الاثنين القادم ومنذ الصباح الباكر سوف نشاهد الحلقة
الثانية من المسلسل الأهم على كل الشاشات العربية والذى يحمل عنوان «مبارك
فى
القفص».. فى ثالث أيام رمضان شاهدنا الحلقة الأولى وربما قبل
نهاية رمضان نشاهد
الحلقة الثالثة ولا أتصورها بالمناسبة هى الحلقة الأخيرة لايزال هناك حلقات
أخرى
سوف تستحوذ على اهتمام الناس طوال الأسابيع القادمة!!
فى لحظة
دخول «مبارك» وابناه «جمال» و«علاء» ثم «حبيب العادلى» ومعاونوه إلى القفص
كانت
ذروة درامية فتنحت جانباً كل البرامج والمسلسلات طوال الأيام التالية.. لم
يكن
أبداً رمضان هذا العام هو شهر الدراما ولا البرامج الرمضانية
حيث اتجهت مؤشرات
الريموت كنترول لتبحث عن القنوات التليفزيونية التى نقلت على الهواء مباشرة
محاكمة «حسنى مبارك».. القنوات التليفزيونية
الأجنبية قدمت أيضاً هذا الحدث بكل لغات
العالم فأصبحنا أمام حدث عالمى!!
كانت مشاهدة «مبارك» داخل القفص هى المشهد الرئيسى «الماستر
سين» الذى انتظره الكثيرون وتشكك فى حدوثه أيضاً الكثيرون الكل كان يتوقع
أن يجد
محامى «مبارك» عذرا قانونيا يحول دون مثوله أمام المحكمة العلنية التى حصل
على بثها
رسمياً وحصرياً التليفزيون المصرى الحكومى.. النيابة وجهت الاتهامات بالقتل
وعلى
رأس المتهمين كان «مبارك».. ويبقى أنه لأول مرة تحقق شاشة التليفزيون
المصرى تلك
الدرجة من كثافة المشاهدة لأن كل القنوات التى نقلت عن التليفزيون المصرى
التزمت
بالإشارة إليه!!
بين الحين والآخر سوف يتابع الجمهور الأعمال الرمضانية
ويعود بعدها إلى قناة إخبارية ليعرف آخر الأخبار فلن يخفت أبداً حضور
«مبارك»
ونجلاه.. سيشكل ذلك ولا شك نقطة جاذبة، سطوة البرامج السياسية ستظل لها
سيطرتها
وحضورها الرمضانى فى سابقة لم نتعود عليها أبداً فى تلك الأيام من شهر
الياميش
والبرامج والفوانيس والمسلسلات!!
ومن الواضح أن المطالبات بمقاطعة عدد من
النجوم قد أسفرت عن إحجام قطاع من الجمهور عن المشاهدة..
المؤكد أن تخفيض أجور أغلب
النجوم إلى النصف يحمل دلالة على تراجع شعبيتهم وقدرتهم على الجذب
الإعلانى.. ومن
الممكن أن تجد مثلاً فى الاستعانة بـ«نانسى عجرم» كنقطة جذب فى غناء تترات
المقدمة
والنهاية لمسلسل «سمارة» محاولة لجذب الجمهور المتعاطف
والمنحاز إلى صوت «نانسى»
ليشاهد المسلسل.. لاحظ البعض اختفاء اسم بطلة المسلسل «غادة عبدالرازق» من
التترات
واعتبروا ذلك دلالة على الخوف من المقاطعة.. الحقيقة هى أن «لوسى» التى
تؤدى دور أم
«سمارة»
اشترطت أن تسبق الجميع فى مقدمة الحلقات وكان المقصود أن تسبق البطلة سمارة «غادة عبد الرازق» ولم توافق على ذلك «غادة»
وفى نفس الوقت لا تستطيع أن تتحدى جهة
إنتاجية تعاقدت مع «لوسى» طبقاً لهذا الشرط ولهذا قررت أن الحل
هو ألا يكتب اسمها
لا قبل ولا بعد «لوسى» إلا أنها - أقصد غادة - لقنتها درساً فهى بالاتفاق
مع المخرج
تسيطر تماماً على كل اللقطات فى التتر الغنائى ونادراً ما ترى «لوسى»
وكأنها قد
اشترت السلطانية فهى حتى كتابة هذه السطور لا تفعل شيئاً فى
الدراما سوى التمهيد
لكل مشاهد «غادة» والتى كالعادة تقدم دوراً يذكرنا بالحاجة «زهرة» وقبل ذلك
فى
مسلسل «الباطنية» المرأة التى لا تقاوم والكل يتمناها ويخضع لها كل
الرجال.. وكأنها
تنويعة أخرى يقدمها الكاتب «مصطفى محرم» لصناعة شخصية نمطية
لغادة.. أتصور أن «غادة»
وصلت هذا العام إلى مرحلة التشبع فى «سمارة» الجرعة تجاوزت المسموح كما أن
حالة البرودة مع الجمهور بسبب موقفها ضد الثورة والثوار ولم تفلح معها
محاولات
تلطيف الأجواء التى لجأت إليها أو التقليل من حجم الغضب الشعبى
حفل المسلسل بموسيقى
وأغنيات تنتمى إلى الخمسينيات والستينيات ووصلنا إلى السبعينيات رغم أن زمن
الأحداث
درامياً لم يتجاوز مطلع الأربعينيات لا أحد يعنيه سوى ملء الزمن بتقديم أى
مشاهد ما
نراه على الشاشة يبدو وكأنه يلعب فى الوقت الضائع!!
