أثبتت التقنيات الحديثة أنها المنافس القوي في مجالات عدة، فتأثيرها
لم يقتصر على المشاركة الفعالة في الأحداث السياسية، بل طال الدراما وأطلق
عليها اسم “الدراما الإلكترونية” لننتقل بذلك إلى شكل جديد من الدراما تم
تخصيصه لجمهور الإنترنت ومستخدميه . فهل سيأتي ذلك على حساب التلفزيون
وجمهوره، وهل ستتجه القنوات نحو إنتاج هذه النوعية من الأعمال؟
ولأن الدراما الإلكترونية التي تنتجها المؤسسات تعرض على مواقعها
الخاصة، فهل ستنافس بجودتها جودة الأعمال التلفزيونية، أم أنها ستتفوق
عليها، وهل ستكون تجارب الهواة ذات جودة عالية أم رديئة لتؤثر بالتالي على
سمعة الدراما الإلكترونية، وهل سيقبل الفنانون المشاركة فيها؟
الفضاء الإلكتروني واسع ومفتوح للجميع، وتصعب الرقابة عليه على عكس
التلفزيون الذي لا تعرض أعماله إلا بعد إخضاعها للرقابة، فما هي المعايير
الرقابية التي ستخضع لها الدراما الإلكترونية، ومن يتحمل مسؤولية عرض
الأعمال رديئة المستوى؟
ناقشنا كل ذلك في الملف التالي .
* * *
المعنيون يحددون مدى اختلافها عن التلفزيون
الدراما الإلكترونية للشباب فقط
فرضت شبكة الإنترنت شكلاً جديداً في الدراما أسمته” الدراما
الإلكترونية”، وذلك من خلال عدد من الأعمال كالمسلسل اللبناني “بحكي؟” الذي
أنتجه شباب جامعيون لبنانيون اعتمدوا فيه على مهاراتهم الشخصية ومواردهم
الخاصة، وحاولوا من خلاله تقديم صورة مختلفة عن الإسلام في وجه موجات
التطرف والتعميم والتمييز، وتبعه “كلاسيفايد” إنتاج مؤسسة “إم بي سي”،
وإخراج الإماراتي علي مصطفى، والذي أكد أن الدراما بدأت تشق طريقها لتخاطب
الإعلام الجديد .
فهل سيتبع هذين العملين موجات من الأعمال الموجهة للإنترنت، وهل
سيشتعل فتيل المنافسة بين التلفزيون والإنترنت؟
تحدثنا مع أصحاب تجربة الدراما الإلكترونية ومع المسؤولين في
التلفزيونات المحلية
والمختصين في الإعلام الجديد لنعرف آراءهم فيما يلي .
أكد المخرج الإماراتي علي مصطفى أن “كلاسيفايد” يعد مشروعاً ناجحاً،
وعن تخصيصه للعرض الإلكتروني قال: العرض على الإنترنت أصبح أمراً مهماً في
يومنا هذا كأهمية “تويتر” و”فيسبوك”، فجيل اليوم هو جيل الإنترنت ويسعدني
أنني أقدم له ما يبحث عنه، كما أن “كلاسيفايد” مقدم للجمهور ما بين 25 إلى
35 عاماً وهؤلاء يتابعون الإنترنت أكثر مما يتابعون التلفزيون .
وعما إذا كان في ذلك ظلم لجمهور التلفزيون أجاب: لن يصعب على أحد
اليوم الولوج إلى عالم الإنترنت، فقد زاد الوعي بهذا العالم، ومن يرغب في
متابعة المسلسل ولن يصعب عليه الأمر .
وعن سبب عدم تخصيصه للعرض على التلفزيون قال: كمخرج سينمائي لا يهمني
أين تعرض أعمالي، فسواء كانت على شاشة الهاتف النقال أو الإنترنت أو
التلفزيون أو الشاشة الكبيرة الأهم لدي أن تصل إلى المشاهد، وهذا ما يحدد
نجاحي .
وعما إذا كان قد شعر بمساحة أكبر من الحرية أثناء العمل على
“كلاسيفايد” لفضاء الإنترنت المفتوح أجاب: لا، لأنني أولاً وأخيراً أمتلك
رقابة ذاتية ولا أحب أن أقدم ما فيه جرأة مبالغاً فيها أو خروجاً عن
المألوف، وكمخرج أعتبر نفسي مسؤولاً عن أعمال يشاهدها الجميع، وقد تعاملت
مع “كلاسيفايد” كما أتعامل مع أفلامي السينمائية، واستخدمت فيه تقنيات على
مستوى عال، ولم تقل الجودة أبداً فيه .
وذكر علي أن الجمهور أخذ عليه إدخال اللغتين العربية والإنجليزية مع
بعضهما البعض في حوارات المسلسل، ورد عليهم بقوله: لا أشعر أن هذا الأمر
غريب، فهذا هو الواقع الذي يعيشه الأصدقاء اليوم، وهذا ما أعيشه مع أصدقائي
العرب، وبرأيي أن الأمر يزيد من جماهيرية المسلسل فلا يقتصر على الجمهور
العربي أو الغربي .
ذكر غريغ بيرك منتج “كلاسيفيايد” أن سبب الاتجاه للإنترنت لعرض
“كلاسيفايد” هو مخاطبة شريحة عمرية واجتماعية محددة هي جيل الشباب متخطياً
بذلك الحدود الإقليمية، ولتوصيل رسالة لهذه الشريحة الشابة في كافة الأقطار
تظهر فيها روح التحدي والطاقة والحيوية والعنفوان .
