشف عن
قانون جديد من نوع خاص، وهذا القانون يتمثل في أن الباطل الذي يعتمد عليه
المحامي خالد الصاوي ينتصر كثيراً على الحق، وقد أبرز «قانون المراغي» ذلك
من محام بارع في استغلال ثغرات القانون ما جعله يحقق شهرة واسعة في إنقاذ
موكليه بأساليب متعددة، وفي المقابل توجد زميلته المحامية - غادة عبدالرازق
- في المكتب المجاور له حيث تسعى بكل السبل لكشف هذا المحامي الفاسد لكنها
تتزوجه في النهاية بعد أن تكتشف أن مصلحتها معه، وإن في هذا الزمان البقاء
للأقوى.
الصراع العربي- الإسرائيلي
وكعادة رمضانية مكررة في الدراما، يتابع المشاهد عددا من الأعمال التي
تناولت الصراع العربي الإسرائيلي، باعتبارها أعمالا مضمونة النجاح نظرا إلى
تعاطف كل الشعب العربي مع ما يجري على الساحة الفلسطينية.
وجاء على رأس هذه الأعمال مسلسل «حرب الجواسيس»، وهو عمل مقتبس عن
قضية حقيقية من ملفات المخابرات المصرية وتناول قصة سامية فهمي الفتاة
المصرية التي حاول خطيبها توريطها في عملية تجسس لمصلحة الموساد
الإسرائيلي، لكنها ترفض ذلك الأمر، وتبلغ المخابرات المصرية التي استخدمتها
كعميل مشترك، وقد قام ببطولة العمل كل من منة شلبي والفنان هشام سليم.
على النهج نفسه جاء مسلسل «البوابة الثانية» متناولا القضية نفسها بعد
خطف قوات الاحتلال الإسرائيلية لابن نبيلة عبيد أثناء زيارته في رحلة
مدرسية مع زملائه للحدود المصرية الإسرائيلية، ويلقي الضوء على الجرائم
التي ترتكبها إسرائيل على الأراضي الفلسطينية. وينضم لقائمة الأعمال التي
ناقشت الصراع العربي الإسرائيلي مسلسل «ماتخافوش» لنور الشريف حيث يكشف
العمل كذب الصهاينة كما يكشف تجاوزاتهم ضد الفلسطينيين.
قضايا معاصرة
بعيدا عن التكرار في القضايا أو التشابه في الأحداث الذي لاحق الأعمال
السابقة، فان هناك أعمالا أخرى استطاعت التعبير عن نفسها ولفتت انتباه
المشاهدين.. من بين هذه الأعمال مسلسل «الأدهم» للفنان أحمد عز والذي تناول
ظاهرة الهجرة غير الشرعية والتي طفت على السطح في السنوات الأخيرة .
وعلى الرغم من أن المسلسل انحاز لمقولة «نار الوطن ولا جنة الغربة»
إلا أنه قدم طرحا جديدا وجريئا لما يحدث للمهاجرين العرب من رعب وضياع
وعذاب.
والخيط الرئيسي في العمل هو شاب يعاني في حياته ويتعرض للظلم من عمه
الذي يغتصب حقوقه مما يضطر للهرب إلى أوكرانيا لتحقيق حلمه، وهناك يلتقي
بالعديد من النماذج البشرية، ويرتبط بقصة حب مع فتاة من أصل لبناني،
والمتابع للمسلسل يجد أنه شهد مباراة قوية في التمثيل بين أحمد عز وإيمان
العاصي وسيرين عبدالنور وصلاح عبدالله ونهال عنبر ومحمد لطفي ورشوان توفيق
ومحمود الجندي.
البيان الإماراتية في
02/09/2009 |