تواجه الدراما التلفزيونية المصرية حاليا مأزقا عسيرا، خاصة بعد انسحاب
الكثير من المنتجين من أعمال تعاقدوا عليها، إضافة لعدم وضوح خريطة
التلفزيون المصري للإنتاج هذا العام، وهم أهم جهات الإنتاج، كما أن أغلب
المسلسلات ذات مغزى ضعيف ولن تحظى بأي نسبة مشاهدة محترمة، خاصة بعد اندلاع
ثوره 25 يناير (كانون الثاني).
هذا المأزق كان طاولة حوار شارك فيها 20 منتجا في شكل اجتماع عاجل لمناقشة
المسلسلات الدرامية التي ستنتج، وتم خلال الاجتماع الاتفاق خلال على إنتاج
10 مسلسلات فقط، ووقعوا بيانا بذلك.
«الشرق الأوسط» تحدثت إلى كبار مؤلفي الدراما المصرية، حيث أجمعوا على أن
«عصر التفاهة والعري انتهى، ولن يقبل به المشاهد المصري مرة أخرى، مع
توقعهم بأن الأعمال الدرامية العربية ستلقى رواجا هذا العام لدى المشاهد
المصري على حساب الدراما المصرية».
المؤلف بشير الديك رحب بوجود الدراما العربية على الساحة المصرية، مؤكدا أن
العمل الجيد يفرض نفسه إذا توافرت فيه كل عناصره الكتابية والإخراجية
والتمثيلية. واعتبر الديك أن رمضان معرض مهرجان الدراما العربية، فمن حق أي
أحد أن يعرض فيه، ويقول عن العرض التلفزيوني لرمضان، دائما ما يسبب مشكلة
حقيقية لدى القائمين على الصناعة، وبالأخص هذا الموسم، فالوقت اقترب
والمواضيع التي كتبت لا تناسب الحدث، لأن ما حدث على أرض الواقع من مواضيع
يصعب تجسيدها، خاصة الأعمال التي بدأت التصوير، فأعتقد ستقع في أزمة حقيقية
بسبب أحداثها البعيدة عن الحالة التي يعيش فيها الشعب، ومن بين هذه الأعمال
مسلسل «سمارة» الذي تقوم ببطولته غادة عبد الرازق، ويرى أن إنتاج عدد قليل
من الأعمال ليس مأزقا، قائلا طول عمرنا من سنوات ماضية كنا نعرض 10 مسلسلات
فقط وهذا أمر طبيعي وليس غريبا.
وعن رأيه في عمل درامي يجسد الثورة لرمضان المقبل، رفض وجود عمل عن الثورة،
وقال الثورة، لم تنته بعد، لكن ممكن أن نعمل حلا بديلا، أن توجد أعمال تجسد
روح الثورة كما كان يقال على روح أكتوبر من قبل، فأنا أرى الثورة الآن يتم
المتاجرة بها «بالهبل» وتشن عليها حرب رهيبة ونحن نحتاج إلى عامين كاملين
على الأقل لتجسيد ثورتنا العظيمة في عمل درامي.
واتفق معه المؤلف أيمن سلامة في إعادة النظر من قبل المؤلفين في أعمالهم
التي كتبت كي تناسب المرحلة الجديدة بعد الثورة، وقال سلامة إنه على
المستوى الشخصي قام بإعادة صياغة عمله الدرامي «فيلا كارما» كي يناسب العهد
الجديد. ويتوقع سلامة أن عدد المسلسلات المصرية سيقل هذا العام بل اختفاء
بعضها، وسيسحب البساط من الساحة المصرية وتعطى فرصة للأعمال الإيرانية
والسورية والتركية بل ستنعشها أكثر، وتحدث لها رواجا أكثر من المسلسلات
الدرامية المصرية.
أما بالنسبة لعمل يجسد الثورة، فأكد سلامة أنه ضد عمل يجسد الثورة في الوقت
الحالي، مبررا ذلك بوجود جوانب مهمة وأسرار لا نعلم عنها شيئا ولم تكتشف
بعد، ومن يفكر في ذلك فهو «منافق ومتعجل».
أما الدكتور مدحت العدل فيرى أن حال الدراما المصرية تغير تماما بعد
الثورة، بمعنى أن الكثير من الأعمال التي لاقت نجاحا قبل الثورة كمسلسل
«زهرة وأزواجها الخمسة» من المؤكد أنه لو قدم بعد الثورة فلن يقبل عليه
الجمهور، الجمهور فاق ولن يقبل أي عمل تافه مليء بالعري.
