الناس تعرف اسمه وشكله، لكنها لم تهضمه أو تبلعه بعد، وهؤلاء هم أنفسهم
الذين يحبون والده المخرج الكبير الذي تحولت أعماله إلى تراث فني شعبي
خالد، والمسألة باختصار أنك قد تأخذ بيد ابنك أو ابنتك ولكنك لن تستطيع أن
تفرضه على الناس، لأن الفن موهبة وقبول.
والتوريث الذي رفضه المجتمع المصري سياسياً وقامت ضده ثورة شعبية، في
المجال الفني مختلف وقد ازدحمت الساحة بأولاد النجوم: ريهام أشرف عبدالغفور،
كريم عبدالعزيز، أحمد صلاح السعدني، دنيا وإيمي سمير غانم، آية محمود
حميدة، عمرو ورانيا محمود ياسين، رانيا فريد شوقي وحفيدة أحمد جمال ومحمد
أحمد ماهر، ومي نور الشريف وعمرو حسن يوسف، وفى الطفولة ملك وليلى ابنتا
الفنان أحمد زاهر.
وعادل له طريقة ظريفة في الحوار مع زوجته فقد تكلمه في شيء، ويجد نفسه في
اتجاه آخر، وقد حذره البعض من خطورة إسناد مهمة إخراج فيلم«أمير الظلام»
إلى رامي ابنه قليل الخبرة، وعلى طريق مدام هالة معه قال لهم عندكم حق
وأسند له إخراج فيلم «أمير الظلام«، وبه مشاهد صعبة تحتاج إلى خبرة كبيرة
ومهارة، ونجح المخرج الشاب بشكل ملفت للأنظار وتوالت عليه العروض فقدم «غبي
منه فيه» مع هاني رمزي، ثم «بوحة» مع محمد سعد، وعن هذا الفيلم بالتحديد
عندما رأيته بعين الناقد اكتشفت أن الحس الكوميدي الذي ورثه رامي عن أبيه
انتقل إليه تلقائياً كمخرج وقلت بلا مبالغة وبكل قناعة: يا ناس هذا فطين
عبدالوهاب الجديد الذي يعرف كيف يستخدم الكاميرا في صياغة وصناعة المشهد
الكوميدي المكتمل، وفطين هو أستاذ الأساتذة في سينما الضحك، وصاحب فضل على
الكل ومنهم عادل إمام لأن الكوميديا تحتاج إلى إيقاع خاص في صناعة المشهد،
ومونتاجه، وتكويناته، وتفاصيله ومحمد سعد يعتمد كثيراً على حركات وجهه
ويديه وجسمه، فهل يرصدها المخرج على حساب الدراما كلها وباقي الممثلين
المتواجدين في المشهد؟، أم يحاول أن يمزج بين طاقة البطل الخاصة وخط سير
الفيلم حسب السيناريو المكتوب وبما يخدم العمل كله وليس البطل وحده، وفي
الفيلم الذي سبقه مع هاني رمزي كانت المسألة تحتاج إلى التركيز على الغباء
الظاهري للبطل، والغباء الداخلي في أعماقه، ونجح رامي بذكاء في الجمع بين
الغبائين.
وفي فيلم «ربع دستة أشرار» وكانت البطولة الأولى للممثل محمد رجب قدم
الأكشن الكوميدي، ومع نفس الممثل عاد ليقدم نفس النوعية وإن طغى الأكشن
أكثر في فيلمه الجديد «كلاشينكوف».
سارة اختارت لنفسها طريق العمل في شركة من شركات البترول بعيداً عن الفن
تماماً، ولما ارتبطت بشاب والده محسوب على قيادات «الإخوان المسلمون» قامت
الدنيا ولم تقعد مع أن القلوب الشابة الخضراء اجتمعت بالحب بصرف النظر عن
اتجاهات الأب ثم إن عادل ليس من الكفار حتى يستحيل على «الإخوان» مصاهرته
والارتباط به، البنت لطيفة ومهذبة، والشاب انطبقت عليه كل المواصفات التي
تكلم عنها عادل قبل سنوات وقت إن كانت سارة «بنوتة» صغيرة في الإعدادية،
حيث قال: من حق ابنتي أن تختار شريك حياتها والمهم أن يكون رجلاً بمعنى
الكلمة، يستطيع أن يصنع النجاح المادي ولا يصنعه النجاح المادي من ميراث أو
وظيفة، لأن الرجل الحقيقي أهم من المال، وهذا ما وجده عادل في زوج ابنته
ابن المهندس نبيل مقبل.
أذكر جيداً درجة حساسية عادل تجاه معنى الرجولة الحقيقي وربما لهذا شب
«رامي» ثم «محمد» كشباب أبعد ما يكونا عن تقاليع أبناء الطبقة الثرية وهما
منها، أنهما يعيشان أعمارهما لكن برجولة.
