هل يمكن أحداً أن يحقق فيلماً – أوروبياً بالتحديد - للتلفزيون، عن مسألة
تتعلق بأحد جوانب نشاطات «حزب الله» اللبناني ثم يؤكد أن فيلمه ليس
سياسياً، أو بتعبير أدق: ليس سياسياً في شكل متكامل ولافت للنظر؟ هذا
السؤال أجاب عنه، نظرياً في أحاديث صحافية حول عمل أنتجه قبل فترة، المخرج
التلفزيوني برونو إلمر في عنوان «كشافة المهدي» قائلاً إنه تقريباً حقّق
هذا. أما الجواب العملي القاطع فيأتي هذا المساء حين يقدّم هذا الشريط على
شاشة محطة «آرتي» الثقافية الفرنسية - الألمانية كإنتاج لبناني - فرنسي
جديد.
الفيلم الذي يــبلغ زمن عرضه ساعة وثلث ســاعة يتحـــدث، كما يشير عنوانه،
عن
فرق الكشافة التابعة لـ «حزب الله». ومنذ البداية إذ يصور لنا
الفيلم مجموعات
الفتيان المتحمسين بأعمارهم التي تقلّ عموماً عن سن المراهقة، والفتيات
المتراوحة
أعمارهن بين السابعة والثانية عشرة وهنّ متألقات في حجابهن، يقدّم لنا
كشافة المهدي
هذه كما لو كان يقدم أي كشافة عادية في أيّ بلد عاديّ في العالم، غير أنه
وبالتدريج
وربما حتى من دون أن يقصد ذلك، سرعان ما يكتشف ويكشف للمتفرج
أن هذا الظاهر غير
دقيق. إذ إننا هنا ودقيقة بعد أخرى، سرعان ما نجدنا وسط عالم مؤدلج دينياً
وسياسياً، منذ الاسم الذي تحمله المجموعات وصولاً إلى أدق التفاصيل.
هنا وفي السياق المنطقي للفيلم إن لم يكن في منطوقه المباشر، نرانا وقد
أصبحنا،
ليس في خضم إعداد عناصر في المجتمع من النوع الذي يجرى إعداده
في تلك المؤسسة
العالمية التي أسسها بادن باول ذات مرة، بل داخل جهد متكامل ومتواصل لإعداد
مناضلين
يؤمّنون للحزب المعني استمراريته ونضاليته.
واضح هنا أن صورة المؤسسة «الخيرية الاجتماعية» الـ «بادن باولية» تختفي
لتحل
مكانها مؤسسة من النوع الذي يتحدث عنه أفلاطون في «الجمهورية»
حيث من أجل ديمومة
المدينة الفاضلة التي يقترحها النص الأفلاطوني يتوجب إعداد الأطفال منذ
الصغر
ليصبحوا مقاتلي المستقبل. إن الفيلم لا يقول هذا بمثل هذا الوضوح النظري.
ومن هنا
بالطبع قدرة المخرج الفرنسي الذي عاش في لبنان ردحاً من الزمن صوّر خلاله
الفيلم
بتعاون تام من «حزب الله» كما يقول، على أن يتحدث عن لاسياسة
الفيلم. غير أن من
يشاهد هذا العمل المتقن إلى حد كبير والمصوّر بطريقة الصورة العالية الدقة
والمركّز
على جمال وجوه الأطفال والبراءة المطلقة في إيمانهم العميق بما يقولونه –
أو
يقوّلونه - والمركّز أيضاً على تشكيلات وتحيات جماعية لا يفوت
مشاهدها أن يجد سبلاً
لمقارنتها مع بعض تشكيلات وتحيات فيلم المخرجة الهتلرية ليني ريفنشتال – مع
حفظ
الفارق طبعاً - وكذلك الحب العميق أيضا لما يقومون به والمستقبل المشعّ
الذي
ينتظرهم لاحقاً حين يكبرون و «ينتظر الأمة» على أيديهم.