وأكد العدل أن العمل الدرامي ليس مرتبطا بوقت أو حدث محدد، حيث لو تم عرض
مسلسل «ليالي الحلمية» ومسلسل «قصة حب» ومسلسل «شيخ العرب همام» التي قدمت
من قبل، في رمضان المقبل ستلقى نجاحا لأنها مميزة ولديها مضمون، لكن
الأعمال التي يجب إعادة النظر فيها التي تدور حول قضايا الأمن والفساد على
عكس العمل الذي أقوم بكتابته الآن بعنوان «الشوارع الخلفية» وهو رواية
للكاتب عبد الرحمن الشرقاوي، لن أقوم بتغيير نهج كتابته بعد الثورة فهو
تدور أحداثه عن ثورة طلبة في عام 1935، أما الكلام عن أن الأعمال العربية
ستسحب البساط من الدراما المصرية، فهذا ممكن أن يحدث في حالة لو قل إنتاجنا
هذا العام وتقديم مسلسلات ضعيفة في المستوى.
وعلى العكس يقول المؤلف حازم الحديدي الذي خالف العدل: أرفض كلمة سحب
البساط لكن أؤمن بالمنافسة، وهي منافسة مشروعة، فمن حق أي أعمال درامية
مصرية وغير مصرية أن تعرض في أي وقت، لكن لو عرضت الأعمال بناء على استغلال
لموقف تمر به الدراما المصرية في الوقت الحالي، فهذا تصرف صغير لا يليق
بمنتجي الخليج المحترمين.
وبسؤال الحديدي عن العمل الدرامي الذي يكتبه الآن بعنوان «الريان» الذي
يحكي السيرة الذاتية لرجل الأعمال أحمد الريان، قال من المؤكد تغير
التناول، فقبل الثورة كنت أكتب على استحياء عن الفساد، لكن الآن أكتب
بجرأة، وأكد الحديدي أن الفساد في الريان سيكون في سياق درامي، وفيه روح
الثورة التي توجد داخل الشعب المصري قبل الثورة وباندلاعها جعلها تظهر
وتطفو على السطح.
ويرى المنتج إسماعيل كتكت أنه لا أحد يستطيع أن يتوقع ما هو مستقبل الدراما
المصرية لكن المؤكد أن الصناعة تنهار بعد ازدهارها الأعوام الماضية بفضل
جهود التلفزيون المصري الحكومي، فهو الذي أنقذها كل الفترة الماضية، لكن
التلفزيون هذا العام غير موجود، بالتالي سنرجع إلى الوراء.
وأضاف كتكت أن البساط قد سحب قبل عامين من الدراما المصرية من قبل الدراما
التركية، لافتا إلى أن الثورة ليس لها دخل في هذا. وقال «لكني سأقوم
بالإنتاج هذا العام وأقوم الآن بعمل معاينات في تونس، وأنا مع الأعمال التي
تنتج عن الثورة وأفكر في إنتاج عمل يحكي ثورة 25 يناير». ويؤكد كتكت أن
تأثير الثورة على صناعة الدراما سيكون واضحا في تقديم أعمال محترمة، لأن
الفن مرآة الواقع وستقدم أعمال تتماشى مع المرحلة.
الشرق الأوسط في
25/03/2011
«إمبراطورية
الجزيرة» تحت مجهر «كانال
بلوس»
باريس- ندى الأزهري
منذ تأسيسها وهي تُقلق بعض الحكومات الغربية. تُزعِج وتُتهَم بأنها قريبة
من
المتشددين و«صندوق بريد بن لادن»، ومع هذا، لم يعد من الممكن
تجاوزها، إذ باتت «تلفزيون
ثورة» و «مدّاحة» الديموقراطية ضد الديكتاتورية، ومرجعاً لبعض المحطات
الغربية. من هي حقاً؟ ومن يقف خلفها؟ هل «الجزيرة» إمبراطورية تُخيف؟
«كانال
بلوس» الفرنسية طرحت هذه التساؤلات والحقائق حول «الجزيرة» في تحقيق خاص
بثته الأسبوع المنصرم. من جهة، أبرزَ هذا التحقيق الاتهامات التي تُوجَّه
الى
المحطة، من حيث انها «تلفزيون طالبان» ومنبر للإسلاميين
المتشددين، ومن جهة ثانية،
تحدَّث التحقيق عن «شعبيتها الكبيرة» وموقعها الحالي «كمساندة للديموقراطية
وللثورات في العالم العربي». كل هذا من خلال متابعة نشاط مراسلي القناة
القطرية في
تونس ومصر وبنغازي، لتبيان الرأي والرأي المعاكس حول المحطة المثيرة للجدل.
