أيام العز
بعدما كشف تيمور مهنا حقيقة الخواجة جورج لنجيب الريحاني، عاد ووفى
بوعده إحضار صاحب الأزجال، فعاد إلى المسرح في مساء اليوم التالي ومعه شاب
نحيل، يبدو من طبيعته، كما لاحظ نجيب، مهذباً وخجولاً.
جلس الشاب صاحب الأزجال صامتاً يسترق نظرات من حين إلى آخر إلى نجيب
الريحاني، الذي لاحظ ذلك، فأراد الدخول معه في حوار بهدف إزاحة الحرج عنه.
* وأديبنا الخجول بقى اسمه
إيه؟
ـ بديع خيري.
* اسم فنان. بس قوللي يا عم بديع؟ أنت بقى اللي كتبت الكلام الجميل دا
بتاع «الفايظجية» ولا جورج شفتشي؟
ـ لا جورج اللي كتبه.
* كدهه؟ يعني مش أنت؟
= هو عجبك.
* جداً. دا شيء بديع خالص. بديع خيري.
= دا من ظرفك… بس هتفرق إيه أنك تعرف إني أنا اللي كتبته ولا جورج.
المهم أنه عجبك وبس.
* واضح إنك راجل مؤدب زيادة عن اللزوم ومش عاوز تفضح صاحبك… بس مش
مهم. المهم أني عاوزك تكتب لي زجل تقوله طايفة من الأعاجم، وصلوا لزيارة
«كشكش بك عمدة كفر البلاص». ممكن تجيبه أمتى؟
= بكره إن شاء الله.
** كدهه… وتقولي مش أنت اللي كتبت زجل «الفايظجية»!
لم يخيب بديع ظن نجيب وصدق وعده، إذ جاء صباح اليوم التالي يحمل الزجل
المطلوب ومطلعه: هاي هاي اعجام إخوأنا… كفر البلاص قدامنا.
لم يترك نجيب بديع خيري يغادر المسرح قبل التوقيع على عقد اتفاق
بالعمل في فرقة الريحاني براتب شهري قدره 16 جنيهًا مصريًا.
راح بديع خيري يكتب الكثير من الأزجال التي ضمنها الريحاني إلى مسرحية
«حمار وحلاوة» بدلاً من أزجال أمين صدقي الذي ترك الفرقة غير آسف، ظناً منه
أنهم سيأتون زحفاً إليه لإنقاذ الفرقة من الضياع، غير أن أزجال بديع بثت
روحاً جديدة في الفرقة، حتى إن نجيب وجد عند ختام الشهر الثاني 800 جنيه
مصري في خزانة الفرقة، أي أن مبلغ الشهر الأول تضاعف، واستمرت «حمار
وحلاوة» لمدة أربعة أشهر بنجاح ساحق، للمرة الأولى في تاريخ المسرح المصري
وحققت إيرادات لم تحققها مسرحية سابقاً.
بدأ نجيب الريحاني يلاحظ أن من بين جمهور مسرحه أفواجاً من هؤلاء
الذين وفدوا إلى مصر منذ اندلاع الحرب العالمية الأولى، فتوافد الأوروبيون،
تحديداً الإنكليز، بإحساس أنهم متفوقون على المصريين مادياً ومعنوياً
ومدنياً، بل وعسكرياً، وتعاملوا معهم باعتبارهم شعباً متخلفاً مغلوباً على
أمره يسهل استغلاله، فاستغل نجيب الموقف وجعل من شخص «كشكش بك» رمزاً
للمقاومة، فعلى رغم ريفيته وسذاجته إلا أن الريحاني جعل في أعماقه كبرياء
وعناداً واندفاعاً محموماً للمشاغبة، مع استخدام سلاح المكر والدهاء، فكفل
له في أعماله الانتصار دائماً على الخواجة غير المصري، مطالباً دائماً بحقه
في ما يملك كمصري.
أعد نجيب رواية جديدة بعنوان «على كيفك» وضع أزجالها الصديق الجديد
بديع خيري، ولحنها كامل شامبير الذي سبق ووضع ألحان «حمار وحلاوة».