ولعل آية ذلك المشهد أنه يصور مجموعة من أشبال هذه الكشافة وقد حمل الصف
الأول
منها بضعة أعلام لبنانية لكن المجموعات الخلفية كلها راحت
تلوّح بأعلام «حزب
الله».
أليس هذا سياسياً؟ ليس كثيراً يقول صاحب الفيلم. إنه - ودائماً وفق رأيه -
عمل
اجتماعي جميل فإذا أطلت منه السياسة فما ذلك إلا تيمناً
بالتسييس اللبناني المعهود
لا أكثر ولا أقل.
*
قناة «آرتي»، 22 بتوقيت غرينتش.
الحياة اللندنية في
10/06/2011
وجهة نظر - «ضربة معلّم» لتشويه الإعلام
الخارجي
هوشنك أوسي
فشل الإعلام السوري في مسعى التعتيم لتحوير وقائع الانتفاضة السوريّة،
وتصوير
تلك المجريات على أنها مبالغات، تثيرها فضائيات ووكالات أنباء
«معادية» و«مغرضة»
و«متآمرة» على سورية وأمنها واستقرار شعبها الغارق في الإعلام الحرّ!
فشل الإعلام السوري، بخاصّة المرئي منه، في قلب الصورة والصوت والكلمة
الصادر من
الداخل السوري، عبر إعلام الآخرين، الى نقائضها. ولكن، وغالب
الظنّ يشي بذلك، أن
ذهنيّة الإعلام السوري، لجأت إلى لعبة تتمحور حول التشكيك والطعن في صدقية
قناة
تلفزيونيّة دوليّة فرنسيّة («فرانس 24»)، وفي شكل موثّق، للتشديد على أن
سورية
مستهدفة من قنوات التلفزة العالميّة والعربيّة.
سقطت «فرانس 24» في الفخّ المنصوب لها. وكان ذلك بأن اتصلت امرأة بالقناة،
تزعم
بأنها السفيرة السورية في باريس؛ لمياء شكور، لتعلن استقالتها.
وبعد انتشار الخبر،
بسرعة البرق، خرجت السفيرة السوريّة الحقيقيّة، لتنفي استقالتها، مهددةً «فرانس
24»
التي نقلت النبأ بالمقاضاة واتهمتها
بالترويج «لخطة تهدف لتدمير سورية».
ما حصل مع «فرانس 24»، يمكن أن نصفه بـ«ضربة معلم» في مسعى لتشويه صورة
الإعلام
الخارجي لدى الداخل السوري، والإيحاء بصورة ناصعة للإعلام
المحلّي.
في مطلق الأحوال، لا يمكننا اعتبار ذلك انتصاراً حاسماً ونـــهائياً،
قياساً الى
ما يســـرّبه الناشطون من مشاهد فيديو على مواقع التواصل
الاجتماعي على شبكة
الانترنت. لكن، على القنوات التلفزيونيّة، بخاصّة الإخباريّة، ذائعة الصيت
مثل «الجزيرة»، «العربيّة»، «بي بي سي العربيّة»
و«فرانس 24»، أن تحذر من الســـقوط في
مصيدة التسلل التي وقعت فيها «فرانس 24»، ومن الهجمة المرتدّة
التي سجلّت هدفاً
قويّاً وقاسيّاً على «فرانس 24»، من دون أن ننسى أن المباراة الإعلاميّة
بين نقل
الحقيقة والمتضرر منها، لم تنتهِ بعد.
الحياة اللندنية في
10/06/2011
...
ولو تلفزيونياً
مالك القعقور
يستغرب المشاهد اللبناني عدم وجود محطات تلفزة غير سياسية في بلده،
فالإعلام التلفزيوني اللبناني، الذي وزّع السياسيون على أنفسهم رُخَصَه
وتردداته وفق ترتيبهم الطائفي، جاء في معظمه سياسياً بتوجهاته وبرامجه
ولغته، وحتى موظّفيه، ولو تحت عباءة القنوات العامة، فيما حلّت البرامج
الأخرى المتعلقة بالمسلسلات والمنوعات والأطفال «ضيفة» على كل شاشة، لتملأ
الهواء أكثر مما تقدِّم باقة منوعة للمشاهدين.