يبين التحقيق أن سمعة المحطة كمنبر للإسلاميين لا تأتي فقط من إفساحها
المجال
لهم للظهور على شاشاتها «أكثر من اللازم»، بل أيضاً من نوعية
برامجها، ومنها بخاصة
الإطلالة الأسبوعية للشيخ القرضاوي «المحرِّض على اليهود» والداعية إلى
«الإسلام
الأكثر راديكالية». كما يلفت التحقيق إلى أن مدير المحطة القطرية وضاح
خنفر، كان
«مسؤولاً»
سابقا في حركة الإخوان المسلمين. وللرد على هذا، التقى صانعو الشريط
مسؤولاً من «الجزيرة» (محمود داود)، فقال إن «هدف الاتهامات هو منعهم من
أداء عملهم
كما يجب، وإن «الجزيرة» أيقظت العالم العربي».
ثم يورد التحقيق آراء مسؤولين ومثقفين، فظهر وزير الدفاع الأميركي السابق
دونالد
رامسفيلد في إحدى خطبه التي يتطرق فيها إلى «الجزيرة»، متهماً
إياها بالكذب على
العالم «لدعم طروحاتها»، موضحاً أنه «حين يحصل قصف ما، تلجأ المحطة لتصوير
نساء
وأطفال، للإيحاء بأن هؤلاء كانوا الهدف». كما يستطلع التحقيق آراء بعض
المثقفين
العرب، ولا سيما من تونس «البلد الأكثر علمانية في العالم
العربي»، ومنهم المخرج
والمؤلف المسرحي الفاضل الجعايبي، الذي استهلَّ ظهوره على المحطة القطرية
إثر
مظاهرة استخدمت الشرطة فيها العنف ضد المتظاهرين في تونس خلال الثورة،
بالقول: «كنت
أفضل لو صرّحت من خلال التلفزيون الوطني التونسي، ومع هذا،
فإنني على رغم تحفظي عن
قناة «الجزيرة» وأيديولوجيتها التي لست على توافق دائم معها، أشعر بواجب
سرد ما حدث
اليوم». وحين سئل في التحقيق التلفزيوني الفرنسي عن سبب موقفه من
«الجزيرة»، رد
الجعايبي: «ثمة ضغوط فيها، وهم يتحدثون عن كل البلاد ما عدا
قطر». كذلك وصف موقف «الجزيرة»
من إيران بعدم الوضوح، وقال إنه لا يجد نفسه «متضامناً مع هذه المحطة».
وفي تونس أيضاً، يطرح بعضهم التساؤل: «هل هي منبر للإسلاميين؟»، وفي حديث
قال
شاب ان «الجزيرة» هي «كالجار الذي لا تتفاهم معه ولا تتوافق
آراؤك مع آرائه، ولكنه
قام بنجدتك يوماً». ويستطلع التحقيق رأي الصحافي المصري محسن حسني، من
جريدة «المصري اليوم»، والذي أجرى بحثاً عن تأثير
الإسلاميين في «الجزيرة»، فذكر وجود
تيارين فيها، الأول «متشدد، وهو الغالبية، ويسيطر على الإدارة والأخبار،
والثاني
ليبرالي»، مضيفاً أنه لو حصل في قطر أو أحد بلدان الخليج الأخرى ما يحصل في
ليبيا
اليوم، لما غطّته المحطة بهذا الشكل.
ويبرز التحقيق موقف الأنظمة القمعية من «الجزيرة»، فالحكم السابق في تونس
كان
يراها «معادية للنظام»، ولذلك لم يكن لها مكتب في هذا البلد
ولا مراسل. أما في مصر،
فوصفها مدير التلفزيون المصري السابق بأنها «تلفزيون موجَّهٌ»، متهماً
إياها في
التحقيق بـ «المزايدة»، وبأنها مسؤولة عن «الفوضى»، و «لعبت دوراً كبيراً
في تضخيم
الأحداث». وأعلن ان المحطة وضعت شعار «معاً لإسقاط مصر» على
موقعها على الإنترنت
قبل أن تعتذر عنه.