تستطيع أن ترى أيضاً
«تامر
حسنى» فى حالة مشابهة لما تعانيه «غادة» إلا أن «تامر» له أسلوب آخر فى
اللعب
على مشاعر الناس حيث إنه سوف يحيل المسلسل إلى عريضة دفاع لتبرئة ساحته من
الاتهام
الذى لاحقه ولا يزال بأنه واحد من ألد أعداء ثورة يناير ولهذا
قرر أن يضع بعض مشاهد
فى مسلسل «آدم» تعيد الثقة بينه وبين الجمهور.. فى الحلقات الأولى للمسلسل
بدأ فى
التمهيد بتقديم شخصية «آدم» باعتباره ثوريا وهو ما اتفق عليه مع مؤلف
المسلسل «أحمد
محمود أبو زيد» فى ثانى عمل له بعد «العار» الذى قدمه العام الماضى.. على
العكس
تماماً مما مارسه على أرض الواقع.. خط الوحدة الوطنية المتمثل
فى الشخصية التى
تؤديها «مى عز الدين» تمهدنا إلى وجبة مباشرة فى دروس الوحدة الوطنية!!
فى مسلسل «الشوارع الخلفية» المأخوذ عن رواية «عبدالرحمن
الشرقاوى» العمل الفنى به حالة ألق وبرغم أن «جمال سليمان» وضعه الشباب
السورى على
قائمة المطلوب مقاطعتهم لارتباطهم ودفاعهم عن النظام السورى
ولكن لا يزال المسلسل
يقاوم فهو ليس فى بؤرة المقاطعة برغم أن «ليلى علوى» المرتبطة بصلة نسب مع
عائلة «مبارك» حيث إنها متزوجة من شقيق والد
«خديجة» زوجة «جمال».. ما يشفع للمسلسل هو
أنه وحتى الآن يستند إلى قيمة إبداعية.. إنه المسلسل الذى تلمح
فيه اهتماماً
بتفاصيل الصورة وبناء الشخصيات وهناك اجتهاد فنى واضح من الكاتب «مدحت
العدل»
متكئاً على رواية «عبدالرحمن الشرقاوى»
وحقق المخرج «جمال عبد الحميد» درجة عالية
من الألق الفنى ولمع معه عدد من الوجوه الجديدة مثل «حورية
فرغلى»!! فى مسلسل «كيد
النسا» كان يبدو أن الصراع الدرامى الأساسى بين «فيفى عبده» و«سمية الخشاب»
ليس
للفوز بقلب «أحمد بدير» ولكن كل منهما تريد أن تؤكد أنها صاحبة المسلسل
وبطلته.
المفروض أن «أحمد بدير» يساوى نصف الحاج «متولى» الذى تزوج أربعة بينما
«بدير» تزوج
اثنتين فقط كل منهما تتحدى
الأخرى فى الفوز به ليس بإغراء الجمال الأنثوى ولكن بعدد
الكيلوجرامات التى صارت تتكدس فى ملامحهما.. «سمية» تعتقد أن
هناك من يخطط لضربها
فنياً وأشارت إلى عدد من المنافسات هن اللاتى يوجهن لها ضربات تحت الحزام..
حتى لو
صح ذلك فإن الفاعل الأصلى لكل ما رأيناه هو «سمية» نفسها التى لم تستطع
الحفاظ على
ملامحها وفقدت بسبب انتفاخ وجهها قدرتها على التعبير.
مسلسل «عابد كرمان»
لعبت الثورة دوراً رئيسياً فى ظهوره للنور.. المسلسل مأخوذ من أوراق
المخابرات
العسكرية كانت الأجهزة الرقابية قد اعترضت على عرضه وبالفعل تم إلغاؤه من
خريطة
رمضان فى العام الماضى وقيل وقتها أن رئاسة الجمهورية تدخلت
وحذفت مشاهد تثير غضب
إسرائيل لأن المسلسل مأخوذ عن رواية كتبها الراحل «ماهر عبدالحميد» سيناريو
وحوار «بشير الديك» وإخراج «نادر جلال» عن واقعة
حقيقية لإسرائيلى عمل لحساب المخابرات
المصرية.. فى هذا العام عادت المشاهد المحذوفة ويعرض المسلسل
كاملاً طبقاً لتصريحات
«نادر
جلال» إلا أن المسلسل بالفعل كان بحاجة إلى رؤية أكثر تكثيفاً سواء على
مستوى
السيناريو أو الإخراج كما أنه لا يوجد عذر للمخرج إذا لم يستطع أن يحافظ
على البعد
الزمنى للستينيات!!