وأكد أن المعايير الرقابية في الدراما الإلكترونية هي نفسها بالنسبة
للدراما التلفزيونية والفرق الوحيد بينهما هو اختلاف منصات العرض، وقال:
يبقى عامل الرقابة الذاتية هو الأهم فحرصنا كجهة عرض وحرص رعاة العمل على
أن تلتزم الدراما المقدَّمة بمنظومة المعايير الأخلاقية والقيمية والدينية
والمهنية للمجتمع يجعلنا نراقب ما نقدمه .
وذكر بيرك أن “كلاسيفايد” يحتوي على جميع مقومات النجاح، من بنية
درامية قوية، واختصار في عدد الحلقات ليصل إلى خمس، بمدة عرض تتناسب مع
أمزجة جمهور الإنترنت، وقال عنه: هو تجربة عربية بامتياز تم تصويرها في عدة
بلدان عربية، وتحت إشراف علي مصطفى المخرج العربي الشاب الموهوب الذي سبق
أن أثبت كفاءته العالية، إضافة إلى منصة العرض المعروفة وهي الموقع
الإلكتروني لمجموعة “إم بي سي” .
وعن أيهما أصعب من الناحية الإنتاجية، الدراما الإلكترونية أم
التلفزيونية أجاب: إنجاز أي عمل درامي ليس بالأمر السهل، فعناصر الصعوبة هي
نفسها في النوعين ولا تختلف إطلاقاً سواءً من ناحية عامل الزمن، أو من
ناحية تحديات وظروف الإنتاج، أو مشقة العمل أمام الكاميرا، وهذا أمرٌ لا
يختلف عليه صنّاع الدراما في كل مكان من العالم .
أكد عمر غباش نائب مدير تلفزيون “دبي” أن مؤسسة دبي للإعلام خطت خطوات
واثقة نحو الإعلام الجديد من خلال بث المسلسلات التلفزيونية على موقعها
الإلكتروني، لتسهيل متابعة ما قد يفوت الجمهور من حلقات، وتحدث عن الدراما
الإلكترونية الحصرية فقال: هذا توجه جديد يتطلب منا أن ندرس مداخيله
ونتائجه ومخرجاته، فإنتاج أي عمل درامي يحتاج لتكلفة تستدعي دراسة واعية
وشاملة، وقبل أن تخطو مؤسستنا أي خطوة يجب أن تنظر للفائدة المعنوية
والمادية من ورائها .
وأضاف: نحن من المؤسسات الأولى التي تبادر وتسعى لأن يكون لها منحى
جديداً في مجال الإعلام، ولكن بخطوات مدروسة من جميع النواحي، إذ يهمنا أن
نعرف مدى استعداد الجمهور لتقبل هذه الخطوة وهل سيتفاعل معها بشكل إيجابي
أم لا .
وعما إذا كانوا ينتظرون ما ستسفر عنه تجربة “إم بي سي” أجاب غباش: لا
شك أننا نحترم تجارب الآخرين الذين يمتلكون إمكانيات وطاقات تجعلهم يخوضون
تجارب جديدة، ونحن نتابع بشكل حثيث كل مخرجات الساحة الإعلامية على مستوى
الإنتاج الدرامي والبرامجي وفي ما يخص الإعلام الجديد .
وذكر غباش أن للتلفزيون جمهوره وللإنترنت جمهوره، وأنه لا يمكن وضع
الاثنين في نطاق المنافسة إذ أن كليهما يدعم الآخر لصالح الدراما التي ستجد
لها جمهوراً سواء على الشاشة الصغيرة أو الإلكترونية .
“لا
أعتقد أنها ستؤثر بشكل كبير” هكذا جاءت إجابة عيسى الميل، مدير قناة أبوظبي
الإمارات، حول ما إذا كانت الدراما الإلكترونية ستسحب البساط من الدراما
التلفزيونية وقال: لا شيء يعادل اجتماع العائلة وأمام جهاز التلفزيون
لمشاهدة برنامج أو مسلسل يصنع لغة حوار مشترك ومتبادل، ففي ذلك لذة وإحساس
جميل لا توفره المشاهدة عبر الإنترنت .
ورفض الميل أن تكون هناك منافسة حقيقية بين الدراما الإلكترونية
والتلفزيونية، فلكل منهما جمهوره، ويبقى جمهور التلفزيون مخلص له .
وعما إذا كانت قناته ستتجه نحو هذه الخطوة قال: اتجهت فئة كبيرة من
الشباب نحو هذه الدراما، ودورنا كقنوات أن نشاركهم ونتواجد معهم أينما
كانوا، بأن نعرض أعمالنا التلفزيونية على مواقعنا الإلكترونية، أو نخصص بعض
البرامج الحصرية لهم، ومن خلال ذلك نخاطبهم ونحترم خصوصيتهم، وأتمنى أن
ينخرط الجميع ويسلك هذا المسار، فالإنترنت مكمل للتلفزيون وكلاهما من وسائل
الإعلام التي تقدم رسائل للمجتمع .
ورفض الميل أن يكون بذلك يظلم فئة كبار السن أو البسطاء أو من لا يحسن
التعامل مع هذه التكنولوجيا قائلا: لكل جيل خصوصية، وعلينا احترامها،
فنتعامل مع كل جيل وفئة عمرية باللغة التي يتحدث ويتعامل بها .