وذكر التحقيق أنه على رغم الشك في موضوعية القناة، فإن شعبيتها أقوى من أي
فترة
مضت، بفضل تغطيتها للثورات العربية. وتجلَّت قوة تأثيرها في
بنغازي، حيث ما إن وصل
مراسـلها إلى هناك حتى وجد مصوّرين جاهزين للعمل معه بأجهزتهم التي كانت
للتلفزيون
الرسمي، وأيضاً لتزويده ما في حوزتهم من أفلام تبيِّن بدء الثورة في
المدينة وتصوّر
اقتحام البلدوزرات لأقـسـام الـشـرطـة، فبثتها المحطة فوراً.
أما سبب ذلك، فبديهي
كما يقول أحدهم: «أعطيتهم إياها لأشكرهم، لأن «الجزيرة» دعمتنا منذ
البداية، فهي
تقول الحقيقة ولا تخفي شيئاً». في الشارع، دقيقتان كانتا كافيتين لتجمع
الناس حول
مراسل «الجزيرة»، أما في المستشفى، «فالمرضى والجرحى أيضاً»،
كما يقول التحقيق، «يشاهدون
«الجزيرة قناة الثورة»، ولدى رؤية المراسل تعلو هتافات: «تعيش الجزيرة
محرِّرة العالم العربي»، في ما يبدو المراسل نجماً يرغب الجميع في التقاط
الصور
معه، لأنه «رمز للحرية».
باختصار، نجح هذا الشريط في عرض سريع (30 دقيقة) في تناول المسألتين: شعبية
المحطة الكبيرة وغموضها الأيديولوجي. ولعل اختتامه بسؤال
البداية خير معبّر: «هل
«الجزيرة»
شعار لثورة محرِّرة أم حاملة لأيديولوجيا مقلقة؟
الحياة اللندنية في
25/03/2011
الفضائيات و «ثقافة الكذب»
ماجد السامرائي
ليس جديداً، اليوم، القول ان جزءاً كبيراً مما تقوله غالبية السياسيين
العرب،
وفي العراق خصوصاً، ينتمي الى «ثقافة الكذب». فهم يتوجهون بما
يقولون الى جمهور
يحسبونه يسير دائماً تحت تأثير «فكرة القطيع». وهؤلاء السياسيون هم الأكثف
حضوراً
على شاشات الفضائيات والأكثر تمريراً للكذب بين الناس... فبعضهم قد تظهره
الصورة
التلفزيونية صاحب وقار اجتماعي يظهر «الكذّاب» فيه بكل ما
يحسبه وسيلة إقناع
للآخرين، أو بما يجعلهم يستسلمون «للقول الكاذب». وبعضهم الآخر يظهر بمظهر
«السياسي
المحترف» الذي لا غالب له في تحريف القول والانحراف به عن جادة الحق،
محوّلاً
الأمور عن نصابها الحقيقي. وبعض ثالث تجده لفرط ثرثرته لا يترك
للمشاهد فسحة
للتفكير بما يقول، بل يأخذه بالكلام المتلاحق الذي قد ترتطم جملة منه بأخرى
من دون
أن تحدث خللاً.
ولا يهم الجميع، كما يبدو، أن يكون كلامهم هو الأبعد عن الحقيقة الشاخصة في
واقع
حال الناس اليومي، بل المهم عندهم (وهو ما يلتقون عنده أكثر من
أي أمر آخر، على رغم
اختلافاتهم الصورية) هو محاولة التغطية على «الكذب في القول» بإنشائية
الكلام فيه،
وقد نالوا على ما يقولون أجرين: الأجر الذي تدفعه الفضائيات لضيوفها، وأجر
أكبر
يكون قد هيأه له «سيده» في سدة السلطة، أو الحزب والجماعة،
والذي يؤخذ في الاعتبار
بالنسبة الى مقداره (أو مركزه) القول المأثور: «الأجر على قدر المشقة».
إلا أن أسوأ من يتولون «صناعة الكذب» هذه، هم «الكومبارس» الذين يجدون في
عملية
«تصدير
الكذب» الى الناس عبر الفضائيات عملاً يسدّ لهم غائلتين: غائلة الحاجة الى
الشهرة التي قد تجعل منهم «ناطقين» باسم هذا أو بعنوان ذاك، ترقباً لما هو
أكبر من
وعد بالفوز... وغائلة الحاجة (التي أصبحت هنا، فعلاً، أمّ الاختراع). فمن
كانوا بلا
عمل وجدوا ما ينتصرون به على البطالة، وإن ببطالة مقنّعة بقناع العمل، فإذا
هم
يعملون على تسويس «الرأي العام» بالكذب الذي ليس أمامنا إلّا
أن نشهد لبعضهم
بالبراعة فيه... فضلاً عن أنه أخرجهم من الظلمات (ظلمات مجهوليتهم) الى
النور (نور
الفضائيات التي عرّفتْ بهم «ناطقين» أو «أصحاب رأي»!).