بلغ الريحاني من الخبرة والحنكة ما جعله يقوم خلال عرض رواية «على
كيفك» بدراسة حالات الجمهور النفسية، ويراقب مقدار الأثر الذي تحدثه تلك
الأزجال الجديدة في أنفسهم عموماً، خصوصاً أن الريحاني يعرف نوعية جمهوره
جيداً، فهو يضم فئات بعينها، لا سيما الطبقة الراقية من الباشوات
والباكوات، إضافة إلى بعض الأجانب الموجودين على أرض مصر. فدخل السرور إلى
نفسه، ليس بسبب استقبال جمهور لهذه الأزجال والأغاني بطريقة رائعة، بل
لملاحظته حدوث تغير في نوعية الجمهور مسرحه، إذ لاحظ فئات جديدة من الطلبة
والمثقفين، وعلى رغم سعادته بذلك إلا أنه كان لا يزال يشعر بنقص في نوعية
الجمهور، فراح ينقل هذا الإحساس إلى بديع خيري ليكون محور الأزجال التي
يكتبها:عايزين نعمل مسرح مصري. مسرح ابن بلد فيه ريحة الطعمية والملوخية…
مش ريحة البطاطس المسلوقة والبوفتيك… مسرح نتكلم عليه اللغة اللي يفهمها
الفلاح والعامل ورجل الشارع ونقدم لهم اللي يحبوا يسمعوه ويشوفوه.
وجاءت النتيجة كما توقع الريحاني، فقد أحدثت أزجال بديع خيري الجديدة
تغيرًا مدهشًا واتسعت دائرة الأعمال وأضحى مسرح «الإجيبسيانة» مقصد الرواد
من كل حدب وصوب. حتى في الأيام التي كان يعبر عنها بالأيام «الميتة»،
الاثنين والثلاثاء والأربعاء، وإزاء ذلك قام الريحاني بتشجيع بديع ورفع
راتبه من 16 جنيهاً شهرياً إلى 30 جنيها دفعة واحدة، خصوصاً عندما بلغ دخل
الفرقة خلال شهرين من العرض ثلاثة آلاف جنيه!
في المقدمة بلا شريك
لم يكتف الريحاني بهذا النجاح، فلا يكفي أن يصل إلى القمة، بل لا بد
من الحفاظ عليها. فكر في الاستعانة بمؤلف جديد للفرقة إلى جانب بديع خيري،
من شأنه بناء «هيكل الروايات» واستنباط موضوعاتها وابتكار نكاتها، فوقع
اختياره على حسين شفيق المصري، الذي قدم للفرقة نوعاً جديداً من الروايات
المسرحية، لا يعتمد على الاستعراض والغناء والكوميديا، بل يغوص في أعماق
المجتمع المصري ويلقي الضوء على مشاكله وهمومه، واشترك الثلاثي (نجيب وبديع
وحسين شفيق) في كتابة رواية بعنوان «سنة 1918 ـ 1920»، وهو عنوان غريب على
المسرح المصري عموماً ومسرح الريحاني عموماً، ليصبح الأخير في المقدمة بلا
منافس، لدرجة أن الفرقة المسرحية الأخرى بدأت إغلاق أبوابها، واحدة تلو
الأخرى.لكن علي الكسار أبى أن يستسلم، وراح يناوش الريحاني وفرقته من خلال
أسماء رواياته، فقدم رواية «راحت عليك»، الأمر الذي استفز الريحاني بشكل
كبير فرد عليه بعنوان رواية جديدة وضع لها عنوان «فشر»، التي لاقت النجاح
نفسه، ما جعل جورج أبيض يقف حائراً أمام هذه الظاهرة، وراح يناقش عزيز عيد
في كيفية الخروج من هذا المأزق:
* أنا مش عارف الريحاني بيعمل إيه للجمهور علشان يبقى مسرحه كل ليلة
بالشكل دا؟
= بيعمل اللي الجمهور عايزه يا أستاذ.
* مش كل اللي الجمهور عايزه ممكن ينجح كدا… أكيد فيه سبب تاني.
= بصراحة الريحاني بيقدم في رواياته كل حاجة. الاستعراض والمغنى
والرواية المحبوكة والضحك. ودا بيخلي الجمهور بيتهافت عليه.
* خلاص. نعمل اللي الجمهور بيحبه… بس بطريقتنا برضه.