الهمُّ الأول لهذه المحطات هو الشأن السياسي، ولا يحل قبل هذه المرتبة، إلا
كلام
القائد – القائم على كل محطة – وتصريحاته ومؤتمراته الصحافية، إضافة الى
الدائرين
في فلكه والناطقين باسمه، فهم قادرون وحدهم على قطع بث أي
برنامج، مهما بلغ من
الأهمية وتعلُّق المشاهدين به، ليُفتح الأثير لأحاديثهم وما يُدلون به
ردّاً على
الخصوم السياسيين.
أما الأمور الحياتية الأخرى التي تعني الناس، وكذلك برامج المنوعات
والتسلية
التي تسلّيهم في أيامهم الصعبة، فلا مكان لها إلا من باب
المجاملات، أو لزوم ما لا
يلزم، لأن الإعلام، بخاصة التلفزيوني، وفق عرف القيادات اللبنانية، «سلاح»
السياسي،
والسلاح يجب أن يكون دوماً حاضراً مستعداً للاستخدام في ردع الخصوم وإطلاق
سهام
الكلام عليهم، ولا يجوز له التلهي بأمور أقل شأناً، كالمسلسلات
وبرامج المنوعات إلا
قليلاً.
وحتى إذا أراد مشاهد لبناني عادي أن يتابع أموراً غير سياسية، لئلا يؤخذ
عليه
تطرقه إلى الشأن السياسي في غير موضعه، فلن يجد ضالته على
شاشات التلفزة اللبنانية،
لأنها لا تتركه في حاله، وهي مصرّة وقادرة على أن تطاله بشريط الأخبار
الحاضر على
مدار الساعة في أسفل الشاشة، اياً كان ما تعرضه. حتى ولو كان البرنامج الذي
يتابعه
فيه شيء من التسلية والفنون والفرح والبعد عن شؤون البلد وشجونه، فإن
الأخبار – وهي
في معظمها غير فرح وغير جيد – تتكرر أمام ناظريه في شريط لا يهدأ أبداً.
الغريب في الأمر، أن اللبنانيين لم يركبوا موجة الفضائيات العربية غير
السياسية،
التي تبث على مدار الساعة مسلسلات ومنوعات لا تعنى بأي شأن
سياسي أو أمني، ولم تطلق
كذلك أيٌّ من المحطات اللبنانية محطةَ منوعات رديفة، كما لم يبادر أي من
المنتجين
الفنيين إلى اطلاق محطة مماثلة تعيد بث ما يُنتج من مسسلسلات وبرامج منوعات
لبنانية، وإن كانت قليلة، على غرار محطات فضائية مصرية وسورية
تعيد بث مسلسلات
أنتجت في فترات سابقة وحققت نجاحاً.
فهذه الفضائيات الدرامية، المصرية والسورية، لم تَحِدْ عن توجُّهها قِيد
أُنملة،
وظلّت في اختصاصها الدرامي، رغم ما شهده البَلَدان من أحداث واضطرابات،
بينما محطات
التلفزة اللبنانية تحوِّل مشاهديها إلى معنيين بكل حدث، وبكل تفاصيل هذا
الحدث،
الصغيرة منها والكبيرة، بينما هو – المشاهد - يريد أن ينسى
واقعه قليلاً، أن يبتعد
عن ساسته وسياساتهم قليلاً، وينتقل إلى عوالم أخرى قليلاً... ولو
تلفزيونياً.