«خالد صالح» فى «الريان» يلعب دراما الشخصية من خلال
مفرداته الخاصة.. أما «كارول سماحة» فإن هناك ظلماً بيّناً وقع عليها من
المخرج
«أحمد
شفيق» لأنها لا تستطيع أن تقترب شكلياً ولا نفسياً من «الشحرورة» كما أننى
لم
أستسغ المقدمة الغنائية التى كتبها «أيمن بهجت قمر» لأن الكلمات تبكى على
حال
«صباح»
بينما أروع ما فى «صباح» أنها استطاعت أن تصالح الزمن بإقبالها على الحياة..
كما تعثر «فراس إبراهيم» فى أداء قصائد
«محمود درويش» الذى كان لديه سحر خاص فى
أدائه الشعرى من الصعوبة أن يقترب إليه أحد.. فى مسلسل «رجل
لهذا الزمان» لايزال
أسلوب السرد التقليدى المباشر هو منهج المخرجة «إنعام محمد على» وهو يفقدنا
الكثير
لأن الأمر يبدو أقرب إلى محاضرة وبالطبع هى مسئولة مع الكاتب «محمد السيد
عيد» عن
تلك الرؤية كما أننى لم أهضم هذا الحل الذى لجأت إليه المخرجة
للتعبير عن الشخصيات
الأجنبية بالحديث كلمتين بالإنجليزى ثم الباقى بالعربى كان ينبغى أن يتم
الحوار كله
بالعربية باعتبارها فى النهاية لغة افتراضية أما ما شاهدته فلقد ذكرنى
بالمونولوجات
«الفرانكو
آراب» التى كان يقدمها «محمود شكوكو» على طريقة «أشوف وشك تومورو»!!
«الحسن والحسين» عرضته العديد من القنوات برغم اعتراض الأزهر الشريف
ومطالبة وزير الإعلام المصرى بالالتزام بهذا القرار إلا أن المحطات
التليفزيونية
ضربت عرض الحائط بتلك الاعتراضات وشاهدنا تجسيداً للحسن
والحسين لأول مرة فى
الدراما التليفزيونية.. ولكن المسلسل على المستوى الفنى أراه مخيباً للتوقع
الذى
انتظرناه خاصة من جسدا شخصية «الحسن» و«الحسين» كما أن المخرج كان تقليديا
فى
رؤيته.. ويبقى عدد من المسلسلات المهمة تستحق رؤية تفصيلية فى
نهاية رمضان وهى «دوران
شبرا» و«خاتم سليمان» و«المواطن إكس» إنها مع مسلسل «الشوارع الخلفية» هى
الأهم هذا الموسم الرمضانى!!
هذا إذا استثنيا الحلقة الثانية من مسلسل
محاكمة «مبارك» يوم الاثنين القادم فهو المسلسل الأكثر جاذبية
على كل الفضائيات ولا
عزاء لكل المسلسلات والبرامج فى رمضان 2011!!.
مجلة روز اليوسف في
13/08/2011
إلا خمسة
كتب
هناء فتحى
1 )
لأنه يردنا إلى أزمنة البراءة المنسية فنحن الكبار نتابع بدهشة
الصغار برنامج «شوية عيال» للطفل الكبير أحمد حلمى محاوراً كل ليلة طفلاً
يملك
مفاتيح الأجوبة عن أسئلة لانجيد نحن الإجابة عنها بتلك الدقة
والصراحة والوضوح على
ألسنة الصغار.. الصغار جداً والذين يعرفون الثورة والشهداء وحسنى
والديمقراطية
يجيدون الحديث بالإنجليزية أكثر من العربية!! ولأن أحمد حلمى مازال ممسكاً
بخيوط
طيارته وطفولته وبراءة ضحكته فقد نجح بجدارة فى إقامة حوار مراوغ مع الصغار..
والقادر على تثبيت كرسى الكوميديا الأعلى فوق جبال الفكاهة وتلال الحزن.
شوية عيال.. أضحكونا على أنفسنا
2 )
وكأنه القذافى بشحمه ولحمه.. ظهر محيى إسماعيل مع هبة الأباصيرى
فى برنامج كش ملك مرتدياً كاباً وقميصاً سماوى اللون مرشوقة بالنجوم
واليناشين على
الصدر والظهر والأكمام.. منتحلاً سلوك العقيد ومدافعاً عن سفكه لدماء
الليبيين
مؤكداً أنه وطنى وثائر وتدار ضده حرب صليبية بقيادة العرب.
ارتدى محيى
إسماعيل نظارة شمس سوداء مصمتة فى ليل الاستديو المغلق فلم ير من العالم
المغدور
غير صورة شبيهة للقذافى متمنياً تجسيد دوره على الشاشة.
يستطيع تمثيل دور
القذافى ــ لكن ليس عليه أن يؤدى دور المجنون
3 )
فى المنتصف بين شقى رحى.. وفى
المنتصف بين طرفى مقص تعيش النسوة من قديم الزمان بين نظرة
الرجل فى المجتمع (الشرقى)
وبين عيون الرجل فى المجتمع (الليبرالى) لا فرق فهى سلعة ورخيصة.. ولا
وظيفة لها غير الدعارة..