بعد سنوات يأتي سيناريو إلى عادل يحمل عنوان «عريس من جهة أمنية» وقصته حول
أب مرتبط جداً بابنته وكلما تقدم إليها «عريس» رفضه، ولكنه في النهاية لا
يقف ضد قانون الحياة، أي عكس اتجاهات عادل نفسه رغم ارتباطه بسارة إلى درجة
الجنون، الآن تطل الصورة العائلية الحلوة لعادل وهالة مع رامي وولديه عادل
وعز الدين وأيضاً سارة وابنتها «هنية» بينما محمد مازال يحلق في أجواء
العزوبية، فهل في حياة عادل العائلية بعض الأسرار لم يتم الإعلان عنها بعد؟
كانت مبررات الفنان الكبير دريد لحام أن الأمم المتحدة أصبحت عاجزة عن
مساندة الضعفاء، وأنها منحازة وعلى هذا لا يمكن أن يستمر في موقعه الشرفي
كسفير للنوايا الحسنة، في هذا الوضع المخجل، وتحت نفس المبرر استقال جمال
سليمان الفنان السوري، ثم الفنان المصري حسين فهمي، وكانت مبررات استمرار
عادل في موقعه رغم اتفاقه مع مبررات الزملاء أن تواجده هدفه خدمة ضعفاء
وجوعي ومشردين، واستقالته قد تحرمهم من دعم أو معونة يستطيع هو أن يقدمه
إليهم، وكانت أحداث الحرب على لبنان 2006 هي فتيل النار الذي أشعل ثورة
السفراء على النوايا غير الحسنة للأمم المتحدة.
وبدعة الاستعانة بالنجوم والمشاهير منذ أكثر من خمسين سنة وكان أولهم داني
كاي، ثم أودي هيبورن، ولا يتوقف أمر الاستعانة بالنجوم عند حدود معينة، فقد
استخدموا «فتيات التوابل» «سبايز جيرلز» في حملات لتنظيم النسل ثم ترشيح
كلوديا كاردينالي في حملات لحماية الآثار والسفراء مراتب أعلاهم «رسول
السلام» وقد حصل على هذا اللقب محمد علي كلاي الملاكم الأسطورة، وبعد ذلك
درجة سفير عالمي ثم إقليمي ثم قطري، وغالباً يستخدمون المشاهير من أصحاب
السيرة الجيدة والسلوك الحسن، وهناك فارق بين من تختارهم منظمات الأمم
المتحدة في الدعاية والترويج لبرامجها الإنسانية وبين من يقومون بجهود
فردية من خلال منظمات المجتمع المدني.
وبينما تتناقل وكالات الأنباء ومواقع الإنترنت الاستقالات المتوالية
للكويتية سعاد عبدالله وحسين فهمي والسعودي هاني السعدي، والسوري جمال
سليمان، أعلن عادل إمام عن مفاجأة في مسرحة خلال ليلة من ليالي أغسطس 2006،
وتوقع الكثيرون أن يعلن عادل عن استقالته في ختام العرض وذهبت الكاميرات
وتجمع حشد كبير من الصحافيين والصحافيات، وفي ختام عرض مسرحية «بودي جارد»
وقف عادل مع أعضاء فرقته وأضاء الشموع تأييداً وحزناً على ضحايا مجزرة «قانا»
وما جرى في بيروت، كانت مفاجأة للغالبية، ولكن عادل أكد لهم أن لكل إنسان
منطقه ووجهة نظره، ولأنه يتمتع بمصداقية كبيرة احترموا مبرراته وإن اعترض
بعضهم، وذهب يمارس دوره حيث سافر إلى سوريا من أجل لاجيئ العراق وعددهم كان
يزيد على المليون ونصف المليون، وفي دمشق التقي بمجموعة كبيرة من الوزراء:
التعليم والثقافة والإعلام ونائب وزير الخارجية.
وعاد إلى القاهرة لكي يصحب النجمة العالمية أنجلينا جولي إلى منطقة الكيلو
«4.5» في ضواحي القاهرة، حيث أقامت مصر معسكراً للاجئ السودان، وربما عرف
الناس لأول مرة أن عدد لاجئ فلسطين في مصر أكثر من 70 ألفاً وهو ما دفع «اناليزيا
فراتش» الممثلة الإقليمية للمفوضية أن تشيد بدور عادل إمام ونشاطه البارز
وعندما ذهب إلى بيروت والسودان كان يحكي لهم أمام أجهزة الإعلام عن
إنسانيات العمل في مجال اللاجئين، وكيف أنه يستشعر دائماً مرارة فراق
الأسرة وشتاتها، ويذكر في هذا لحظة فقدانه ليد أمه في سوق مكتظ بالناس،
وكيف تصور أنه فقد خطوط الاتصال بالحياة كلها، حتى استرد يد أمه، وهو يطالب
المجتمعات كلها بمد يد العون إلى اللاجئين لأن البشرية يجب ألا تخطئ في حق
هؤلاء المساكين مرتين، مرة بأن يدفعوا ثمن الحروب والخلافات والمشاكل
السياسية، والمرة الثانية بتركهم بلا رعاية أو عون، السماء لحافهم والأرض
فراشهم والموت صديقهم الأبدي والدائم، فانظر أيها الفنان ماذا ترى وماذا
تفعل، وهؤلاء يعيشون خارج الزمان بلا كهرباء أو ماء أو حتى بيت إلا من قطعة
قماش هي «خيمة» ومعونة غذائية قد تصل أو لا تصل بين الحين والآخر، يا الله
أنها مسألة توجع القلب والضمير، فهل زيارة الفنان تكفي؟!
