يرى مدير مهرجان الفيلم الشرقي بجنيف "طاهر حوشي" في هذه المقابلة الخاصة
بـ"إيلاف"، أنّ السينما العربية لا تزال تشكو من قلة الاهتمام، ويذهب إلى
أنّ مستوى السينما العربية ضعيف جدا، إذا ما قورنت بنظيراتها الأوروبية
والآسيوية والأميركية، والسبب يرجع برأيه إلى عدم وجود تشجيع، ويحض حوشي
على عامل التكوين والتطوير المستمر كسبيل لإخراج الفعل السينمائي العربي من
عنق الزجاجة.
·
قدّموا نفسكم لقراء إيلاف ..
- طاهر حوشي ناقد سينمائي جزائري مقيم في سويسرا، أدير مهرجان الفيلم
الشرقي في جنيف، دفعتني متابعاتي المستمرة للفن السابع عبر العديد من
المهرجانات الدولية، إلى التفكير بجد في تأسيس مهرجان سينمائي يعتني
بالفيلم الشرقي، وهي فكرة تجسدت في ربيع العام 2006، وذلك بمساعدة كوكبة من
الأصدقاء على غرار المخرجين السينمائيين الجزائريين "مالك إسماعيل" و"إلياس
سالم"، إلى جانب الممثلة "جميلة أمزال"
·
حدثنا عن تجربة هذا المهرجان،
وما هو مستوى تفاعل المشاهد الغربي مع الأفلام الشرقية؟
- فريقنا مكوّن إضافة إلى شخصي من رئيسة المهرجان" فاطمة بيري" وهي محامية،
سفيان بوشايب المنسّق العام، إضافة إلى عدة متطوعين، كبولين، سيلين
وغيرهما، وفي الحقيقة، ما لمسناه من إقبال جماهيري كبير هو ما شجعنا على
الاستمرار في التجربة، فبعدما كانت الطبعة الأولى مقتصرة على ثمانية أفلام
فحسب، وصلنا عند العدد الرابع إلى حدود 60 فيلما، ومن 80 متفرجا في بدايات
المهرجان إلى ما يربو على الألف متفرج في آخر دورة، ونتطلع إلى استقطاب 30
ألف مشاهد في العدد القادم.
·
لكن لماذا تسمية "مهرجان الفيلم
الشرقي" وما هو تعاطي النقاد الغربيين" معه؟
- تسمية الفيلم الشرقي تتركنا أكثر حرية، ثم أشير إلى اهتمامنا الشديد بما
يُثار حول الحدود الموجودة بين الشرق والغرب، بمنظارنا ليس هناك جدار بين
الشرق والغرب، هناك حدود ذهنية وعقلية، ونحن نسعى إلى تكسير هذه الحدود،
بالنسبة إلى عنصر المواكبة، أؤكد لكم أنّ مهرجان الفيلم الشرقي في جنيف
يلقى تعاطيا واسعا من طرف جمهور النقاد في سويسرا وفرنسا وأوروبا عموما،
وذاك ما لاحظناه من خلال ما كُتب حول المهرجان في العديد من الصحف الغربية،
خصوصا السويسرية منها.
·
هل المهرجان مقصور على أفلام
المشرق العربي، أم يمتد أيضا إلى السينما الإيرانية والتركية والمغاربية؟
- انفتحنا منذ إطلالتنا الأولى على عرض جميع أفلام العالم الإسلامي، إضافة
إلى مواظبتنا على بث أفلام إنكليزية سويسرية أميركية، إيديولوجيتنا قامت
على دحض فكرة صدام الحضارات التي نعتبرها فكرة سياسية تعمل لصالح جماعات
الغرب، واخترنا السينما كوسيلة لإبطال هذه الفكرة.
·
بحكم اشتغالكم على رأس مهرجان جنيف، كيف تقيّمون نظرة المشاهد الغربي
للسينما العربية؟
- نظرة مثقفة ونوعية، كثيرون منهم يعرفون الراحل يوسف شاهين والمخرج
السينمائي الجزائري المخضرم "الأخضر حامينا"، لكنهم للأسف لا يعرفون فرسان
السينما العربية الجديدة، لذا يسعى المهرجان إلى تقريب هذه السينما من
المشاهد الغربي، ونعتبر الموعد الذي يُقام في ربيع كل سنة، بمثابة واجهة
للسينما الشرقية ونافذة مختلف للمشاهد السويسري ومكان حوار وتبادل آراء
والتعارف ومكان لقتل الأفكار المسبقة وإزالة ما علق بالعرب من صور نمطية.