وعما إذا كانت الرقابة على الدراما الإلكترونية هي نفس الرقابة على
التلفزيونية قال: فضاء الإنترنت مفتوح، ويكاد يفتقد مقص الرقيب، ويتجه
الشباب له لما فيه من جرأة تناسب تطلعاتهم وطموحاتهم، إذ يطرحون فيه ما قد
يستعصي طرحه في التلفزيون ليس من ناحية التجرد من القيم والأخلاق، بل بجرأة
القضايا ومناقشتها .
عاد أحمد المنصوري، مدير قناة “سما دبي” بذاكرته إلى الوراء، حتى وصل
إلى “شعبية الكرتون” التي بدأت أولى خطواتها عبر شاشات الهواتف النقالة،
لتبدأ إلكترونياً وتنتقل بعد ذلك إلى شاشة التلفزيون، وقال: ساهم الإعلام
الجديد في إبراز الكثير من المواهب، ولكن لا أحد ينكر أن تبني التلفزيونات
لها عمل على استمراريتها ونجاحها، ولذا فلكل من التلفزيون والإنترنت دور
إيجابي، وكلاهما منفذ لقطاع كبير من الجمهور، ولكن برأيي أن التلفزيون يبقى
صاحب الجماهيرية الأكبر .
وعن العروض الحصرية على الإنترنت قال: أنا ضدها، فهذا يحرم شريحة
كبيرة من الجمهور من متابعة عمل تكون القناة قد استثمرت فيه إمكانيات
كبيرة، وفيه رسالة معينة، وبرأيي أن ما قامت به مؤسسة دبي للإعلام بعرض
العمل على شاشة التلفزيون وبنفس فترة العرض على الموقع الإلكتروني في
“فيديو حسب الطلب” كان فكرة رائعة وأتت ثمارها، فمن خلالها تابع جمهور
الإنترنت العمل، وحصل جمهور التلفزيون على حقه أيضاً من متابعتها، وتوصلنا
من خلال الموقع الإلكتروني لمعلومات مهمة تتعلق بنسب المشاهدة .
وعما إذا كانت المنافسة بين الدراما التلفزيونية والإلكترونية ستبدأ
قال: اعتقد ذلك مستقبلاً، لأن للاثنين جمهور كبير .
عبرت هبة السمت، رئيس إدارة الإعلام الجديد بمؤسسة دبي للإعلام، عن
استحسانها لفكرة مسلسل “كلاسيفايد” وقالت: علي مصطفى مخرج ذكي استطاع أن
يكسب ثقة جمهوره من خلال فيلمه “دار الحي” وأتوقع ل”كلاسيفايد” نجاحاً
كبيراً .
وتطرقت لمشكلة الدراما التلفزيونية قائلة: المشكلة التي تواجه جمهور
الدراما التلفزيونية هي كثرة الإعلانات والتوقف والفواصل الدعائية التي
تطيل مدة المسلسل لتصل إلى ساعة ونصف الساعة في حين أن مدته الحقيقية نصف
ساعة، وهذا ما يؤدي إلى لجوء الكثيرين لمتابعة المسلسلات على الإنترنت وفتح
الباب للدراما الإلكترونية التي ستحقق مع الوقت نسب مشاهدة كبيرة لتسهيل
الإعلام الجديد كل الأمور على المتلقي، وكون الإنترنت متوفراً في كل مكان
ويسهل الوصول لما يريده المشاهد.
وعن الدراما والإعلام الجديد قالت هبة: الدراما الإلكترونية تخاطب
الجيل الجديد، ومن خلالها نقوي علاقتنا بالجمهور، فالعرض ليس مفتوحاً إلا
لمن يسجل في الموقع، وهذا دليل على رغبة حقيقية بمتابعة العمل، وبالنسبة
لنا فهذا مهم جدا لأن من خلاله نصل لدلالات كثيرة تفيدنا في التعرف إلى
الشريحة المتابعة، والعمل القوي من خلال نسب المشاهدة وتكرار متابعة العمل،
والتعرف على مكان المتابعة وتوقيت العرض الأنسب، ما يجعل الرؤية أمامنا
تتضح لنرسم خارطة الطريق التي تحقق الرضا للجمهور .
وعما إذا كان ذلك الإعلام الجديد قد فتح المجال لكل من هب ودب ليعرض
المواد التي يصنعها بغض النظر عن جودتها والقيمة التي تقدمها قالت: هو في
نفس الوقت منفذ لإظهار المواهب والإبداعات، والعمل الجيد سيثبت نفسه وحضوره
رغم كثرة الأعمال .
وذكرت هبة أن مؤسسة دبي للإعلام تمتلك دراسة بخصوص الدراما
الإلكترونية ولكن العمل لم يبدأ بها بعد، وقالت: المؤسسة غنية بالمواد التي
أرى أنه من المهم جداً أن تستفيد منها بعرضها على الإنترنت، كأن يتم عرض
المسلسلات القديمة ويكون ذلك بشكل حصري، وأتوقع أن تجد إقبالاً كبيراً من
الجمهور .
* * *
عالم بلا خطوط حمر
الشبكة العنكبوتية لا تعرف الرقابة
تمتلك مختلف المؤسسات الإعلامية جهازاً رقابياً يقوم بدوره في إخضاع
الأعمال الدرامية للرقابة قبل عرضها على الشاشة، وبما أن الدراما لم تعد
واقفة على أبواب التلفزيونات وحدها، بل تخطتها إلى شاشات الإنترنت ذات
الفضاء الواسع والعالم المفتوح، فهل هناك أي رقابة يمكن أن تخضع لها، وما
هي تلك المعايير الرقابية، وهل تشجع المؤسسات الإعلامية التي بدأت هذا
الاتجاه أياً كان لعرض أي عمل وتصنيفه بأنه دراما، ومن يتحمل مسؤولية
الأعمال رديئة المستوى التي تعرض بحرية على شاشات الإنترنت؟
تحدثنا مع عدد من المسؤولين في الأجهزة الرقابية في بعض المؤسسات
الإعلامية، وتواصلنا مع عدد من أساتذة الإعلام ليفيدونا في هذا الجانب .