فإلى ماذا قاد هذا الأمر في فضائياتنا العراقية مثلاً؟ الى نتيجتين،
كلتاهما لها
خطرها على المجتمع. الأولى إن «الكذاب» أصبح موجوداً اجتماعياً
وسياسياً، وعلى
الآخرين الاعتراف به، وإن لم يقبلوه... وإن الكذب أضحى حقيقة واقعة في حياة
المجتمع، فإن لم يقرّها فعليه أن يتقبلها - وإن مكرهاً!
أما النتيجة الثانية، والخطيرة في شكل أكبر فهي انسحاب المثقف الحقيقي
والنأي
بنفسه فكراً وتفكيراً، وبصورته أيضاً، من مثل هذا الواقع، وقد
خشي مغبة الظهور في
مشهد كهذا، إذ حسب أنه إذا ظهر على أرض مثل هذا الواقع يُحسب (أو يُسحب)
على تيار «الثقافة السائدة»، وهي «ثقافة العوام» التي
ساعدت هذه الفضائيات، بدرجات كبيرة،
على تعميمها.
فهل سنجد حلاً يُنقذ الثقافة الحقيقية، والمثقف الحقيقي، وقبلهما المجتمع
من هذا
الاستسهال الفضائي؟
الحياة اللندنية في
25/03/2011
توابع حلقة أمس الأول من »مصر النهاردة«
وقف برنامج لميس »من قلب مصر« آخر ظهور لخيري الخميس القادم
عماد عبد الرحمن
جاءت توابع حلقة أمس الأول من »مصر النهاردة«
سريعة وساخنة حيث تقرر وقف برنامج لميس
الحديدي »في قلب مصر«
بقرار من د.سامي الشريف رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون.
كانت الحلقة قد شهدت اعلان الإعلامي خيري
رمضان بأن آخر حلقاته في البرنامج ستكون نهاية هذا الأسبوع..
بعد حرصه علي كشف ماذا في الكواليس من يوم
٨٢
فبراير حتي الآن مؤكدا بأنه في البداية
التقي مع لواء طارق المهدي وطلب الاعتذار عن الاستمرار في البرنامج لرغبته
في إجازة تكون فرصة لعمل وقفة مع النفس ولكنه رفض الاعتذار شارحا صعوبة
الوضع المالي فأعلن خيري عن استعداده للعمل بدون أجر لحين انتهاء الأزمة
المالية أو اتاحة الفرصة لظهور وجوه جديدة في الحلقات القادمة تمهيدا لترك
البرنامج لهما..
وعندما جاء د.سامي الشريف لتولي مسئولية رئاسة الاتحاد عرض عليه خيري أن
يحضر من يريد ليشاركوا في تقديم البرنامج..
إلي
ان كانت المفاجأة باعلان الشريف في الصحف ان هذا الاسبوع هو الاخير
لبرنامجي »مصر النهاردة« وفي قلب مصر واتصل به لمعرفة الحقيقة منه وطلب
اللقاء للمناقشة في البحث عن حلول لاستمرار البرنامج.
ثم كشف خيري عن تلقيه مكالمة من اللواء إسماعيل عتمان يطلب فيه تأجيل حكاية
ترك البرنامج، وبعدها مكالمة د.سامي الشريف يؤكد فيها انه تناقش مع اللواء
إسماعيل عتمان واقنعه بأن الأزمة المالية من الصعب معها توفير السيول
اللازمة للانفاق علي البرنامج.. وعرض الاثنان بأنه سيتم فيه اجتماع مساء
اليوم التالي مع المسئولين بصوت القاهرة لوضع حلول لاستمرار البرنامج.
ثم كانت مفاجأة الحلقة أمس الأول بدخول لميس
الحديدي في مكالمة تليفونية هاجمت فيها رئيس الاتحاد معلنة بأنها لن تترك
البرنامج وانها صاحبة الحق في تحديد موعد تركها لبرنامجها مؤكدة بأنها
مستمرة في العمل بناء علي تكليف سابق من لواء طارق المهدي بعد تخفيض اجرها
إلي النصف إلي أنه جاء اتصال د.سامي الشريف مع خيري الذي أكد له بأن دخل
البرنامج من الاعلانات
٠٧ مليون جنيه.. يتم انفاق ٠٢ منها علي البرنامج ولا نعلم أين ذهبت
٠٥
مليون جنيه وسأله ايضا عن أسباب عدم توفير
فرص عمل في برامج أخري للزملاء الذين يطالبون بالعمل.
