يعتبر المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي واحدًا من أبرز السينمائيين
الذين نجحوا في توصيل الصورة الحقيقية للشعب الفلسطيني من خلال السينما،
التي بات
لها تواجد ملحوظ في المهرجانات الدولية وحصولها علي العديد من الجوائز..
مشهراوي
الذي أنجز العديد من الأفلام السينمائية ما بين الوثائقي والروائي.
تحدث
في البداية عن مشروع فيلمه السينمائي الجديد الكتابة علي الثلج
قائلاً: فيلم
الكتابة علي الثلج هو مشروع سينمائي منذ أكثر من عامين ولا يزال في مرحلة
الكتابة والفيلم يتحدث عن الوطن العربي والذي لا تنفصل عنه
القضية الفلسطينية والتي
هي جزء من كل، ويمكننا أن نلخص مضمون الفيلم في مصطلح اخترعته بنفسي وهو
النسيان الجماعي العربي ويأتي علي غرار المصطلح المعروف الذاكرة الجماعية
العربية ومن خلال أحداث أذكر العرب بقيمتنا نحن صناع الحضارة الإنسانية وما
وصلنا
إليه وأصبحنا نحاول تحسين انفسنا من أجل أن ننال اعجاب الآخرين وننال رضاء
من يدعون
أنهم أفضل خاصة بعد الإنقسام الذي أصبح بين الخير والشر وحسب الطوائف
والأديان
وأمور أخري هدفها الأساسي هو اضعافنا وضياع هويتنا والدليل هو
مرور واحد وستين
عاماً ونحن بكل ثرواتنا واعدادنا عجزنا عن تحرير فلسطين.
·
وهل اخترت أبطال الفيلم؟
-
بالفعل
اخترت فقط الفنان السوري جمال سليمان ومن المنتظر أن أبدأ تصويره بداية العام
المقبل ومازلت أجري مناقشات مع بعض الفنانين المصريين لأن الفيلم سوف يضم
عدداً
كبيراً عن المصريين والمغاربة والأردنيين والفلسطينيين
ولبنانيين وسوف يتم
التصوير في مناطق مختلفة من الوطن العربي وذلك لأنني أبحث في هذا الفيلم عن
تجربة
سينمائية مختلفة بتوجه جديد.
·
هل الفيلم يعتبر مرحلة تمهيدية للعمل في السينما
المصرية؟!
-
بصراحة لا أجد سبباً
يشجعني علي العمل في السينما
المصرية لأننا نحن في حاجة لأفلام فلسطينية أكثر من الموجود حالياً ولا أجد
أن
السينما المصرية لديها ما تعطيني إياه.
·
ولكن هناك الكثير من مخرجي السينما العربية
يسعون
للعمل بالسينما المصرية لأنها تحقق لهم شهرة ومكسباً كبيراً..
وأنت لا تجد فيها
مكسباً ما تعليقك؟
-
لا أعتقد أن مصر كسبانة شيء من السينما
التي تقدمها، بل علي العكس تمامًا أري أنها خسرت الكثير من
تاريخها ومبدعيها وحتي
الملايين أو الإيرادات التي يحققها الفيلم ويفرح بها المصريون ويظنون أنها ربح،
فهي لعبة صغيرة يدخلها المنتجون.
وأري أن الربح الأكثر قيمة من الإيرادات الواهية هو أن تصنع مصر أفلامًا
تصل
للعالم..
وتستطيع من خلالها أن تحارب الأفكار
المسبقة عنا كعرب ومسلمين ومسيحيين
والفكرة الخاطئة الملتصقة بنا وهي الإرهاب وهذا سوف يزيد من مكانة الدولة
وعدد
سياحها، كما أنني أشعر من كوني شديد الثراء، رغم أنني لا أملك أموالاً
طائلة
ولكن أعيش بطريقة صحيحة وأسافر وأسكن في الفنادق وأصنع أفلامًا جيدة تعرض
في كبري
المهرجانات السينمائية في العالم مثل كان وبرلين وتحصل علي
العديد من الجوائز،
فمثلاً فيلمي الأخير عيد ميلاد ليلي فاز بجائزة أحسن سيناريو،
ولجنة
التحكيم في عدة مهرجانات إضافة إلي أن الفيلم لايزال يعرض في أربعين قاعة
سينمائية في فرنسا،
ولذلك أشعر أنني لست في حاجة لعمل سينما تجارية في مصر.
·
وما رأيك في الاتهام الدائم الموجه للمخرجين
الفلسطينيين بالمتاجرة بفلسطينيتهم وهو ما
يؤدي إلي تعاطف لجان التحكيم مع القضية
الفلسطينية والنتيجة أن أفلامهم تحصد الجوائز؟!
-
أوافقك جدًا وأطالب من خلالكم بالتزام
الحيادية تجاه تقييم السينما
الفلسطينية وعدم التعاطف معها لأنني أصبحت أشعر بالحزن عندما أجد أن
أفلامًا تحصل
علي جوائز لا تستحقها بسبب تعاطف لجان التحكيم معها وعدم حياديتها تجاه
أفلام كل
ما يميزها هو أنها تحمل الجنسية الفلسطينية كنوع من
التضامن مع الشعب
الفلسطيني.. والحقيقة لا أعتبر ذلك تضامنًا ولكن هو عمل يساهم في تأخر السينما
الفلسطينية بدلاً
من دعمها لتتقدم وتصبح قادرة علي منافسة السينما العالمية.
