ثلاثة عشر فيلما ضمتها عباءة الموسم السينمائي الصيفي في مصر هذا العام،
كان أبرز ملامحها العنف، وهو الأمر الذي جعل النقاد يطلقون عليه «الموسم
الدموي»، ولم تفلح كوميديا الختام «طير أنت» لأحمد مكي، و«1000 مبروك»
لأحمد حلمي في أن تنقذه من اللون الأحمر الذي طغى بشكل مفزع على أفلام
الافتتاح «إبراهيم الأبيض»، «دكان شحاته»، «الفرح». وتحالفت ظروف الحياة ضد
صناع السينما ليغرق الموسم في مزيد من التراجيديا، فظهر مرض «إنفلونزا
الخنازير» قبل بدء الموسم بأيام قليلة وانطلقت تحذيرات الابتعاد عن الأماكن
المزدحمة وعلى رأسها دور العرض السينمائي، لتكتمل المأساة التي بدأت قبل
ذلك بشهور مع تفاقم الأزمة المالية العالمية، لتسقط صناعة السينما بين شقي
الرحى، الفقر والمرض، وتنهار إيرادات معظم الأفلام بالمقابل لارتفاع
التكلفة الكبير الذي حدث هذا العام. بدأ سباق سينما الصيف مبكرا هذا العام
لانتهائه مبكرا أيضا، على عكس المواسم السابقة نظرا لحلول شهر رمضان في وسط
الموسم السينمائي الصيفي، ليكتمل مسلسل الخسائر.
بدأ الموسم في شهر مايو (أيار) بعرض فيلم «يوم ما اتقابلنا» لمحمود حميدة
ولبلبلة وغادة إبراهيم، عن قصة من تأليف تغريد العصفوري وإخراج إسماعيل
مراد، ولم يحقق الفيلم نجاحا تجاريا يذكر حيث لم تتجاوز إيراداته حاجز
المليوني جنيه (360 ألف دولار).
ولحق به فيلم «عمر وسلمى 2» بعد أسبوعين، عن قصة لتامر حسنى وبطولته مع مي
عز الدين وسيناريو أحمد عبد الفتاح وإخراج أحمد البدري. وعلى الرغم من
الهجوم النقدي الذي وجِه للعمل، فإن جمهور حسني لم يعر اهتماما للنقد
وتكالب على شباك التذاكر لرؤية العمل، رافعا حاجز إيراداته إلى 24.5 مليون
جنيه (4.5 مليون دولار) محققا بذلك المركز الأول تجاريا، وأحد مكونات
«الذيل» فنيا.
ثم تم عرض فيلم المفاجآت «دكان شحاتة» للمخرج خالد يوسف، الذي حقق أفضل
مستوى فني في هذا الموسم، مع ثاني المراكز تجاريا بـ 17 مليون جنيه (3
ملايين دولار)، وإن كان قد ظلم تجاريا نتيجة تعرضه للقرصنة على شبكة
الإنترنت وأقراص «دي.في.دي». وأثنى الكثير من النقاد على مستوى الفيلم
عامة، وعلى مستوى بطلته هيفاء وهبي في عملها الأول الذي أتى، في مفاجأة
سارة، مغايرا لكل التوقعات، «وإن كان ينقصها الكثير لتتعلمه» كما يعلق
الناقد الفني لويس جريس.
وبعد أيام قليلة، استقبلت دور العرض فيلم «إبراهيم الأبيض» للنجوم أحمد
السقا ومحمود عبد العزيز وهند صبري، مثيرا ردود فعل متباينة، من قبل
الجماهير والنقاد معا، نظرا لـ«دموية» الفيلم الشديدة. كما تعرض صناع العمل
لدعوى قضائية رفعتها أسرة إبراهيم الأبيض (الحقيقي) التي طالبت بوقف العرض
استنادا إلى الإساءة البالغة في حق المذكور. وحقق الفيلم 12 مليون جنيه
(2.2 مليون دولار) وضعته ثالثا تجاريا.
ورغم تصريح شركة السبكي الإنتاجية بصدمتها في مستوى الإيرادات المنخفض، فقد
حقق فيلم «الفرح» للمؤلف أحمد عبد الله وإخراج سامح عبد العزيز وبطولة خالد
الصاوي وجومانا مراد ودنيا سمير غانم، نفس فريق عمل «كباريه» الذي حقق 20
مليون جنيه (3.6 مليون دولار) العام الماضي، إيرادات بلغت 10 ملايين جنيه
(1.8 مليون دولار) مع جودة العمل فنيا، وإشادة الكثير من النقاد مثل الناقد
طارق الشناوي الذي وصف المؤلف والمخرج بـ«العبقرية». وأداء بطلتيه دنيا
غانم وروجينا كما يذكر الناقد لويس جريس.