فى وثائقى خطير ببرنامج مراقبون على قناة فرنسا 24
فقرة عنونتها القناة باسم «السياحة الجنسية» صورت عدداً من الشباب السعودى
داخل
فنادق وديسكوهات وبيوت دعارة فى أندونيسيا بحثاً عن المتعة
الحرام.. تقول الفتيات
أنهن أيضاً يبحثن عن الرجل السعودى الذى يدفع كثيراً لمدة ليلة أو اثنتين..
بل يصر
على توثيق الدعارة بشكل حلال.. زواج يومى وطلاق يومى.. تماماً مثل
المجتمعات
الليبرالية الحرة لكن بلا عقد زواج ليلة ليلة.
هى قصة الذئب
والحمل من قديم الزمان
4 )
إيمان البحر درويش نقيب الموسيقيين
الجديد وشيخ الإسلام القديم والمطرب دائماً ضيع على نفسه فرصة
كبيرة للظهور
الإعلامى والإنسانى والدينى أيضاً بعد فوزه بمنصب نقيب الموسيقيين بامتناعه
وتجاهله
جنازة زميله المطرب الشعبى الرائع «حسن الأسمر».
لدفن
الموتى وحضور الجنازات ثواب من الله معروف
5 )
يستطيع فاروق الفيشاوى ــ وحده ــ
أن ينسينا أخطاءه بابتسامة واعتذار مع أننا لن نقبل ذلك من
ابنه مثلاً.. وفاروق
المعروف بصراحته الزائدة عن نفسه وأهله وزملائه قد محا ذنوباً كثيرة فى
برنامج (لا)
لعمرو الليثى متحدثاً عن الثورة والفن
والشرطة والسياسة مصطفاً فى طابور فنانى
الثورة فى مواجهة «الفلول.»
كاريزما وموهبة
مجلة روز اليوسف في
13/08/2011
ثلاثة وجوه لـ«الريان».. ابن الجنية!
كتب
سمر فتحى
عندما صوره تيتر المسلسل الذى يحمل اسمه على أنه ابن «الجنية» لم تكن مبالغة أو تجريحا بل هو وصف
طبيعى لشخصية تلعب بـ«الحنجل والمنجل»-
كما يقولون- وسيرة ذاتية مليئة بالمواقف والأحداث المثيرة التى اقتربت فى
كثير من
الأحيان من أطر«النصب والاحتيال والضحك على الذقون» حتى لو كان هو نفسه من
أصحاب
الذقون!!
علامات استفهام كثيرة أثيرت حول شخصية «الريان»، خاصة
أيام النظام السابق وهو العهد الذى كان فيه تقديم فروض الولاء والطاعة هو
جواز
المرور لكل ما هو ممكن وغير ممكن.
لقد ظل «الريان» شخصية محيرة للغاية، خاصة فيما يتعلق بمصدر
ثروته وحجم تجارته، إلا أن «كشوف البركة» التى كان يستخدمها درعا واقية له
كانت
تذلل له كل شىء وتفتح له الأبواب المغلقة، هذا «الريان» الملىء
بالإثارة والجدل كان
وجبة دسمة للدراما التى لم تكتف بتقديمه من خلال عمل واحد،بل قدمته فى
عملين
المسافة الزمنية بينهما زادت على الخمس عشرة سنة، هما «الخروج من المأزق»
من بطولة
«يحيى
الفخرانى» و«الريان» من بطولة «خالد صالح».ليصبح لدينا ثلاثة وجوه
لـ«الريان»
اثنان ثمثيلاً والثالث حقيقيًا وإن كان
لايخلو أغلبه من التمثيل أيضا. «أحمد
عبدالفتاح توفيق الجبيرى» المعروف «بالريان» بالفعل هو الشخصية
الأولى التى تحتاج
منا أن نقف عندها للحظات لنتأمل بدايته من الصفر قبل أن يتجاوز عمره
الثالثة عشرة،
عشق «الريان» الفهلوة وبيع الهواء فى زجاجات- كما صورته المسلسلات- البداية
كانت مع
بيع المذكرات الدراسية أثناء دراسته بالجامعة، ثم تطورت إلى مشاريع تجارية
بدأها
بـ«الميداليات الخشبية» والتجارة فى المواد الغذائية «مثل
البيض والفراخ» وصولا إلى
تجارة الملابس والعطور،انتهاءً بتوظيف الأموال، «الريان» لم يكن لديه مانع
أن يقتحم
أى مجال طالما أن العائد منه مادى فى المقام الأول. وهو ما ظهر فى أحداث
المسلسل من
خلال استغلال الموقف أثناء نكسة 67 والقيام بطلاء زجاج البيوت
وفوانيس السيارات
باللون الأزرق بمقابل مادى، عشق «الريان» للتجارة ومن قبلها عشقه المادى هو
الذى
جعل بداخله إصرارًا وتحديًا للاستمرار فيما بدأه وبنجاح منقطع النظير، صحيح
أن هذا
النجاح قاده فى النهاية الى السجن، لكنها شهوة المال؟
«الريان» الذى استغل
«الدين»
ستارا له- كما ظهرفى دراماه- لم يكن ذلك إلا ضمن عوامل الوراثة،حيث ظهر «آل
الريان» جميعهم وهم يرتدون ثوب الدين، وبدأت بالأب الذى أطلق لحيته،استخدام
«الريان»الدين
كستار له بدأ منذ أن كان طالبا بانضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين
فى فترة التحاقة بالجامعة واستغل هذا التقرب وعلاقته الوطيدة ببعض رجال
الدين
ومشايخ الفتوى الذين أفتوا بأن توظيف الأموال فى شركات
«الريان» توظيف أسلامى صحيح.