انقاد جورج أبيض إلى نصيحة عزيز عيد، واستعان بفتى صغير اسمه حامد
مرسي، لينشد بعض القصائد القديمة بين فصول روايته، كذلك كلف الأديب عبد
الحليم دولار المصري بكتابة رواية تحاكي روايات الريحاني، فكتب له «فيروز
شاه»، واستعان جورج بملحن جديد ليضع ألحان الرواية، كما أنجز ديكورات فخمة
ومد الفرقة بملابس جديدة، يغلب عليها الثراء التاريخي الذي يتناسب وأجواء
المسرحية… على رغم ذلك كله ظلت الهوة كبيرة بين إيرادات مسرحه وإيرادات
مسرح الريحاني، ولم تحدث المنافسة التي كان ينشدها.
لم يكن لدى الريحاني الوقت ليذهب إلى مسرح جورج أبيض كي يشاهد روايته
الجديدة، فكلف بعض أعضاء فرقته القيام بهذه المهمة، فعادوا وقد نقلوا إلى
الريحاني ما يهمه معرفته عن أحوال الفرقة وحجم الجمهور.
الشيخ سيد
اطمأن الريحاني لكلام أعضاء فرقته وتصدره القمة، غير أنه بينما كان
يجلس في صالة المسرح ينتظر أن ينضم بقية أعضاء الفرقة إلى من يجلسون فوق
خشبة المسرح لبدء التمرين اليومي، سمع بعضهم يردد أزجالا بألحان جديدة على
سمعه لفتت انتباهه بقوة، فسأل شقيقه جورج، باعتباره أحد الذين زاروا مسرح
جورج أبيض:
* مين اللي بيقول الكلام دا؟
= دا عبد اللطيف المصري.
* يا أخي ما أنا شايف أن عبد اللطيف اللي بيقوله. أنا قصدي بتاع مين؟
= آه. دا بيغنيه مغني صغير اسمه حامد مرسي في فرقة جورج أبيض.
* يا أخي مين اللي ملحن الكلام دا؟ المزيكا… المزيكا يا جورج.
= أيوه. دي بتاعت شاب من إسكندرية تلميذ المرحوم سلامة حجازي، جابه
جورج أبيض من فترة… وهو اللي بيحط كل ألحان الفرقة.
* تلميذ الشيخ سلامة! اسمه إيه الشاب ده؟
= اسمه سيد درويش.
* ومين ما يعرفش الشيخ سيد؟ دا صيته واصل من هنا إلى الشام.
استمر الكسار يضع عينيه على مسرح الريحاني وما يقدمه من روايات، ليضع
عناوين روايات الغرض منها، ليس استفزاز الريحاني فحسب، بل لتوصيل رسالة
مهمة إلى الجمهور، وهي أن «بربري مصر الوحيد عثمان عبد الباسط» قادراً على
منافسة «كشكش بك» بل والتفوق عليه، فقدم رواية بعنوان «الصيت ولا الغنى»
وأراد الريحاني أن يرد عليه، فاجتمع الثلاثي (نجيب وبديع وحسين شفيق)
ووضعوا رواية جديدة أطلقوا عليها اسم «ولو» وضع بديع أول زجل منها وهو
عبارة عن شكوى يتقدم بها جماعة من «السقائين» يشرحون للجمهور آلامهم في
الحياة.
سلم الريحاني الزجل إلى الشيخ سيد درويش، الذي وعد أن يأتي باللحن
مساء الغد، غير أنه لم يف بوعده ولم يعد في الموعد، بل ولا في اليوم
التالي، حتى إذا كان اليوم الثالث أرسل إليه الريحاني عبد اللطيف جمجوم،
الذي ظل بجوار الشيخ سيد طيلة الليل، يحاول البحث عن بداية اللحن دون جدوى،
ومع أول ضوء للنهار بدأت الحياة تدب في «الحارة» التي يسكن فيها الشيخ سيد،
فوصل إلى أذنه صوت أول سقا يدخل الحارة وهو يصيح بصوت جهوري: يعوض الله.
أنتبه الشيخ سيد، وأمسك بذراع جمجوم وهتف:
= خلاص… خلاص يا جمجوم لقيت اللحن اللي أنا عاوزه.
يعوض الله
يهون الله ع الساقين
دول غلبانين
متبهدلين م الكبانية
خواجاتها جونا
دول بيرازونا
في صنعة أبونا
ما تعبرونا يا خلايق
وفي المساء حضر وأمسك بالعود وراح يغني اللحن بصوته، فيما حلق
الريحاني طائراً في السماء فرحاً باللحن والكلمات، وبينما هو على هذه الحال
ناوله بديع خيري الزجل الثاني للمسرحية وأسمعهما مطلعه:
نبين زين ونخط الودع وندق لكم ونطاهر
وتحبل اللي ماتحبلش ونفك كمان اللي تشاهر
في اليوم التالي كان الشيخ سيد قد وضع اللحن للزجل الجديد، ثم أعقبه
زجل استقبال كشكش: ألفين حمد الله على سلامتك… يا أبو كشكش فرفش أدي وقتك.