ذكر خليفة بوشهاب، مدير الرقابة بمؤسسة دبي للإعلام، أن الإنترنت فضاء
مفتوح، يصل العالم ببعضه بعضاً ويضع أياً كان فيه ما يريد وفقاً لآرائه
وأفكاره أو توجهاته وتطلعاته، وقال: “الإنترنت” بحاجة ماسة لجهات رقابية
تقوم بدورها في تكثيف الرقابة على ما يتم نشره في المواقع الإلكترونية،
فهناك مشتركون كثر يعرضون من خلال أعمال درامية أو مقاطع قاموا بإعدادها،
آراءهم وأفكارهم وانتقاداتهم سواء لحكومات معينة أو لديانات بعينها، وهذه
التوجهات السياسية أو الدينية يجب النظر فيها وأخذها بعين الاعتبار، لأنها
تؤثر في الأفكار وقد تؤدي لنتائج لا تحمد عقباها، وهذا غالباً لا يوجد في
الدراما التلفزيونية التي تخضع لرقابة تتناسب مع سياسة الدولة والمؤسسة
والمجتمع .
وأضاف: يحسب ل”يوتيوب” رقابته على المضامين الإباحية، التي تحذف بمجرد
عرضها، ولكن المضامين الأخرى التي قد تسيء لمجتمع أو حكومة أو ديانة بحاجة
لتفعيل الرقابة عليها .
وذكر بوشهاب أن أي عمل درامي مخصص للعرض على الإنترنت وتنتجه أي مؤسسة
إعلامية لا بد أن يخضع لنفس المعايير الرقابية التي تخضع لها الدراما
التلفزيونية .
وعن اللجوء للإنترنت لعرض الأعمال الدرامية قال: يلجأ الكثيرون
للإنترنت كمنفذ يعرضون فيه ما يريدون بعد أن ترفض قنوات كثيرة عرض تلك
المادة، التي غالباً ما تتميز بالجرأة عن المواد التي يعرضها التلفزيون.
وعمن يتحمل مسؤولية ما يعرض على “الإنترنت” ليراه الجميع كباراً
وصغاراً أجاب: الموقع، الذي من يقع على عاتقه تفعيل دوره في الرقابة على كل
محتوى جديد يضاف لصفحاته، والمشكلة تكمن في أن المحتوى لا يمكن منعه عرضه
إلا بعد عرضه، على عكس التلفزيون الذي لا تتسلل إليه الأعمال خلسة بعيداً
عن عيون المراقبين .
وأكد بوشهاب أن الرقابة الإلكترونية ذاتية ولم يستجد فيها جديد، ورغم
أن هناك جهات أمنية رقابية تابعة للحكومات إلا أنها لا تستطيع منع أي عمل
إلا بعد عرضه .
أكد أشرف عبد المنعم بدوي، مشرف المكتبة الإعلامية بتلفزيون “الظفرة”،
أن العمل الدرامي الذي تنتجه المؤسسات الإعلامية أو تشترك في إنتاجه أو
تشتريه من جهات إنتاجية أخرى لا بد أن يخضع لمعايير رقابية من جميع النواحي
الفنية والتقنية والمضمون والجودة وغيرها . وعن العمل الدرامي المخصص للعرض
إلكترونياً قال: يمكن التحكم بمستوى العمل والمعايير الرقابية عليه وهو في
مراحل الإنتاج ليخضع لنفس المعايير الرقابية التي يخضع لها العمل
التلفزيوني .
وعما إذا كانت الدراما الإلكترونية قد فتحت المجال للجميع لنشر أعمال
ذات مستوى رديء من حيث الجودة والمضمون أجاب: الخطورة هنا تكمن في أعمال
الشباب الذين لا يمتلكون وعياً كافياً بأهمية الرقابة، ووعيهم لن يصل إلى
مستوى وعي الشركات الإنتاجية المعروفة أو المؤسسات الإعلامية، كما أن
اندفاعهم وحماسهم الزائد وطموحاتهم الكبيرة قد تجعلهم يقدمون مواد جريئة
جرأة يرفضها المجتمع .
وألقى أشرف مسؤولية عرض مواد لا تناسب فكر أخلاق المجتمع على عاتق
الممول الذي مَول العمل، وعلى من شارك فيه، وعلى الموقع الذي عرضه دون
النظر إلى مضمونه .
وعن الاقتراحات التي تساعد في تقليل حجم هذه المشكلة قال: لو شددنا
الرقابة على “الإنترنت” سنقضي على إبداعات شبابية كثيرة، ولذا فالأولى أن
تقوم الشرطة المجتمعية بدورها في التوعية، كما على المؤسسات الإعلامية أن
تقوم بدورها في دعم أعمال الشباب المبدع وتشجيعه على تقديم أعمال هادفة،
وأن يكون لتلك الأعمال شروط عينة تمنعها من الزحف نحو جهات لا تناسب
المجتمع أو الدين .
تحدث خالد النابودة، رئيس قسم انتقاء وتقييم البرامج بمؤسسة الشارقة
للإعلام، عن الهدف الأساسي من الأجهزة الرقابية في المؤسسات الإعلامية
فقال: التركيز على القيم التي يقدمها العمل الإعلامي، ومدى الفائدة التي
يوصلها، وتقديم منتج متكامل وغني ومشوق لا يجرح حياء المجتمع، وليس مجرد
ملء ساعات بما لا فائدة منه .