وأشار خيري بأن هناك
٠٥١
يعملون في البرنامج من حقهم التعيين ورحب د.سامي البتعيين
وتعجب خيري في الحلقة من اعلان رئيس الاتحاد عن قرارات خاصة بالعمل في
ماسبيرو علي قناة »الحياة«
وليس علي شاشة التليفزيون المصري.
د.سامي الشريف رئيس الاتحاد علق علي ما حدث قائلا:
المشكلة إن هناك قرار سابق قبل حضوري بعدم
عمل الصحفيين من خارج المبني واتاحة الفرصة لأبناء اتحاد الإذاعة
والتليفزيون لان هذا من الأسباب الرئيسية لاعتصامات ماسبيرو ونفذ القرار
علي الجميع باستثناء
»مصر النهاردة« و»من قلب مصر«، ولكن في ظل الأزمة المالية من الصعب أن
يستمر العاملين في الاعداد والاخراج والتصوير من خارج المبني لان ذلك
يكلفنا الكثير..
في ظل عدم وجود فرصة لابناء الاتحاد لذلك
نحاول اعطاء الفرص لها وهذا لا يقلل من البرنامجين وان العاملين بهما
سيكونون اضافة لأي قناة اخري كما اننا من الصعب ان نصرف علي ايجارات
الاستوديوهات واذا كانت صوت القاهرة لديها الاستعداد للصرف علي البرنامجين
بالكامل واهدائنا الأشرطة اهلا وسهلا ولكن للأسف المناقشات في هذا المجال
مع رئيس صوت القاهرة ابراهيم العقباوي لم تصل إلي
حل لذلك من حقي تنفيذ القرار السابق بعدم التعامل
مع غير ابناء ماسبيرو لأنهم الاحق مثلا بأكثر من مليون جنيه شهريا اجور
لعاملين من خارج المبني.
الأخبار المصرية في
27/03/2011
«الانحياز» سمة بارزة للإعلام في العراق
بغداد ـ شاكر الأنباري
خارطة الاعلام في العراق تغيرت كثيرا بعد سقوط النظام، هو في ما يشبه
الفوضى، بعد أن كان اعلاما مركزيا على غرار ما هو مألوف في معظم الأنظمة
الشمولية. لم يعد الاعلام العراقي نسخة واحدة، كما كان عليه خلال العقود
الثلاثة او الأربعة الأخيرة، فهو اليوم اعلام متعدد، ابرز ملامحه غياب
الرقابة. نجد هذا في الاعلام المرئي، والمسموع، والمكتوب، اذ تشكلت خارطة
جديدة تختلف (نوعيا) عما ألفناه سابقا. فهناك الاعلام الحزبي، واعلام
الدولة، والاعلام المستقل، وكل واحد من هذه الانماط يمتلك مواصفات محددة.
الاعلام الحزبي يوجه رسالة اعلامية «مؤدلجة« لحزب او تكتل يريد ايصال صوته
إلى المجتمع. ومن يسمع أو يقرأ أو يشاهد هذا النوع من الاعلام لا يبذل كثير
جهد لاكتشاف هويته، سواء كانت طائفية أو حزبية أو قومية. الأحزاب الكبيرة
تمتلك كلها تقريبا صحفا ناطقة باسمها، وفضائيات أيضا، تمول من قبل الأحزاب
تلك، ولا يحكمها ميزان الربح والخسارة، ذلك الميزان الذي ينبغي ان يكون
معيارا لنجاح الوسيلة الاعلامية أو فشلها. هو كذلك لا يعتمد على الاعلان في
بقائه، ولا يهتم كثيرا لجذب شبكة قراء واسعة، فهذا آخر ما يهتم به. ويمكن
القول ان مهنية الاعلام الحزبي، بأنواعه كافة، متدنية بعض الشيء، لأن ما
يحكم هذا الاعلام هو الرسالة التي يؤديها وليس الضوابط المهنية، لذلك كثيرا
ما يتم خرق المهنية بسبب هيمنة الرسالة الحزبية التي يرغب في ابلاغها. ومن
هنا يظل اعلاما ضعيفا، على صعيد المضمون واللغة والشكل، ولا يعير كثير
اهتمام إلى اغراء القارئ او استقطابه، طالما هو ممول من قبل الحزب، او
الجهة التي ينطق باسمها. ورغم غياب رقابة رسمية على الاعلام العراقي بشكل
عام لكن «الانحيازات«، تلمس جلية فيه، اي أن ما يتحكم به هو الانحياز،
وظاهرة الانحياز يمكن رؤيتها في مجمل المنابر. يبرز الانحياز حتى في
الاعلام (المستقل)، ولكن من خلف الكواليس.