ظل بديع يوالي الشيخ سيد درويش بأزجال مصرية صميمة حتى اكتملت رواية
«ولو» وظهرت للجمهور في ثوب من بديع البيان، وصفاء الألحان، لدرجة أن
الريحاني شعر بأن الجمهور كان يسبح أثناء التمثيل في عالم علوي تهزه نشوة
السرور والإعجاب، فيقابل كل كلمة أو نغمة بالتصفيق والترحيب.
الاعتراف بنجيب
ذاعت شهرة مسرح الريحاني وارتبطت ألحان سيد درويش به، وراح كل
المصريين يرددونها، سواء من الطبقات الراقية أو الطبقات الدنيا وطوائف
العمال والفلاحين، وأصبح موضع أحاديث الناس في كل مكان، ولم يعد لهم أحاديث
إلا عما خلفته الحرب العالمية وروايات نجيب الريحاني، ما جعله يرفع من راتب
بديع خيري ليصل إلى 50 جنيهاً في الشهر.
على رغم هذا النجاح الكبير إلا أن نجيب انتابه إحساس بأن شيئاً ما
ينقصه، وهو ما أسر به إلى لوسيين عندما وجه إليها دعوة على العشاء احتفالاً
بهذا النجاح:
= حبيبي. كل ما أنظر في عينيك أجد بهما حزناً كبيراً… ليه؟
* للدرجة دي قادرة تدخلي جوه عنيا؟
= أنا جوه قلبك. مش عينك فقط.
* عارفة يا لوسي… كل ما أحقق نجاح جديد أخاف!
= من إيه؟
* بخاف إن النجاح يكون صدفة… وينتهي فجأة.
= اللي أنت بتعمله مش ممكن يكون صدفة. أنت فنان حقيقي… ومش مجرد فنان
ناجح بس. فنان بيحب بلده وحاسس بهمومه ومشاكله.
* للدرجة دي أنت فاهمة اللي بنقدمه رغم أنه بالعربي؟
= الإحساس ملوش لغة. الإحساس الصادق بيوصل بأي لغة.
* سيبك من التياترو والنجاح والسقوط. أنت واحشاني جداً.
= أنت أكتر… بس أعمل إيه؟ ماقدرش أكره غريمي لأننا بنحب «المسرح» سوا.
لم يشأ نجيب الريحاني أن يظل شقيقاه بعيدين عنه، فإضافة إلى عمل جورج
إلى جانبه كسكرتير خاص لا يفارقه، أوكل إلى توفيق مهمة الوقوف في مدخل
التياترو لملاحظة من يدخل ومن يخرج والتصدي لأي مشكلة قد تطرأ من أي من
الحضور، إضافة إلى ملاحظة العاملين في التياترو لإنجاز أعمالهم من نظافة
وحسن استقبال للجمهور. أما يوسف، فنظراً إلى ظروفه الصحية طلب منه أن يجلس
في شباك التذاكر ليكون أميناً على ماله، وفي الوقت نفسه ليبتعد عن اهتمامه
بالتنويم المغناطيسي الذي شغل به كثيراً، فشعر شقيقاه بامتنان كبير لحرص
نجيب أن يكونوا بجواره. لكن والدته السيدة لطيفة، ظلت على رأيها في التمثيل
وفي ابنها «الممثل» الذي لا تزال تخجل من أن تخبر إحدى جاراتها بوظيفته،
حتى قادتها الصدفة لتعرف ابنها للمرة الأولى وتعرف أنها والدة أهم شخصية
فنية في مصر.
انتهت والدة الريحاني من زيارة ابنة خالتها في شارع الفجالة، ثم
استقلت «المترو» عائدة إلى منزلها في مصر الجديدة، جلست إلى جوار الشباك
تنظر منه لا تلقى بالاً إلى من يجلس بجوارها، بينما كان يدور حديث بين
راكبين في المقعد الخلفي لها انضم إليه راكبان في المقعد الذي أمامهما،
فمرت الكلمات عبرها، وهي لا تعيرهم اهتماماً، حتى انتبهت إلى اسم:
ـ أيوه نجيب الريحاني.