وعن الدراما الإلكترونية قال: أعتقد أنه مهما تم تكثيف الرقابة عليها
فلا شك أن المعايير الرقابية عليها ستختلف عن تلك الموجودة على الدراما
التلفزيونية، فالعالم الإلكتروني فضاء مفتوح .
وذكر النابودة أن الأفضلية دائماً تكون لمصلحة العمل الدرامي
التلفزيوني، لأن متابعة التلفزيون جماعية إذ تجتمع الأسرة كلها لمتابعة عمل
معين وهنا تكون القيم أفضل، أما المتابعة على الإنترنت فهي فردية، لا ينتج
عنها تواصل أسري، وقد يطرأ عليها انحياز لمواقع غير هادفة أو مواد تؤثر
بشكل سلبي في المتلقي .
وأكد أنه من الصعوبة عمل رقابة كاملة على الفضاء الإلكتروني قائلاً:
رغم ذلك تبقى هناك معايير رقابية معينة على المواقع والمواد التي يتم
عرضها، وهذه في النهاية مسؤولية الجهات التي توفر خدمات التواصل الإلكتروني
.
وشدد النابودة على أهمية الرقابة الذاتية وعنها قال: إن تواجدت لدى كل
مستخدم للإنترنت فلا خوف من أي محتوى، لأنها الأساس الذي تقوم عليه
الاختيارات أو الأعمال التي يشارك بها أو يعرضها ليراها الآخرون .
وعلى من تقع مسؤولية ما يعرض من محتويات رديئة أجاب: المسؤولية تقع
على المجتمع بجميع جهاته ومؤسساته، وهنا كان على الجميع أن يفعل دوره في
التوعية والتوجيه والبناء .
يرى د . كمال حميدو، أستاذ الإعلام بجامعة الإمارات، أن وسائل الإعلام
والمؤسسات الإعلامية تضطر لاقتحام شبكات الإنترنت والتوجه لمجالات جديدة
كالدراما الإلكترونية بهدف الحصول على الأرباح، ولكي لا تترك الفرصة لغيرها
من المؤسسات الأخرى التي قد تحقق نجاحاً وسبقاً لها . وعما إذا كانت معايير
الرقابة على الدراما الإلكترونية هي نفسها على الدراما التلفزيونية يقول:
الاختلاف وارد، ويجب أن يكون هناك اختلاف بين الرقابة هنا وهناك، لأن
الدراما الإلكترونية مخصصة لتخاطب جمهور آخر مختلف عن جمهور التلفزيون،
ولجوء أصحاب الدراما الإلكترونية لهذا المنفذ كان هرباً من الجمهور
التقليدي، ليفرض جمهور الإنترنت على صناع الدراما أن يبحث عنه كونه جمهوراً
كبيراً .
ويرى الدكتور حميدو “أنه من باب حرية التفكير والطرح والمعالجة،
فالأفضل أن يترك الإنترنت مجالاً مفتوحاً للهواة ليعبروا عن مواهبهم
ويظهروا إبداعاتهم من خلاله، ولا نطالبهم برقابة مسبقة، شرط البعد عن
التوجهات السياسية والدينية والجنس”، ويضيف: من الصعب وضع ضوابط على
الإنترنت كونه فضاء واسعاً ومفتوحاً، ولكن المشكلة هنا تكمن في التوجهات
سابقة الذكر التي قد تؤثر في الجمهور تأثيراً سلبياً، وهنا تقع المسؤولية
على المجتمع الذي من المفروض أن يقوم بدوره في توعية الأبناء بداية من
البيت والمدرسة والجامعة والمؤسسات الاجتماعية ووسائل الإعلام وغيرها،
وتفعيل دور الجميع في تعليم الأبناء الأساليب السليمة في التعامل مع هذه
الوسائل الحديثة .
استقبلت د . حصة لوتاه، أستاذة مساعدة في قسم الاتصال الجماهيري
بجامعة الإمارات سؤالنا حول مدى اختلاف المعايير الرقابية على الدراما
الإلكترونية عن التلفزيونية بسؤال قالت فيه: وهل هناك أصلاً معايير رقابية
على الدراما التلفزيونية لتوجد معايير رقابية على الإنترنت؟ وأكملت حديثها
قائلة: أصبح المعيار الأساسي هو الربح والخسارة، وقد كان الناس سابقاً
يشتكون من مصادرة الرقابة على الآراء، أما اليوم فالرقابة تتخلى عن دورها
ولا تعترض على الإسفاف وطرح قيم نحن في غنى عنها في سبيل الحصول على
الأرباح التي أصبحت المحرك الأساسي لكل شيء .
وتشدد الدكتورة لوتاه على ضرورة أن تحافظ المجتمعات على قيمها
الاجتماعية، ليصبح التوجه العام للجميع هو المحافظة على المجتمع وأفراده،
فيقوم الأهل بدورهم وتتبعهم المدارس والجامعات والمؤسسات الاجتماعية
والإعلامية، وتقول بحسرة: في يومنا هذا وللأسف لا يستطيع أحد أن يكون
رقيباً على الآخر، حتى الأهالي لا يستطيعون مراقبة أبنائهم الذين ينتمون
لمدارس خاصة يشرف عليها أجانب يرون الأمور التي يتحفظ عليها مجتمعنا عادية
.