الانحياز حل محل الرقابة، وهي خطوة تعتبر متطورة على الرقابة أو وجود وزارة
إعلام مركزي تهيمن على الوسائل الاعلامية. والانحياز عادة ما يكون معاكسا
للمهنية، فكلما اقتربت الوسيلة الاعلامية من نقطة الانحياز ابتعدت عن
المهنية، المهنية المتمثلة بالحيادية في نقل المعلومة، والحرية في الوصول
إلى المعلومة، والتحليل الذي يبتعد عن الذاتية والارادوية في قراءة الظاهرة
او الحدث. واليوم ما هو سائد في العراق هو الإعلام الحزبي، كما ونوعا، اما
اعلام الدولة فيتمثل بشبكة الاعلام العراقية، وما لديها من وسائل اعلامية
أبرزها قناة العراقية الفضائية وجريدة الصباح اليومية، وهي حسب قانون
ادارتها شبكة ممولة من قبل الدولة، ويفترض ان تكون ناطقة باسم الدولة
العراقية، معبرة عن مختلف فئات الشعب.
ان استقلالية وسائل اعلام الدولة ينبغي ان تتمثل في اكثر من مفصل، منها
استقلالية الادارة، اي انها لا تتبع لهذا الحزب او ذاك، وتضع برنامجا له
علاقة بهموم الجماهير ومطالبها؛ وتتمثل ايضا بالمهنية التي ينبغي ان يكون
عليها العاملون، فلا تتحكم الأهواء الحزبية او الطائفية في اختيار الكفاءات
فيها، ونقد سلوك السلطة التنفيذية وتقويم ذلك السلوك. ورغم ان الرقابة في
شبكة الاعلام غير موجودة (رسميا)، لكن لا يمكن اغفال الانحياز، وهنا هو
الانحياز إلى السلطة الحاكمة، ومراكز القوى في الساحة السياسية. وقد لاحظنا
ايضا في السنوات السابقة انه كلما ابتعدت شبكة الاعلام عن الانحياز إلى
السلطة اقتربت من المصداقية على صعيد المعلومة، ونقل الحدث، ونقده،
والتحليل السياسي والصحافة الاستقصائية، مع الأخذ بعين الاعتبار ان قضية
الاستقلالية (المطلقة) عن تأثير مراكز القوى في الساحة شبه مستحيل، لا في
العراق فحسب بل في كل العالم تقريبا. استحالة الاستقلالية ينبغي ان لا يفهم
منها افساح المجال لاستحواذ السلطة على المنابر التابعة للشبكة، وهنا يأتي
دور هيئة الأمناء التي ينبغي ان تخلق حالة من التوازن او (التوفيق) بين
الانحياز الكامل الذي يصل إلى حد الاستحواذ وبين الاستقلالية المطلقة
البعيدة المنال. لكن هيئة امناء غير كفوءة وقادمة من فضاء المحاصصة،
والولاءات، يصعب عليها بالتأكيد ان تقوم بهذا الدور، وهذا ما هو عليه الأمر
حاضرا.
واشكالية التأثيرات الحكومية قد تكون أقل وطأة في حقل آخر من مؤسسات
الاعلام العراقي الرسمي، الا وهو هيئة الاعلام والاتصالات، فهي بحكم مهمتها
القانونية لا تمتلك منافذ اعلامية بل تنظم الاعلام، المرئي والمسموع،
وشبكات الانترنيت، وتمتلك مجلة متخصصة هي مجلة «تواصل« التي تعنى بالبحوث،
والدراسات حول الاعلام، وتكنولوجيا الاتصالات. اي أنها، من باب آخر، وسيلة
تثقيفية، وتنويرية، اكثر مما هي وسيلة اعلامية تتعامل مع الحدث اليومي
السياسي على وجه الخصوص. هيئة الاعلام والاتصالات مهمتها الرئيسية منح
(التراخيص) لوسائل الاعلام المرئية، ولشركات الموبايل والانترنيت والاذاعات،
ويتم منح التراخيص حسب ضوابط معينة لها علاقة بنمط الرسالة الاعلامية
للوسيلة المرخصة.