= دا حتة ممثل. ماجبتهوش ولادة…
- تصدق يا حامد أفندي أني شفت كل روايات نجيب الريحاني دا.
= كل رواياته!! دا أنت غاوي بقى.
ـ شوف علشان تحس بالفن اللي على أصوله لازم تشوف روايات الريحاني. هو
صحيح علي الكسار كويس بس مش زي الريحاني.
- الميزة اللي عند الريحاني أنه راجل وطني بيحب مصر وبيقدم الفن اللي
يخدم بلده لأنه حاسس بالناس وهمومهم.
جاءت الجملة الأخيرة لتحسم موقف السيدة لطيفة لتفعل ما ترددت كثيراً
في فعله، حيث فوجئ ركاب عربة المترو بالسيدة لطيفة تقف وسط عربة المترو
وتصيح فيهم وهي تغالب دموعها: نجيب الريحاني دا يبقى ابني. أنا أم نجيب
الريحاني الممثل… نجيب الريحاني ابني… ابني.
«أنا أم نجيب الريحاني.. الممثل» هذه الكلمة التي كانت السيدة لطيفة
تأنف من أن «يوصم» بها ابنها، أضحت موضع زهوها وفخارها!
عادت إلى بيتها، وكان أول قرار اتخذته أن تعترف بابنها نجيب وبمهنته
التي شرفتها اليوم وسط رهط كبير من ركاب مترو مصر الجديدة:
* اسمع يا توفيق… أنت رايح النهارده التياترو عند أخوك نجيب؟
= أيوه يا أمي. ما أنت عارفة إن نجيب بيحب نبقى جنبه. أنا عارف إن دا
مزعلك بس اعتبريه شغل زي أي شغل. وأهو إحنا أولى من الغريب.
* طيب اسمع أنا عاوزة أقولك حاجة بس ما تجبش سيرة لنجيب.
= خير يا أم توفيق؟
* أنا عاوزاك تاخدني معاك التياترو وأنت رايح النهارده.
= إيه؟! بتقولي إيه؟ أم توفيق أنت ناوية على إيه؟ إحنا ماصدقنا الأشيا
بقت معدن مرواحك النهارده دا ممكن يقفل التياترو.
* أنت فاهم غلط يا توفيق. أنا النهارده بس عرفت قيمة نجيب وعاوزه أفرح
بيه… ولو إن الفرحة اتأخرت كتير قوي. بس بشرط أوعى تقوله… عاوزاه يتفاجئ
بيا وسط جمهوره اللي بيحبه.
البقية في الحلقة المقبلة
سيد درويش
وجد الريحاني شيئاً جديداً ومختلفاً في ما سمعه من ألحان سيد درويش،
ففكر في نقلها إلى مسرحه، غير أنه تردد في الاستعانة به خشية أن يتكرر معه
ما فعله أمين صدقي، ما إن يتعود الجمهور على ألحانه حتى يبدأ في التفاوض
وإملاء الشروط. لكن مهما كانت الشروط لا بد من الاستعانة به في مسرح
الريحاني، وفوراً أرسل شقيقه جورج لإحضار سيد درويش:
* أهلا أهلا اتفضل يا شيخ سيد.
= يزيد فضلك يا أستاذ.
* قوللي يا شيخ سيد أنت عايش هنا في مصر ولا في الإسكندرية؟
= ما تشغلش بالك يا أستاذ. أدي إحنا بنقضوها… شوية هنا وشوية هناك.
وأهي ماشية يا سيدنا.
* شوف يا شيخ سيد. أنا سمعت ألحانك البديعة وعجبتني أوي وعاوزك تشتغل
معأنا.
= دا يشرفني يا أستاذ. بس ربنا يقدرنا ونقدروا نوفقوا بين هنا وجوق
الأستاذ جورج أبيض.
* يا شيخ سيد. أنا بقولك تشتغل معانا لوحدنا. يعني تبقى واحد مننا.
تخليك معأنا على طول.
= أيوه يا أستاذ… بس يعني…
* قولي يا أبو السييد… الأستاذ جورج أبيض رابطلك ماهية كام في الشهر؟
= تمنتاشر جيني (جنيه).
* طب يا سيدي. إيه رأيك إحنا هنديك هنا أربعين «جيني».
= يا سيدي يا أبو العباس.
الجريدة الكويتية في
07/08/2012 |