وعرض فيلم «بدل فاقد» في التوقيت نفسه. من تأليف محمد دياب وإخراج أحمد
علاء والبطولة لأحمد عز ومنة شلبي، محققا إيرادات لم تتجاوز حاجز السبعة
ملايين جنيه (1.3 مليون دولار) مع مستوى نقدي متوسط.
صدمة فنية أخرى تعرض لها الجمهور والنقاد، وإن كانت سلبية هذه المرة، في
فيلم النجم عادل إمام «بوبوس» الذي عرض في يونيو (حزيران) ـ الذي يذَكر
المصريين بالنكسة ـ وشهد عودة للتوأمة الفنية بين عادل ويسرا. مشاهد الفيلم
الساخنة، التي انتقدها النقاد، كانت مقززة للجمهور الذي عاقب «الزعيم»
بالإحجام عن دخول الفيلم ليحقق عائدا قياسيا ـ في القِلة ـ على مستوى إمام
الشخصي، وهو 8 ملايين جنيه (أقل من 1.5 مليون دولار)، الذي اعتاد أن يستقبل
أرقاما لا تقل بحال عن حاجز الخمسة عشر مليون جنيه.
وفي يوليو (تموز)، عرض فيلم «احكي يا شهرزاد» لمني زكي والثنائي، المتعارض
فنيا، وحيد حامد كاتبا ويسري نصر الله مخرجا، ليتحفوا المشاهدين بفيلم عالي
الجودة، تعرّض قبل أن يعرَض للعديد من الانتقادات والشائعات التي وصلت إلى
حد انفصال منى عن زوجها أحمد حلمي. وقد حظي الفيلم بنجاح جماهيري جيد وحقق
11 مليون جنيه (2 مليون دولار) ليتواجد في المركز الرابع من حيث الإيرادات.
ثم عرض فيلم «المشتبه» الذي حظي بلقب «اللقيط» عن جدارة، بعد تخلي صانعيه
عنه، بدءا من بطله عمرو واكد، وخلافات علنية مع البطلة بشرى والمخرج محمد
حمدي، ففقدت الجماهير الثقة في الفيلم الذي أكد النقاد افتقاده الجاذبية
أيضا، ليتذيل قائمة الإيرادات بما يقل عن المليون جنيه (180 ألف دولار).
وتلا ذلك فيلم «السفاح» لهاني سلامة ونيكول سابا، بمحصلة متوسطة فنيا
وتجاريا وحقق 7 ملايين جنيه (1.3 مليون دولار).
وفي التوقيت نفسه تقريبا، عرض فيلم «العالمي» كأول بطولة مطلقة ليوسف
الشريف. ورغم كون الفيلم يتناول عالم كرة القدم فإنه لم يستطع جذب جماهير
اللعبة الشعبية، بل على العكس، أثار مشكلة شبه سياسية بين الجماهير في مصر
والجزائر حينما عرض فوز الأولى في تصفيات كأس العالم بخلاف ما حدث في
الواقع، فيما اعتبرته الثانية إهانة موجهة لها. وقد حقق الفيلم إيرادات
ضعيفة تقدر بمليوني جنيه (360 ألف جنيه).
وأبى أحمد حلمي إلا أن يتساوى بزوجته منى زكي، فمع عرض فيلمه «1000 مبروك»،
الذي شهد إشادة نقدية وجماهيرية، وحقق إيرادات بلغت 11 مليون جنيه (2 مليون
دولار) قابلة للزيادة حيث ما زال يعرض حتى الآن.
وتذيل قائمة العروض ـ من حيث التوقيت ـ فيلم «طير إنت» لأحمد مكي الذي حقق
حتى الآن 8 ملايين جنيه (1.5 مليون دولار)، ولا يتوقع زيادتها نظرا لعدم
ترشيحه للعرض في عيد الفطر. ويشير الكثير من صناع السينما، خاصة المنتجين،
إلى سوء الموسم السينمائي الصيفي هذا العام كما يقول المنتج محمد حسن رمزي،
الذي يؤكد أن قِصَر الموسم قد تسبب في أزمة حقيقية للمنتجين وجاءت نتائج
إيرادات معظم الأعمال مخيبة للآمال.
الشرق الأوسط في
14/08/2009 |