وتؤكد الدكتورة حصة أن الرقابة لم تعد تقوم بدورها، وأن المادة
الاجتماعية والدينية لم تعد تخاطب عقول الشباب دون تعميم، فلا يزال هناك من
يبحث عما يخاطب عقله .
وترى أنه من الصعب عمل رقابة في ظل الشيفرات التي أصبحت تحل بسهولة
وبطرق ملتوية .
وعمن يتحمل مسؤولية رداءة الأعمال تقول: لا يستطيع أحد أن يحاسب أي
عمل، فهناك حالة من الفوضى، ولكن ما يخفف علينا العبء أن بعض الشباب لا
يزالون يتمتعون بالقدرة على الانتقاء، وليس هناك خوف من التعرض لبعض الأمور
إلا حين تتحول لأسلوب حياة .
تحدث د . حسام سلامة رئيس قسم الإعلام بكلية المعلومات والإعلام
والعلوم الإنسانية بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، عن الدراما فقال:
للدراما دور كبير في تشكيل الوعي الاجتماعي وتشكيل ذائقة الجمهور، وهذا ما
أثبتته الدراسات الإعلامية وما أثبته الواقع من خلال تأثر الجمهور واتباعه
لما يراه في الدراما من حيث الشكل والحركات والأسلوب والكلمات، وحين تتحول
الدراما لإلكترونية حصرية فإن في ذلك اختزالاً لمصدر من مصادر الثقافة
والتوجيه لجهة محددة من الجمهور هو جمهور الإنترنت، وتحرم بذلك قطاعاً
كبيراً من بسطاء الثقافة وغير مستخدمي الإنترنت من متابعة عمل قد يكون
مميزاً وقوياً، وبرأيي أن في هذا شكل من أشكال الهدر الإنتاجي، وخاصة أن
الدراما لها دور كبير في عكس صورة الواقع، وأتساءل ما مبرر أي قناة لتنتج
خصيصاً للإنترنت، وهل السبب إنتاجي؟ وما الذي يجعل مؤسسات إعلامية كبيرة
ومعروفة تخصص عروضاً حصرية للإنترنت لتحرم بذلك جمهور التلفزيون منها؟
وذكر الدكتور سلامة أن متعة المشاهدة مرتبطة بالتفاف العائلة حول جهاز
واحد، هو التلفزيون، أما الإنترنت فاستخدامه فردي وذاتي، غالباً تكون
المادة التي يتابعها شخص واحد غير هادفة كمادة تتابعها الأسرة التي تفرض
الرقابة على ما يشاهده أبناؤها .
وعما إذا كان الاتجاه للدراما الإلكترونية سيفتح المجال لكل من هب ودب
لعرض أي عمل بغض النظر عما يحتويه قال: هنا تكمن الخطورة فقد يكون بعض
هؤلاء لا يمتلك وعياً كافياً ليقدم أعمالاً خالية من الرقابة القيمية، ولا
تعبر إلا عنهم ولا تمثل إلا توجهاتهم، والمسؤولية هنا متشعبة في ظل
الفضائيات التي لا تحصى، والفضاء المفتوح على بعضه، واختلاط الأوراق ببعضها
.
وعما يجب فعله لحل تلك المشكلة قال: يجب على الجميع تفعيل دوره، وذلك
يأتي بأن نثق بأنفسنا وقدرتنا على الانتقاء وتقدير ما لدينا، وأن نبني
أبناءنا من الداخل ونخلق القدرة لديهم على الاختيار، والمشكلة تكمن في أن
الإعلام غير مساره واتخذ منحى آخر ولم يعد يقم بدوره الصحيح، فأغلب برامجنا
ومسلسلاتنا مستنسخة، وهنا كان لا بد لنا من أن نعيد حساباتنا ونصدق مع
أنفسنا وتقوم المؤسسات جميعها والمدارس والجامعات والبيوت بهذا الأمر .
* * *
يرحبون بها ويقبلون عليها
فنانون ومخرجون: الجودة شرطنا
كان لعالم الإلكترونيات دور كبير في المشاركة في الأحداث السياسية
التي طالت الوطن العربي مؤخراً، وأسهم بشكل واضح في التعبير عن الواقع
بالصوت والصورة، ليتنقل بخفة بين الشباب وبين كل جديد، ويرصد التغيرات على
كل الساحات، ولم تسلم الدراما من سلطته، ليحولها إلى دراما إلكترونية حصرية
.
فهل ستلقى هذه الدراما القبول والإقبال من الفنانين والمخرجين، وهل
ستمتلك نفس المعايير الفنية والإخراجية التي تمتلكها نظيرتها التلفزيونية،
وهل ستحافظ على جودتها وقيمتها أم ستتخلى عن بعضها؟ الإجابة على لسان عدد
من المخرجين والفنانين فيما يأتي .
انطلق “شعبية الكرتون” عبر شاشة الهواتف النقالة، وبدأ بثوان ودقائق
معدودة، فانتشر وعرف طريقه إلى الجمهور، ما يؤكد أن عالم الإلكترونيات له
قاعدة جماهيرية عريضة، وله سلطة لا يستطيع أحد الوقوف في وجهها . وها هو
“شعبية الكرتون” اليوم عمل تلفزيوني متكامل . التقينا مخرجه حيدر محمد الذي
تحدث عن اتجاه الدراما من تلفزيونية لإلكترونية فقال: أتصور أن يكون
اتجاهاً قوياً، فشاشات الإنترنت والهواتف النقالة تعتبر منافذ يلجأ لها
مبدعون كثر واجهوا عوائق عدة، كشباب يعانون مشكلات في تمويل أعمالهم
وصعوبات وعوائق في تقديمها على التلفزيون .