ومن هذا المنطلق بدأت عجلة تجارته تدور بأموال أغلب الشعب
المصرى. دراما «الريان» اخترقت- خاصة فى المسلسل الأخير الذى يحمل اسمه -
كل الخطوط
الحمراء عندما كشفته وهو يحاول دخول جحر الأفاعى محاولا القفز
عليهم ليكون كبيرهم-
أى كبير الأفاعى- للسيطرة على هيكلهم التنظيمى، فدخل الريان الجحربصفقة
الذرة
الصفراء التى تمت بين شركات «الريان» وبين «بنك التنمية والائتمان الزراعى»
فى
الفترة بين 86-87 وأوضح الريان فى ذلك أنه عقد الصفقة مع
الحكومة المصرية حرصا على
عدم انهيار المزارع فى مصر، وهنا تحول «الريان» إلى إمبراطورية يخشاها
النظام
السابق فنصبوا الشباك لإسقاطه بعد أن تحول من حليف إلى عدو، 15 سنة سجن هى
قمة
الإثارة الدرامية التى تناولتها دراما «الريان» وهى المدة التى
حكم عليه بها بعد
اتهامه بتهريب 3 مليارات و280 مليون جنيه مصرى عام 1989 خارج مصر.
مسلسلا «الخروج
من المأزق» لـ«يحيى الفخرانى» و«الريان» لـ«خالد صالح» رغم أنهما تناولا
السيرة الذاتية لـ«الريان» فإن الأول تناوله على استحياء والثانى كان أكثر
جرأة
واقتحاما لأدق التفاصيل ولهما أسبابهما.
«يحيى الفخرانى» بطل المسلسل
الأول: الذى توارى خلف شخصية «سيد» هروبا من المكاشفة الدرامية
العلنية لـ«الريان»
رغم وجود جميع المؤشرات الدالة على شخصيته يقول: رغم أن المسلسل لم يشر
بشكل صريح
إلى «الريان» فإن الناس فهمت من السياق الدرامى أننا نقصده،ومع ذلك حقق
المسلسل
نجاحا كبيرا، صحيح أن هذا النجاح كان من الممكن أن يتضاعف لو
كان التناول تم بشكل
مباشر، لكن الفترة التى صنع فيها المسلسل عام 1996 لم تكن تسمح بذلك، وكان
لابد من
استخدام الرمزية كستار لنا هروبا من الرقابة، واللجوء إلى تغيير الأسماء
الحقيقية
بأسماء وهمية ،خروجا من المأزق. «الفخرانى» أكد أنه أثناء
تحضيره للمسلسل عانى
كثيرا فى البحث عن تفاصيل للشخصية لعدم توافر المعلومات الكافية- وقتها- عن «الريان» واجتهد شخصيا فى الوصول الى أقرب
التفاصيل سواء الشكلية أو الحركية التى
ظل يجمعها على مدار عام كامل مابين الاطلاع على الصحف
والاستماع إلى كل من اقترب
منه حتى وصل الى الشكل الأقرب للشخصية،فى الوقت نفسه أبدى «الفخرانى»
إعجابه
بـ«ريان» «خالد صالح» وقال: «خالد» من الممثلين المجتهدين، وساعده فى
الإجادة تقديم
الدور بلا قيود، ونجح فى تجسيد حركات «الريان» وكأنك تراه أمامك صورة طبق
الأصل،
أما أنا فقد اتسم أدائى بالرزانة والتعبير الكلامى والأدائى
أكثر منه بالتعبير
الحركى. وأضاف «الفخرانى» إن سبب انجذاب الناس للمسلسل وقتها احتقانهم بسبب
ضياع
أموالهم.
«خالد صالح» بطل «الريان» أكد أنه الأقرب شبها له، زاد من ذلك
إجادته لنفس الحركات والإيماءات، وهو- كما يؤكد «صالح»- مانجح فى الحصول
عليه من
خلال اقترابه من شخصية «الريان» الحقيقية عدة مرات أثناء
التحضير للمسلسل، «صالح»
الذى توفرت له جميع المعلومات الممنوعة والمسموح بها كانت سببا- كما يقول-
فى
صولانه وجولانه فى هذا الدور وكأنه عجينة طيعة يشكلها كيفما شاء، هذا الى
جانب
حصوله على أدق التفاصيل من المصدر نفسه وهو «الريان».
«صالح» أكد أنه لم
يكن يتوقع كم المشاهدة هذه للمسلسل، إلا أن مايبدو أن مسلسلات السير
الذاتية، خاصة
لشخصية جدلية مثل «الريان» تجذب الجمهور إليها بهذه
الدرجة.