أما بالنسبة لي فقد يظن البعض صحة هذا الاتهام ولكن بعد لحظة سوف
يتأكد من
حيادية الجوائز التي أحصدها لأنها من مهرجانات متعددة فمثلاً
فيلم حتي إشعار
آخر حصل علي ثمانية جوائز من مهرجانات سينمائية كبيرة.
·
ذكرت في إحدي لقاءاتك الصحفية من أنك تضطر للحصول
علي دعم
إسرائيلي لتمويل أفلامك فهل تدعم القضية الفلسطينية بأموال إسرائيلية؟
-
هذا الكلام ليس له أساس من الصحة ولكني أحصل علي دعم من منظمات
تدعم السينما في أوروبا، وليس لها علاقة بإسرائيل،
فأنا أرفض هذا الدعم،
اعترف أن هناك عدداً من المخرجين الفلسطينيين يتلقون الدعم من إسرائيل لتمويل
أفلامهم وهم قلة
يرون أن هذه وسيلة لتوصيل الصوت الفلسطيني حتي وإن كان بدعم
إسرائيلي وأنا لا أتفق معهم بالمرة وأرفض اتهامي بالتطبيع أو
التعامل مع إسرائيل.
·
المعروف أن أفلامك لا تخلو من الآراء السياسية
كيف تتعامل مع الرقابة الفلسطينية مع العلم أن بعضًا من أفلامكم تعرض علي
جهات
إسرائيلية؟
-
رغم الصعوبات التي تواجه السينما الفلسطينية إلا
أنها أحيانا ما تكون أسعد حظا من السينما في دول عربية أخري خاصة أن فلسطين
لا
يوجد بها جهاز الرقابة وبالنسبة للرقابة الإسرائيلية فإن
إسرائيل تتسلط علي كثير
من أمور حياتنا إلا أنها لا تستطيع الاقتراب من السينما ولسبب بسيط هو أننا
نسرق
اللقطات ونقوم بتصوير اعمالنا في السر واحيانا نتخفي وراء الكاميرات وبعد
انتهاء
التصوير نعرض الفيلم في المهرجانات الدولية ومن بعدها نقوم
بعرضها في فلسطين ووقتها
تقف إسرائيل عاجزة بعد أن يشاهد العالم كله الافلام التي تفضح الواقع.
·
في فلسطين،
تندر دور العرض السينمائية .
فكيف؟ يتابع الفلسطينيون الأفلام التي تعبر عنهم؟
-
نحن لا
نملك سوي قاعة عرض واحدة في
رام الله
وبالرغم من أن عدد السكان في فلسطين يصل
حوالي أربعة ونصف مليون مواطن إلا أننا نستغل أي مناسبة ونعرض
فيها أفلامنا في
مراكز ثقافية والجامعات ومن خلال مشروع السينما المتنقلة بين المدن والقري
الفلسطينية بالإضافة لمهرجان سينما الطفل وغيره،
وإضافة إلي ذلك أقوم بإهداء كل
أفلامي إلي التليفزيون الفلسطيني لكي يشاهدها الناس في منازلهم حتي لا
يموت
الابداع بداخلنا ولأن السينما هي الوسيلة القادرة علي التسلية والامتاع
والتثقيف.
·
في ظل الظروف الصعبة التي
تعيشها فلسطين تكون السينما مرأة لواقع القهر والاحتلال
وبالتالي تغيب الأعمال التي
تخاطب الطفل كيف تتغلب علي هذه المشكلة؟
-
هذا هو الواقع ولكن
أحاول التغلب عليه حيث قدمت أربعة أفلام قصيرة عن الأطفال بعد
تجربتي في فيلم عيد
ميلاد ليلي منها فيلم أطفال الشوارع في مصر والعراق وفلسطين والمغرب وهي
سلسلة
أفلام وثائقية لقناة الجزيرة لمواجهة ظاهرة تشرد وعمالة
الأطفال.
·
ولكن البعض يري أن فيلمك عن عمالة الأطفال
المصريين هو تشويه
لصورة مصر أكثر من إنها مجرد فيلم عن أطفال مصر؟
-
لا..
ولكن
قمت بعمل بحث عن ظاهرة عمالة الأطفال في مصر وتناولت أطفال
العراق والمغرب وفلسطين
وهناك احتمالية أن استكمل السلسلة، خاصة أنني وجدت أن الوضع في مصر ليس الأكثر
سوءًا من باقي البلاد العربية، بينما الوضع الأكثر صعوبة هو حال أطفال المغرب
والذي يعد الأسوأ خاصة أن الحكومة المغربية بيدها أن تحمي
هؤلاء الأطفال من خطر
العمالة المبكرة ولكنها تتخاذل في ذلك، بينما في مصر يمكن أن نلتمس العذر للحكومة
لعدة أسباب من بينها أن عمالة الأطفال تعتبر موروثاً مصرياً
في العادات
والتقاليد حتي يصبح الطفل رجلا لابد من أن يعمل في سن مبكرة.
مجلة روز اليوسف في
20/08/2009 |