وذكر حيدر أن جودة الأعمال الدرامية الإلكترونية ستقل وعلل ذلك بقوله:
أعتقد أنها ستقل بشكل أو بآخر، فالعائد الذي يحصل عليه صاحب العمل من تقديم
عمله على الإنترنت هو دعائي وليس مادياً، وبالتالي سيحاول الشخص تقليل
التكلفة التي قد تأتي على حساب الممثلين أو غيرهم . وعما إذا كان ذلك سيؤثر
في جودة الصورة قال: لا أتوقع لأن الكاميرات اليوم على مستوى عال من الجودة
وأسعارها في متناول اليد .
وأشار حيدر إلى أن هذا التوجه سيبرز الكثير من المواهب والإبداعات،
ورفض أن يسهم ذلك في جعل كل من هب ودب نجماً قائلا: البقاء في النهاية
للأجدر والقوي، والموهبة تثبت نفسها، والإبداع لا تغفل عنه العيون،
والجمهور ذكي ويمتلك القدرة على تقييم الأعمال وفرز الجيد والسيئ .
ويؤيد الفنان والمخرج السينمائي الإماراتي ماهر الخاجة الأعمال
الموجهة والمخصصة للإنترنت، ويقول: أنا مع هذا التوجه مئة في المئة، فلدي
أعمال قدمتها ل”يوتيوب” فقط، كفيلمي الرابع ؟ُّىًّىُّكء ومقابلة حصرية،
وفيديو كليب أغنيتي “خيال” ومدته 4 دقائق، وقد جلست مع ممثلين ومنتجين
واقترحت عليهم تقديم عمل حصري للإنترنت ولكنهم رفضوا، مستنكرين أن يصبحوا
“فناني إنترنت”، ولكنهم في نفس الوقت يلجؤون للإنترنت لوضع أخبارهم وصورهم
لتحقيق انتشار أكبر .
ويقول: جيل اليوم جيل انترنت و”فيس بوك” و”تويتر”، وبرأيي أن العرض
الإلكتروني سيحقق نجاحاً كبيراً كونه يصل للمشاهد أينما يوجد، وأنا مع
الأعمال الحصرية على الإنترنت وخصوصا أنه ليس لدينا سينما خليجية، ليكون
ذلك منفذاً لأعمالنا .
وعما إذا كانت الأعمال الموجهة للإنترنت تحمل نفس جودة أعمال
التلفزيون يقول: المفروض أن تحمل نفس الجودة، وبالنسبة لي فأنا أتعامل معها
على هذا الأساس، والجمهور ذكي ويبحث عن الجودة العالية، ويستطيع تمييز
العمل القوي من غيره .
وأيد الخاجة أن الدراما الإلكترونية قد تصنع من أي شخص نجماً قائلا:
للأسف هذا أحد السلبيات، ودليل ذلك ظهور أشخاص كثيرين يطلق كل منهم على
نفسه لقب مخرج أو فنان، فليس هناك نقابة فنانين وليس هناك رقابة، كما أن
هناك فرقاً بين عمل الموهوب وعمل المحترف .
ورغم ذلك شجع الخاجة الجميع على تقديم ما يمتلكونه من مواهب، وقال: في
الإنترنت مجال كبير للحرية والإبداع الذي لا يموت، ولكن من المهم أن تكون
هناك رقابة ذاتية لدى كل شخص .
ذكر المخرج السينمائي الإماراتي سعيد الظاهري أن الإنترنت يوفر مساحة
كبيرة من الحرية لا توفرها شاشات التلفزيون أو السينما، وقال: نحن كمخرجين
نشعر بحرية أكبر، فالقيود المتعلقة بالعمل الإعلامي كثيرة، والمنتج
الإلكتروني يتخطى عوائق كثيرة ويسهل عرض الأعمال ليراها الجمهور .
وقد عرض سعيد الظاهري عدداً من أفلامه التي لم تعرض في أي مكان على
الإنترنت على شكل أجزاء، وعنها قال: حصلت من وراء عرضها إلكترونياً على صدى
جميل، وهي أعمال لا تفضلها المهرجانات حيث يسودها الأسلوب الكوميدي،
وبالنسبة لي فهي متنفس ألتمس فيه الحرية والإبداع .
وأكد الظاهري أن هناك مهرجانات خاصة تقام على الإنترنت يقدم الناس
أعمالهم للمشاركة فيها، وتتميز بمساحة الحرية ما يتيح المجال للإبداع،
وقال: ما يميز هذه الأعمال أن صاحبها يحصل على ردود الأفعال بنفس اللحظة
ويقدم تجارب قد لا تلقى لها مكاناً في المهرجانات التي تتحفظ على أمور
كثيرة أو تشترط أموراً معينة، ليقدم الشخص تجاربه ويطور نفسه من خلال تفاعل
الآخرين معه .
وعما إذا كان ذلك يسبب حالة من الفوضى في الأعمال الإلكترونية أجاب:
الشخص المبدع دائماً ما يكون لديه إحساس بالمسؤولية، ويظهر هذا الحس في
عمله، ولكن يبقى الإنترنت فضاء مفتوحاً، وفيه كل ما يبحث عنه الجمهور،
ومسؤولية اختيار المادة المعروضة لمشاهدتها تقع في النهاية على عاتق
المتلقي.
وذكر الظاهري أن السينما تحكم المخرج ببعض القيود التي تمتلكها، ما
يقلل مساحة الحرية والإبداع، وقال: إن لم يدخل المخرج مجالات جديدة فلن
يعرف حجم إمكاناته، ويتعرض المخرجون لبعض الظروف كتحكم المنتج بالقيود
المادية أو العقود، وتحديد نوعية معينة من الأعمال .