«أحمد توفيق
عبد الفتاح الجبيرى» الشهير بـ«الريان» من شاهده قبل ثورة 25 يناير وما
أدلى به من
تصريحات إعلامية، يدرك أنه شخصية مختلفة بعد الثورة،حيث عاد ليوجه طلقات
نارية فى
تصريحاته لوسائل الإعلام جعل الكثير من الشعب المصرى يدرك أنه
كان رجلاً من رجال
النظام البائد الذى أراد أن يكسر فم الأسد فأكله.
فهو الذى وجه- فور خروجه
من السجن- شكره وتقديره إلى اللواء «حبيب العادلى» وزير
الداخلية الأسبق لحسن
معاملته وعدم انتهاك آدميته وكرامته الإنسانية طوال فترة محبسه، ثم عاد
متناقضا فى
تصريحاته- كعادته- ليطلق قذائف نارية يكشف فيها فساد الداخلية وانقلابه على
«العادلى»
مؤكدا أنه لم يزره فى السجن ولا حتى مرة واحدة، بل راح ليؤكد أنه كان
يرسل له مع قياداته تهديدات تطالبه بدفع مبلغ 10ملايين جنيه رشوة للإفراج
عنه،
«الريان»
أشار إلى أن سبب انهيار امبراطوريته غيرة البنوك وتجار المناقصات منه،
ولذلك قرروا التخلص منه والإطاحة به.
على الصعيد الدرامى لمسلسل «الريان»
وفى الوقت الذى وقع فيه «الريان» على عقدين مع كل من«سامح سند» مدير شركة
كوميديا
للإنتاج الفنى بمقابل مادى نصف مليون جنيه رغم أن الريان أكد أنه حصل على
50 ألف
جنيه فقط نظير عمل فيلم تسجيلى عنه، ومع «طارق العريان» بمقابل
70 ألف جنيه نظير
عمل مسلسل،أخل «الريان» بهذين الاتفاقين.بعد أن وقع مع محمود بركة عقد
اتفاق آخر
لعمل مسلسل «الريان» الذى يعرض حاليا وهو ما يتعرض مع العقدين اللذين
يلزمانه بعدم
الإفصاح عن أى معلومات أو تفاصيل تتعلق بشخصيته أو الموافقة على أعمال
نتناول سيرته
إلا لهما فقط بحسب ماينص عليه العقد، كما أنه لم يترك قناة أو
وسيلة إعلامية إلا
وصرح فيها كيفما شاء بحثا عن المادة، والحيل الدفاعية موجودة وقت اللزوم.
مسلسل «الريان» وقبل أن يبدأ والخلافات قائمة بين أسرة العمل وبين
«أحمد
الريان» الحقيقى الذى أتهم كل من مؤلفى العمل «حازم الحديدى» و«محمود
البزاوى»
والمخرجة «شيرين عادل» لما قدموه من صورة
بعيدة عن سيرته الذاتية التى سردها أثناء
جلسات التحضير للعمل، واتهمهم أنهم قدموه فى صورة المحتال الذى
يلعب بـ«البيضة
والحجر» كما صوروه على أنه زير نساء، وقال لنا: أنا لست الذى يقدمه «خالد
صالح»!!
«أحمد الريان» صرح لنا بأن المسلسلين اللذين تناولا السيرة الذاتية لم
يقتربا
من الحقيقة فقد حاولا تشويه صورته أمام المجتمع ليؤكدا أن الحكومة المصرية
لم
تظلمه،إلى أنه ظلم ونهبت جميع أمواله من رجال «مبارك» الذين يقفون الآن خلف
القضبان.
وأشار إلى أن المسلسل الذى يعرض حاليا لا يعرض الحقيقة الكاملة
عنه وعائلته، ويقول: لقد خان المؤلفين ذكاؤهما وصورانى بصورة بهلوان أحارب
فقط من
أجل المال، كما استخدموا الحيل الدرامية لإقحامى على جماعة
الإخوان المسلمين- رغم
كونه عضوا بها قبل دخوله الجامعة. كما نفى أنه كان عميلا لصالح جهاز أمن
الدولة-
وهو أيضا ما تطرق له المسلسل- وأشار إلى
أنه بالفعل تزوج 13 مرة ولكنه لم يكن
«بصباصا»
أو منحرفا، كما صوره المسلسل..
«الريان» أكد أن العقد القائم بينه
وبين الشركة لم يمنعه من رفع دعوى قضائية ضدها وضد أسرة
المسلسل بداية من المخرجة
والمؤلفين ومعهما «خالد صالح» لتحريف قصة حياته الحقيقية.
مجلة روز اليوسف في
13/08/2011
«مشرفة»
فى لوحة «الشرف» و«كارول» ليست «صباح» و«درويش» فى قائمة
«الغياب»!
كتب
حسام عبد
الهادى
بين السفر والترحال والبحث عن الذات ومواجهة الاحتلال بكل
أشكاله وألوانه وجنسياته تتلاقى شخوص السير الذاتية فى رمضان هذا العام.
«مصطفى
مشرفة» «رجل من هذا الزمان»، «محمود درويش» «فى حضرة الغياب»
و«صباح» «الشحرورة»،
ورغم تاريخ هذه الشخصيات الثلاث المعروف ومدى تأثيرهم
بإنجازاتهم سواء العلمية أو
الأدبية أو الفنية فى المجتمع، إلا أن تناولهم دراميا عبر سيرهم الذاتية
جاء مخيبا
للآمال باستثناء «مشرفة» الذى بيض وجه الشاشة هذا العام وجعلها أكثر
احتراما ورقيا
فى ظل دراما المخدرات والعرى والتسطيح التى مازالت جاثمة فوق
شاشاتنا.