·
كيف تقرأون مسارات السينما
العالمية والعربية الراهنة؟
- السينما العالمية لا تزال رهينة سيطرة السينما الأميركية، ومنذ سنوات
نلاحظ "هجوما" للسينما الهندية والآسيوية وكذا الأوروبية، هذه الأخيرة
باتت تسخّر إمكانيات هائلة لترتفع بمستوى الصناعة السينمائية.
عربيا، هناك بلدان لها سياسة واضحة في السينما، في صورة مصر التي تنتج
عشرات الأفلام سنويا، إضافة إلى المغرب (14 فيلما)، وتونس (10 أفلام)، لكني
لن أغالي إذا ما قلت إنّ مستوى السينما العربية ضعيف جدا، إذا ما قورنت
بنظيرتها الأوروبية والآسيوية والأميركية، والسبب يرجع برأيي إلى عدم وجود
تشجيع وليس هناك اهتمام بالصورة وغياب وعي لدى العرب بأهمية الصورة، رغم
وجود كوكبة من صانعي الأفلام الذين ينتجون أشياء جميلة، ويحافظون بحرفية
عالية على معايير السينما.
·
نقاد سينمائيون كثيرون يعتبرون
ضعف السينما العربية في افتقارها إلى داعم التكوين ..
- أكيد، ما ينقص السينما العربية حاليا هو عنصر التكوين، هناك أناس للأسف
لا يعرفون السينما، علما أنّ التكنولوجيا سهلّت كثيرا من الأمور، لكن عندما
نركّز على منطق الصورة، نلحظ نقصا ظاهرا يعتري النتاجات السينمائية العربية
المعروضة حاليا، ولا يجب أن نكذب على أنفسنا ونقول إننا وصلنا، فليس هناك
مدارس تكوين ومهرجانات بالمعنى الحقيقي، وصعب كي تكتشف المواهب، رغم بروز
عدد من الشباب المتمكّن ممن أبانوا عن قدرات في مجال صناعة الأفلام، مثلا
إلياس سالم، مالك بن إسماعيل، محمد تقية من الجزائر، نور الدين لخماري" من
المغرب وفيلمه "كازانيغرا"، المخرج المصري "محمود كامل"، المخرج التونسي "جيلالي
سعدي" وفيلمه "خرمة" ، "نادين لبكي" من لبنان وفيلمها "كاراميل"، فضلا عن
محمد زران من تونس.
·
ماذا عن واقع النقد السينمائي
العربي؟
- ما عدا مصر التي لها تقاليد في النقد ولها جمعية تتولى الخوض فيه، فإنّ
البلدان الأخرى لا يزال النقد السينمائي بها يراوح مكانه على غرار الجزائر
التي تفتقر إلى حد الآن لمدارس تلقّن فن السينما، وألاحظ هنا أنّ بلدان
المغرب العربي عموما تفتقر إلى بعد تكويني، ثمّ أنّ ضدّ المفهوم العائم
للنقد واعتباره مجرد نظرة سلبية لأي عمل فني، فهو أكثر وأشمل مفاهيميا،
فالنقد أعمق وليس مجرد مادة خبرية، وحينما نشاهد فيلما يزاوج بين الصورة
والصوت، وأخرى تبدأ بصوت دون صورة، الأمر يختلف والتعابير السينمائية كل
واحدة منها لدى معنى، وليس هناك مجال للعشوائية.
·
ما هي مشاريعكم المقبلة؟
- سأسهم في العمل من أجل أن تكون الجزائر جمعيتها للنقاد السينمائيين، ولن
تكون لدى الجزائر سينما ما لم يكن هناك إجادة للخطاب السينمائي وتمكّن من
وسائله، فالقواعد السينمائية ليست ثابتة، لكن يجب أن تعرفها حتى تكسرها،
على حد قول هيتشكوك:"أي قصة تكون جميلة، إذا عرفت أن تحكيها".
إيلاف في
24/08/2009 |