وعما إذا كانت الأعمال الإلكترونية تحمل نفس جودة الأعمال التلفزيونية
قال: من المفروض ألا تقل جودتها، لتحافظ تقنياً على مستواها، ويجب أن يبرز
فيها الجهد، ولم يعد ذلك صعباً في يومنا هذا التي توفرت فيه التقنيات
بمبالغ في متناول الأيدي .
استحسنت الفنانة هيفاء حسين، فكرة الدراما الإلكترونية، وعنها قالت:
رغم أن الموضوع بحاجة لدراسة إلا أنه لن يؤثر سلباً في الفنان، فهو في
النهاية ليس ملك نفسه، وأي عمل يقدمه فهو للجمهور، سواء كان جمهور تلفزيون
أو جمهور سينما أو انترنت .
وأضافت: أعمالنا تعرض على مختلف وسائل الإعلام، ودورنا أن نتواجد قدر
الإمكان بأي وسيلة توصلنا للمشاهد، والأهم هو أن يليق العمل بالمشاهد
ويرتقي به .
وأكدت هيفاء أن الإنترنت له جماهيرية كبيرة قد تفوق جماهيرية
التلفزيون وقالت: يعتبر الإنترنت وسيلة تزيد من جماهيرية الفنان، وهناك
كثيرون لا يتابعون الدراما التلفزيونية، وبالنسبة لي لا أرفض فكرة المشاركة
فيها، ولكن شرط أن يكون العمل جيداً وقوياً يحمل حبراً وورقاً جيداً وبصمات
مخرج متميز، وبرأيي فإن مكانة الممثل لا تهتز إلا بالأعمال غير الهادفة،
وليس بمكان العرض، فالعمل نفسه والصورة التي يطل بها الفنان على جمهوره
وطريقة تعامله معهم هو ما يؤثر في جماهيريته .
وترى الممثلة هدى صلاح أن أشخاصاً كثيرين يفضلون متابعة الأعمال
الدرامية على الإنترنت بدلاً من التلفزيون، وخصوصاً فئة الشباب، فأوقاتهم
قد لا تسمح لهم بمتابعة التلفزيون وأوقات العرض قد لا تكون مناسبة، وتقول:
الإنترنت وسيلة اتصال وتواصل مثلها مثل التلفزيون والصحافة، ونسبة مشاهدته
قد تكون أكبر، وبالنسبة لي كفنانة تهمني فئة الشباب أن تتابع أعمالي .
وعن سبب رفض بعض الفنانين أن يتحولوا لفناني انترنت تقول: ليس هناك
فنان إنترنت وفنان تلفزيون، فالعمل الذي يقدمه الفنان هي الأهم على أي جهة
عرض كانت، وبغض النظر عن منصة العرض فالأهم هو القيمة التي يضيفها الفنان
للعمل، وأهمية ما يقدم، وطبيعة الدور، وبالنسبة لي فأنا مع الدراما
الإلكترونية قلباً وقالباً شرط جودة العمل .
بدأ الفنان الإماراتي محمد العامري حديثه بالقول: نحن جزء لا يتجزأ من
منظومة التطور الحاصل اليوم، ومهما حدث لا نستطيع أن نتصدى له أو نمنعه، بل
نحاول أن نسير معه بخط متواز ونأخذ منه إيجابياته، ومن الجيد مواكبة التطور
ولكن يجب أن تكون الحسابات دقيقة .
وذكر العامري أن القنوات الإلكترونية انطلقت بقوة وأصبحت منافسة
للتلفزيون بكل ما فيها من سبق صحافي ومراسلين بأعداد هائلة، وتمكنت من فرض
نفسها وحضورها وتأثيرها، وقال: ها هو العالم ينتقل رويداً رويداً ليتحول
إلى الفضاء الإلكتروني، ومن المؤكد أن مبادرة “إم بي سي” بإنتاج
“كلاسيفايد” مدروسة، خصوصاً أن جمهور الإنترنت كبير ولا يستهان به، كما أن
ما يزيد جماهيرية الدراما الإلكترونية هو وجود الإنترنت بكل مكان، بينما
التلفزيون يحتاج إلى مكان ثابت واستقرار، وهو ما أصبح صعباً على الكثيرين
اليوم .
وأكد العامري أنه يؤيد فكرة المشاركة بدراما إلكترونية، وقال: المشكلة
ليست في كون العمل حصرياً على الإنترنت بل في قيمته، وهنا يجب أن يحافظ
العمل على نفس مقومات النجاح والمعايير التي يمتلكها العمل التلفزيوني، فهو
موجه في النهاية للجمهور الذي لا يقبل أن يقل مستوى الفنان عما اعتادوا
عليه منه، وبالنسبة لي فأنا لا أتنازل عن مستوى جودة العمل سواء كانت من
الناحية التقنية أو النص أو غيره .
وأنهى العامري حديثه بالقول: جمهور التلفزيون يتقلص بينما يزداد جمهور
الإنترنت، ولأن هذه الأعمال تقدم حصرية على شاشات المؤسسات التي تنتجها
فستكون مختارة وليست عشوائية وستحافظ على مستواها وقيمتها، وعرضها لن يكون
على منافذ العرض المتوفرة للجميع، وهذا يحافظ عليها من أن يقل مستوى جودتها
عن المسلسلات التلفزيونية.
الخليج الإماراتية في
23/11/2011 |