«حكاية مشهد»
أحمد بدير.. أفلت من برعي وقع في عبدالعال
الناس تعرف بالتأكيد حكاية ثلاثي أضواء المسرح.. الضيف أحمد وجورج سيدهم
وسمير غانم.. وقد ظهروا في بداية الأمر يقدمون الاسكتشات الفكاهية على
المسرح في الحفلات العامة.. ثم دخلوا إلى دنيا المسرح ومنه إلى السينما
وكانوا في بداية الأمر يظهرون مع بعضهم كمجموعة.. لكن بعد رحيل الضيف في
قمة نجاحه وكان هو دنيامو الثلاثي والعقل المفكر له. اشتغل سمير مع عادل في
عدة أفلام.. في السبعينيات والثمانينيات.. وسمير كثيراً ما يتحدث عن «عدولة»
كما يسميه بكل حب وفي أكثر من لقاء يؤكد بأن نجومية عادل كواحد من صناع
الكوميديا أفادت الجميع.. لأنه كسر حاجز النجومية من حيث الأجر والمكانة
والجوائز.. لكن في المسرح الوضع مختلف. ومن سمير علم عادل مع جورج سيدهم في
أكثر من فيلم وبعد ذلك اشتغل مع أغلب نجوم الكوميديا ومن هؤلاء أحمد بدير
الذي يحكي عن عادل إمام فيقول: في مرحلة البدايات.. كنت أقوم بدور برعي في
مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» وكنت أذهب كل ليلة إلى المسرح ولكني للأسف لم
أتواجد عند تصويرها.. وهو عكس ما حدث معي في مسرحية «ريا وسكينة» فقد كان
زميلي الأستاذ حمدي أحمد هو الذي يلعب دور الشاويش عبدالعال ولظروف معينة
تم استدعائي وكان من نصيبي تصويرها وارتبط بي الدور مع أن صاحبه الأصلي
حمدي أحمد.. «أرزاق بقي».
وفي فيلم «على باب الوزير».. لنا تهجم على محل جزارة لصاحبه المعلم صلاح
نظمي وهو الذي يرفض لابنته «يسرا» أن تتزوج زميلها في كلية الطب «عادل
إمام».. وقررنا الانتقام منه نحن شلة الدكتور.. وتنكرنا في ملابس رجال شرطة
وكان الضابط هو سعيد صالح وكنت أنا المخبر المصاحب للحملة التموينية وعادل
هو الدكتور البيطري وفي غياب المعلم هجمنا على المحل نطلب الرخصة والتفتيش
على اللحم وما إلى ذلك.. وكنت أحمل في يدي عصا ا لسع به من يقف في طريق
الباشا الضابط.. ومعنا أحمد راتب الذي تفضل مشكوراً بحمل فخدة من اللحم على
كتفه وبعد انتهاء التصوير مضى بها قائلاً إنه يحتاجها لمدة يومين في البيت.
وقد فوجئنا بأن عادل إمام يأمر بإغلاق المحل وتشميعه بالشمع الأحمر.. ثم
استدرك وصحح المعلومة: الشمع الأصفر.. لا الشمع الأحمر!
فيلم للعلم
المــولـــد
إخراج: سمير سيف.
قصة وسيناريو وحوار: محمد جلال عبدالقوي.
تصوير: سمير فرج.
مونتاج: سلوى بكير.
تاريخ العرض: 10 يوليو 1989 بسينما التحرير.
زمن الفيلم: 130 دقيقة.
الأبطال: يسرا، إيمان، عبدالله فرغلي، مصطفى متولى، أمينة رزق، جمال
إسماعيل، عزيزة راشد، أحمد سلامة، علاء عوض، نور الدمرداش، غريب محمود،
سعيد طرابيك.
القصة
في المولد تفقد الأم طفلها الصغير ويعثر عليها أحد البلطجية.
ويعلمه فنون السرقة، حتى يصبح من كبار اللصوص بعد أن ينتقم من أعضاء
العصابة التي كانت تستغله ثم يعرف بعد ذلك أن البلطجي ليس والده.
ويبحث عن أمه، وقد تحول إلى رجل أعمال، في مجال المعمار ويستيقظ على موت
والده العجوز تحت أنقاض إحدى مبانيه الهشة.
النهار الكويتية في
05/08/2012 |