الحياة اللندنية في
10/06/2011
قرود الثورة
حنان شومان
كلنا نعرف أن الإبداع فى مصر بشكل عام بعافية شوية، وقد اعتدنا منذ عقود
على أن نتقبل هذا الأمر ولا نناقشه إلا فى مجال الفن، فنحن نسلخ جلد
الفنانين مثلاً إذا نجح فيلم أو مسلسل ما وراح العشرات من المسلسلات
والأفلام الأخرى تلعب على نفس النغمة، حتى يتحول النجاح إلى موضة متكررة
بلا إبداع فتصير من فشل لآخر ويملها الجمهور ويصرخ طالباً الرحمة. ولكى
أؤكد على ما أزعم سأذكرك عزيزى ببعض الأمثلة ليس إلا فهل تذكر موضة
الطرابيش فى المسلسلات بعد نجاح ليالى الحلمية؟ هل تذكر موضة مسلسلات السير
الخاصة بالمشاهير بعد نجاح أم كلثوم؟ هل تذكر موضة أفلام الكوميديا بعد
نجاح صعيدى فى الجامعة الأمريكية؟
مئات من الأمثلة فى مجال الغناء والسينما والتليفزيون كثيراً ما كتبت وكتب
غيرى عنها كظواهر تنم عن ضعف إبداع فى مجتمع يعانى مما اطلق عليه أخلاق
القرود التى تحترف التقليد دون الابتكار، ولكن الأزمة تتفاقم حين ترتبط
أخلاق القرود بالنفاق فتصنع تركيبة شديدة الفجاجة والقبح ولا تكفى فيها سلخ
الجلد، كما كنا نفعل مع عموم الفنانين سابقا، ولكن يجب للحق أن ننزع جلد
هؤلاء لما يرتكبون من جريمة التى تتنوع فى المقدار وقدر الجرم.
فمن هؤلاء الذين يبيعون بطانية الثورة، لعصير الثورة، لحج الثورة، أى والله
هناك حج وعُمرة الثورة، فمن هؤلاء إلى آخرين يتنازعون فيما بينهم على ألقاب
مقرونة بالثورة كشاعر الثورة وملحن الثورة، ومطرب الثورة، وخطيب الثورة،
وائتلافات الثورة، ومذيع الثورة، وصحفى الثورة وجريدة الثورة، وأخيراً وليس
آخراً طبعا، قرأت خبرا عن إعلان مسرحية بطولة ممثلين الثورة حتى كدت أن
أنتظر خبرا عن خالة الثورة وعمة الثورة وغيرها من كل ما يمكن ولا يمكن
اقترانه بالثورة أو غيرها من ثورات.
يا أيها السادة أفهم أن تحترف الصين التقليد وتضيف إليه إبداع وقيمة
اقتصادية تضعها فى مصاف القوى السياسية فى العالم، ولكنى لا أفهم ولا أحترم
دولة وشعب يحترف التقليد مغموساً بالنفاق، كما نفعل نحن أهل مصر.
بالأمس القريب كانت كل شوارعنا ومدارسنا ومنشآتنا مباركة بمبارك وقبلها
كانت بالسادات وناصر واليوم بالثورة، فتُرى ماذا ستكون غداً؟؟؟؟ ومتى
سنتخلى عن أخلاق قرود الثورة؟؟؟؟؟
اليوم السابع المصرية في
09/06/2011
للمطالبة بتطهير مؤسسات الفن من الفساد:
400
فنان ينظمون
مسيرة.. والليثي يشكك
محمد حسن / القاهرة:
شارك أكثر من 400 فنان من السينمائيين والتلفزيونيين أمس الأول في
مسيرة سلمية، للمطالبة بتنفيذ قانون العزل السياسي على كل من
مسعد فودة نقيب
السينمائيين، وأشرف زكي نقيب الممثلين السابق، وممدوح الليثي، وعدم السماح
لهم
بالترشح في أي انتخابات نقابية على مدى السنوات الخمس المقلة.
تقدم المسيرة
الممثلون فردوس عبد الحميد وأشرف عبد الغفور ومحمد ابو داوود ، والمخرجون
يسري نصر
الله، ومحمد علي ومها عرام، ومهندسا الديكور فوزي العوامري، وأنسي أبوسيف.
وانطلقت
المسيرة من ميدان طلعت حرب في وسط البلد، ومرت في ميدان
التحرير، واستقرت لوقت قصير
أمام مجلس الوزراء. ثم انطلقت الى محطتها الأخيرة دار الأوبرا المصرية.