تلك الضوابط العالمية هي نقطة الالتقاء بين الاعلام وقنوات البث التي ينبغي
ان تستحصل على رخصة لمنحها الترددات التي تبث عليها في العراق. لعل اهم تلك
الضوابط هي حيادية الرسالة الاعلامية، وعدم تحريضها على العنف او الكره
الطائفي او القومي، وحرية الوصول إلى المعلومة وتوازن الرسالة الاعلامية
ومهنيتها، مع تشديد على حرية التعبير. وترصد الهيئة معظم القنوات التي
منحتها التراخيص لمعرفة مدى التزامها بتعهداتها المبرمة في عقود منح
الرخصة، وتمتلك لهذا الغرض، دائرة كاملة لرصد البث الفضائي. حين وجود
خروقات فاضحة تقوم الهيئة بتنبيه الوسيلة الاعلامية برسائل رسمية، ثم تتدرج
التنبيهات لتصل إلى التحذير، ثم الإغلاق اذا ما تم البت قضائيا بالأمر.
والهيئة ايضا تحاول ان تلتزم بالتوازن في اتخاذ قراراتها.
فهي من جانب تقر، وحسب مدوناتها، وضوابطها، بحرية التعبير، ومن جانب آخر لا
يمكنها التغاضي عن خروقات فاضحة لها علاقة بالتحريض، او التفرقة العنصرية،
او الطائفية، او مساندة الارهاب، خاصة وان الوضع العراقي القلق يمتلك
حساسية فائقة لهكذا خروقات. وفي أغلب الأحيان يتم الخلط لدى المواطنين بين
شبكة الاعلام العراقية، وهي شبكة (تنفيذية) ان صح التعبير، وبين هيئة
الاعلام والاتصالات، وهي هيئة مستقلة تنظم الاعلام العراقي المرئي والمسموع
بحسب ضوابط تخص المهنة. وما ينطبق على شبكة الاعلام ينطبق على هيئة الاعلام
والاتصالات من زاوية حياديتها، فكلما كانت الادارة محايدة في قراراتها،
وتقييماتها في التعامل مع وسائل الاعلام، صارت تمتلك المصداقية في عملها.
والمحايدة هنا تعني استقلالية الادارة، وتوازن العلاقة مع الحكومة ومؤسسات
الدولة، والاحتفاظ بالكفاءات، ووضع الكفاءة المناسبة في الموقع المناسب،
والابتعاد عن الانحياز بصفاته كلها. فقرارات الهيئة يفترض أن تأتي من تقييم
مهني، والتقييم المهني للوسيلة الاعلامية وخطابها يتطلب وجود مهنيين
محايدين في التقييم. خاصة وان الخارطة الاعلامية العراقية يهيمن عليها
تقريبا الاعلام الحزبي، المنحاز مسبقا إلى تأدية رسالة محددة.
وجزء من الارباكات الحاصلة في شبكة الاعلام العراقي، وهيئة الاعلام
والاتصالات، هذه الصورة غير الواضحة في تبعية هاتين المؤسستين، ان كان
لمجلس النواب كسلطة تشريعية، أم لمجلس رئاسة الوزراء كسلطة تنفيذية،
وصلاحيات تلكما المؤسستين في تعيين هيئة الأمناء والمدير التنفيذي، ومدى
القدرة على ترك مسافة لاستقلالية اتخاذ القرار دون تدخلات أو أجندات خلفية.
وكل ذلك جزء من الارباك الحاصل في ادارة الدولة عموما، سببها، أولا وأخيرا،
نظام المحاصصة القاتل للكفاءات. انماط الاعلام العراقي حتى وان كانت حزبية،
او منحازة للحكومة ولمراكز القوى في الخارطة السياسية، كسرت المركزية
السابقة، وخلقت تباينات في تغطية الحدث والتحليل. وكل هذا اوجد تعددية
نسبية في الأصوات. من هنا اصبح القارئ او المشاهد، او المستمع، يطل على
روايات بأوجه عديدة، يختبر فيها فراسته وذكاءه في الوصول إلى حقيقة ما يجري
حوله من متغيرات وأحداث. وذلك خطوة صغيرة في طريق الألف ميل نحو هدف الوصول
إلى فضاء الإعلام المهني الذي يعيشه العالم المتحضر.
المستقبل اللبنانية في
27/03/2011 |