بالفعل كان «مشرفة» مشرفا، وكعادتها مخرجة الروائع «إنعام محمد
على» تنكب على أعمالها بالشهور والسنين لتخرج أفضل ما عندها وما عندهم -
أقصد
الممثلين - وهو ما تؤكده روائعها السابقة «أم كلثوم» سيدة
الغناء العربى وسيدة
السير الذاتية التى لم يقدم مثلها حتى الآن باستثناء «الأيام» لأحمد زكى عن
رائعة
عميد الأدب العربى «د. طه حسين» وكذلك «قاسم أمين» التى أحيت به ذكرى رائد
تحرير
المرأة، وهاهى تطل علينا بواحد من أهم علماء العالم فى الذرة
«د.على مصطفى مشرفة». «إنعام»
راهنت فى تقديمها لهذه الشخصية وكعادتها على الممثل الأقرب للشخصية بصرف
النظر عن نجوميته، فهى التى تصنع لهم النجومية ولا تريدهم أن يصنعوها
لشخوصها، حدث
ذلك مع «صابرين» فى «أم كلثوم» ومع «كمال أبورية» فى «قاسم
أمين» وهاهو يتكرر مع «أحمد
شاكر» فى «مشرفة». لعبت «إنعام» على التفاصيل الدقيقة للشخصيات وهو من أهم
مميزاتها الإبداعية، فهى لا تترك صغيرة ولا كبيرة فى الشخصية إلا وتناولتها
مهما
كانت الخطوط الحمراء والمحاذير، فهى تريد أن تنقل الشخصية إلى
المتلقى دما ولحما
كما عاشت وعرفها الناس بأدق تفاصيلها الشكلية والمهنية، فى «على مصطفى
مشرفة» تصل «إنعام» بـ «أحمد شاكر» إلى أن يكون صورة
طبق الأصل من «مشرفة».. حركاته، همساته،
شكله، ملابسه، لدرجة أنها بحثت عن تفاصيل تكاد تكون غائبة عن
الكثيرين لتطعيم العمل
بها مثلما تطعم الخواتم بالأحجار الكريمة فوجدت عشق «مشرفة» للعزف على آلتى
البيانو
والكمان ولم يكن من السهل أن يتعامل مع تلك المفردات إلا فنان يتذوق
الموسيقى، ومن
هنا تأتى خبرة «إنعام» فى اختيار الممثل المناسب للدور المناسب، ناهيك عن
الخلفية
الثقافية والعلمية التى يجب أن يتمتع بها الممثل للتمكن من
تجسيد الشخصية بشكل
متقن، وهو ما وجدته فى «أحمد شاكر» الذى يجيد اللغة الإنجليزية بطلاقة، وهى
إحدى
الأدوات والمفردات المهمة فى شخصية «مشرفة» الذى تلقى تعاليمه فى «لندن»
إلى جانب
إجادة «شاكر» للعزف على البيانو والكمان بجانب المواصفات الشكلية والنفسية
والفكرية
والثقافية المشتركة بين الاثنين.
النطق ببعض الكلمات الإنجليزية فى المسلسل كان ضروريا - كما
تؤكده «إنعام محمد على» - لتوضيح الصورة للمتلقى أن هناك فصيلين، فصيل فى
القاهرة
هو الذى يتحدث العربية، وفصيل بلندن وهو الذى لابد أن يطعم
حواره ببعض الكلمات
الإنجليزية لفرض طبيعة المكان على المشاهد، وقد اختارت «إنعام» الجمل
البسيطة التى
يفهمها القاصى والدانى وإن كانت هناك مشكلة واجهتها فى الحلقات الأولى سيتم
تصحيحها
فى الحلقات المتبقية وهى وجود شريط للأحداث والرسائل أسفل
الشاشة يعوق ظهور الترجمة
بوضوح. المسلسل أظهر مدى العشق الذى يربط أسرة «مشرفة» ببعضها والتواصل
فيما بينهم
حتى الآن من خلال الأبناء والأحفاد، وقد ذكر المسلسل بعض التفاصيل الدقيقة
عن هذه
الحالة بأن الأسرة مازالت تدور فى دائرة الأسماء الأشهر فى العائلة
لتتناقلها عبر
الأبناء والأحفاد وهى أسماء «على»، «مصطفى»، «حسن»، «عطية»، ويتم تداولها
حتى الآن
فى نطاق الأسرة. المصداقية هو الوتر الذى تلعب عليه «إنعام» فى
توصيل الشخصية كما
يجب إلى المتلقى عبر الوسيط الذى يقوم بدوره الممثل حتى يصدق الناس بالفعل
أنهم
أمام الشخصية الحقيقية دما ولحما والأهم من كل ذلك روحا، فى الوقت الذى
افتقدت فيه
مسلسلات السير الذاتية الأخرى مثل «الشحرورة» و«فى حضرة
الغياب» «الروح»، وإذا كان
«مشرفة»
بالفعل هو واجهة مشرفة لكل دراما هذا العام وتحديدا دراما السير الذاتية،
فإن «الشحرورة» و«فى حضرة الغياب» هما مسلسلان للاستهلاك الجماهيرى ينقصهما
الدراما، فلا الممثل المناسب فى المكان المناسب ولا حتى هناك
اجتهاد حقيقى من
الممثل للوصول إلى الحد الأقرب من طبيعة الشخصية التى يجسدها لا أداء ولا
روحا، ففى «الشحرورة» نجد هناك انفصالا تاما بين
«كارول سماحة» و«صباح»، فليست «كارول» «صباح»
التى نعرفها والتى تتميز بالكاريزما والبريق والتفرد، أما مع «كارول» فتشعر
أنك
أمام كيان مظلم حتى لو كان يحاول أن يستمد ضوءه من نور الصبوحة. «كارول»
تبدو
بعمليات النفخ والشد والحشو والحقن التى أفسدت ملامح وجهها
أنها كبيرة فى السن لم
نصدقها وهى تلعب دور الصبوحة فى شبابها وفى قمة دلعها وتألقها وتأنقها،
كذلك
الشخصيات المحيطة مثل «أنور وجدى» و«إسماعيل يس» و«محمد عبدالوهاب» لم
نصدقها
جميعها.