ورفعت
شعارات تطالب بتطهير مؤسسات الفن والإعلام والثقافة، بالاضافة الى شعارات
تندد
بمشاركة فودة وزكي في انتخابات السينمائيين والممثلين المقبل.
ومن الهتافات التي
رددتها: «كفاية كذب كفاية فساد.. يسقط اتباع القواد»، و«الثورة لسه موجودة
ضد
الليثي وزكي وفودة»، و«ممدوح الليثي تاني ليه.. صفوت راجع ولا إيه».
وقالت مها
عرام: «قررنا إنهاء المسيرة بمجرد وصولنا الى الأوبرا، لأن هدفنا هو توصيل
رسالة
محددة.. وقد وصلت».
من جهته، قال ممدوح الليثي رئيس اتحاد النقابات الفنية
لـ«السفير»: لا أعرف ماذا يريد هؤلاء الشباب. هل يعترضون على الخيار
الديموقراطي؟!
الانتخابات هي الفيصل. ولكن يبدو أنهم
شعروا بأن فرصة مسعد فودة وأشرف زكي قوية في
الانتخابات، فقرروا تنظيم مسيرة تطالب باستبعادهم عنها».
أضاف: «لقد احتكمنا الى
الخيار الديموقراطي، وقررنا إجراء انتخابات في النقابات الثلاث، رغم أن هذا
ليس
موعدها. وعلى الجادين المشاركة في تلك الانتخابات من دون «شوشرة».
وشكك الليثي
في نيات المشاركين في المسيرة، موضحاً: «علمت فردوس عبد الحميد أن زوجها
محمد فاضل
سيسقط في انتخابات السينمائيين فقررت توجيه ضربة استباقية.
ووجد أشرف عبد الغفور أن
أسهمه في انتخابات الممثلين ضعيفة فقرر اتخاذ موقف استباقي أيضاً عبر
المشاركة في
المسيرة».
وأكد الليثي أنه «باق في كرسي رئاسة الاتحاد العام للنقابات الفنية»،
لأنه وصل اليه عبر انتخابات نزيهة منذ سنة، ويتبقى له ثلاث
سنوات حتى تنتهي فترة
ولايته. بعدها يقرر إن كان سيترشح أم لا. ويشير الى أنه يختلف عن مسعد فودة
على
سبيل المثال، لأن فودة كانت لديه مشاكل واعتصامات في نقابته، بينما ليس ثمة
مشاكل
في اتحاد النقابات.. وليس ضرورياً إعادة إجراء الانتخابات فيه
اليوم».
السفير اللبنانية في
10/06/2011
عندما تنتصر إسرائيل على تلفزيونات الغرب...
العار!
غريغ فيلو
بلغت حرب
البروباغاندا حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أشدها. في العام 2004، نشرت
جامعة
غلاسكو البريطانية دراسة شاملة حول التغطية التلفزيونية
للانتفاضة الثانية، وأثرها
على الرأي العام. قام فيها الباحثون، بينهم غريغ فيلو، بتحليل 200 برنامج
تلفزيوني،
وحاوروا أكثر من 800 شخص. وكانت النتيجة: «التقارير الإسرائيلية تهيمن على
التغطيات».
منذ صدور هذه الدراسة، ولم تتوقف الاتصالات التي تلقاها غريغ فيلو،
الذي أصدر مؤخراً مع مايك بيري كتاباً بعنوان «مزيد من الأخبار
السيئة من إسرائيل»،
الذي شارك في إعداد دراسة غلاسكو، وروى فيها صحافيون، وخاصة من
هيئة الإذاعة
البريطانية «بي بي سي»، رووا لمعدي الدراسة عن الضغوط الكثيرة التي يعانون
منها
والتي تجبرهم على الحد من انتقادهم لإسرائيل. تحدثوا عن «خشيتهم من تلقي
اتصالات من
الإسرائيليين»، وهم يعنون السفارة الإسرائيلية أو «أعلى»، وعن
أن مكتب «بي بي سي:
في القدس المحتلة «يستند الى الأميركيين»، وأعربوا عن إحساسهم «بالذنب من
الرقابة
الذاتية» التي يفرضونها على أنفسهم... كل ذلك ولا تزال «بي بي سي» تصر على
عدم نشر
نتائج الدراسة.
وماذا فعل الإسرائيليون في هذا الوقت؟ لقد كثفوا جهودهم
الإعلامية. وعندما خططت الدولة العبرية لعدوانها على غزة في كانون الأول
2008، أسست «إدارة المعلومات الوطنية»، فيما كانت تمنع
المراسلين من الدخول إلى القطاع
المحاصر. وفي العام 2010، عندما هاجمت اسطول الحرية، بثت صورا «أعدتها»
وذيلتها
بتعليقاتها الخاصة حول ما يفترض أنه حصل. هذه التقارير المضللة عرفت طريقها
الى
البرامج التلفزيونية الإخبارية. وحين دحضت الأمم المتحدة هذه
التقارير، بالكاد حصلت
على التغطية.
صممت الجهود الإسرائيلية في المجال الإعلامي لصياغة الرسائل
المحددة التي يتعين تعميمها على المصادر الإخبارية، بحيث يكررها كل متحدث
إسرائيلي.
ووفقا للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، لقد
قدّمت «الرسائل الأميركية» التي تم
تحليلها بشكل مكثف من قبل «مشروع إسرائيل»، ومقره في الولايات المتحدة،
«إسرائيل
أدوات جديدة في المعركة من أجل كسب القلوب والعقول في العالم».
وفي تقرير يقع في
أكثر من 100 صفحة، لا هو للنشر ولا للتوزيع، هناك قائمة من التصريحات
الإسرائيلية
المحتملة، وقد وزعت وفق خانتين «الكلمات التي تؤثر» و«الكلمات
التي تنفر المستمع».
وهناك أيضا قائمة بشأن ما يجب قوله وما يجب تجنبه: تفادى الدين، الرسائل
الإسرائيلية يجب أن تركز على الأمن والسلام، التمييز جيدا بين
الفلسطينيين وحركة
حماس، ولا هَمَّ أن الفلسطينيين انتخبوا حماس ديموقراطيا.
تبدو الأخبار التي تبث
على تلفزيونات الغرب منصاعة على نحو مذهل «لآداب» الإعلام هذا. والصحافيون
امتثلوا،
وهكذا باتت «حماس» هي التي تهاجم لا الفلسطينيين: «القصف يتواصل على أهداف
حماس»
(قناة
بي بي سي1 - 31 كانون الأول 2008) و«العدوان على حماس يدخل أسبوعه الثاني» (بي بي سي1 - 3 كانون الثاني 2009).
الصور التي رشحت عن هذا العدوان كانت قاسية،
لكن الرسائل الإسرائيلية كانت أقسى وأقسى. فالعدوان كان ضرورياً «للرد» على
الصواريخ الفلسطينية!
في تحليل لأكثر من أربعة آلاف خبر بثت على التلفزيونات
البريطانية، تبين للباحثين أن أياً منها لم تغط قتل الإسرائيليين لأكثر من
ألف
فلسطيني، بمن فيهم مئات الأطفال، خلال ثلاث سنوات قبل العدوان. التصريحات
الإسرائيلية بشأن سبب العدوان، فاقت بثلاثة أضعاف تصريحات
الفلسطينيين، التي اقتصرت
(عمداً
ربما) على تلك التي تتوعد إسرائيل بالثأر. أسباب النزاع كانت غائبة، فلا
الفلسطينيون اقتلعوا من منازلهم، ولا سلبوا أرضهم ولا حوصروا حد الاختناق!
هكذا
يلتزم الصحافيون بقيود التغطية الصارمة عندما يعلقون على صور «الضحايا
المدنيين»،
من دون كثير من البوح عن الأسباب التي تدفع الفلسطينيين الى
القتال.
ترجمة جنى
سكري (عن
«الغارديان»)
السفير اللبنانية في
10/06/2011 |