الفرق كبير بين الدراسة والاستسهال، أن ينكب فريق عمل مثل
مسلسل «مشرفة» على العمل لشهور وسنين ليظهر فى أحسن صورة وبين فريق عمل
يستسهل من
باب «اخطف واجرى» وكأنها سبوبة مادية فقط بعيدا عن الفن
والإبداع، كما هو حاصل فى
«الشحرورة»
و«فى حضرة الغياب» الذى نرى فيه القوة الناعمة هنا فى البطل وهو على عكس
ما كانت تتمتع به شخصية «محمود درويش» المناضل بفكره ونبضه وشخصه ضد
الاحتلال
الصهيونى، صحيح أن «درويش» كان رقيق القلب والحس، لكن أبدا لم
يكن ناعم الأقوال
والأفعال بالصورة التى وجدنا عليها بطل المسلسل «فراس إبراهيم» الذى لم
يأخذ من
«درويش»
سوى اسمه، أما أفعاله، حركاته، سكناته، حتى طريقة إلقائه بعيدة تماما عن «درويش» الأصل، هنا الممثل لم يجتهد وفرح
بالبطولة المطلقة التى حشر نفسه فيها
بفلوسه، بعد أن خاض تجربة غير مكتملة البطولة فى مسلسل
«أسمهان»، الذى شارك فى
إنتاجه وكان مسلسلا ناقص النمو ويحتاج إلى حضانة المبتسرين، فمسلسلات السير
الذاتية
تحتاج إلى تحضير وعمق فى التناول وكأنك تحضر لبحث علمى أو رسالة ماجستير أو
دكتوراه، إنما الاستسهال لن يولد سوى سطحية فى العمل ونفور من
المشاهد، ثم أين
طبيعة هذه الشخوص الحقيقية فى دراماها أين نضال «درويش» بالكلمة والفعل ضد
الاحتلال
الصهيونى بالشكل الذى يليق بتاريخه، أين تفاصيل حياته فى الغربة والتى كتب
فيها
«تعبت
من السفر الطويل حقائبى.. وتعبت من كثرة الترحال»، أين الصدق فى عاطفة «درويش» الحقيقية التى خرجت باهتة من بين
ضلوع «فراس إبراهيم» فى الوقت الذى ظهرت
فيه كل هذه التفاصيل بقوة فى «مشرفة» علاقة الحب القوية التى جمعت بين
«مشرفة»
و«ليز» التى تحدى أمامها العالم حتى والدها الإنجليزى الذى كان يميل إلى
العنصرية
ويقف ضد هذا الحب لكون طرفه الآخر مصريا من بلد يحتله أهل وطنه الإنجليز،
ورغم ذلك
كان دفاع «مشرفة» ضد الاحتلال هنا دفاعا فكريا وعقلانيا
ومنطقيا وحكيما، وهو نفس
الطبيعة التى كان ينتهجها «درويش»، لكن للأسف أجهضها المسلسل وأفقدها
ملامحها.
وتكرر نفس الشىء بالنسبة للشحرورة التى قدمت فنا أشبه بطلقات
الرصاص فى مواجهة العدو الصهيونى الذى احتل بلادها فى لبنان، ولم يلتفت
مسلسلها إلا
لمناطق الحب والعاطفة وتعدد الزواج وبشكل سطحى غير متعمق ولم
يتوافر له عامل الوقت
للإتقان، فى النهاية لن يثبت فى الذاكرة وفى القلب سوى العمل الذى كان
صادقا فصدقته
الجماهير وستذهب الأعمال السطحية الرديئة إلى غياهب النسيان فى الوقت الذى
تظل فيه
شخوص السير الذاتية التي سطرت تاريخها بجهد وعرق وإنجازات
باقية بقاء التاريخ.
مجلة روز اليوسف في
13/08/2011 |