طالب جمال سليمان، في حواره الثلاثاء 18 يناير/كانون الثاني مع
الجمهور عبر ناس
TV، الحكومات العربية باستيعاب درس تونس،
مؤكدًا أن رجل الشارع سيثور حتمًا عندما يصل إلى مرحلة من اليأس يشعر معها
بأنه لا يوجد شيء يخاف خسارته.
وأعرب الفنان السوري في السياق ذاته عن أنه يتمنى أن تطال يد العدالة
الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.
وسخر من سؤال وجَّهه إليه أحد الأعضاء عن مدى استعداده لاستضافة
الرئيس التونسي السابق لو كان رئيسًا للجمهورية. وقال: "سؤال افتراضي بعيد
التحقيق، لكن لو كنت رئيسًا لا أعتقد أن بن علي كان سيفكر في اللجوء إلي".
ووجه السائل إلى ضرورة التفرقة بين الحالتين الإنسانية والسياسية،
مشيرًا إلى أن دوافعه الإنسانية تجعله يفتح بيته لرجل مطارد لينجو من
القتل، لكنه إذا عرف أن هذا الرجل مجرم سيكون أول من يسلمه للعدالة.
وفرضت الأسئلة السياسية الساخنة نفسها على حوار جمال سليمان؛ فإلى
جانب موقفه من أحداث تونس، سأله مواطن كردي عن مشكلات الأكراد في سوريا،
وأجاب عليه الفنان السوري بحزم: "أنا لا أقبل المساس بوحدة التراب السوري،
لكن أتفهم أنكم تعانون من مشكلات تعاني منها طوائف أخرى".
وأضاف: "الأكراد منهم من تولى رئاسة الحكومة، ومنهم الوزراء؛ فلا توجد
مشكلة معكم".
ورفض الفنان السوري اتهام أحد الأعضاء سوريا بإهمال الجولان. وقال:
"خضنا حربًا من أجلها، وصراعنا مع إسرائيل معقد ومتصل بسببها أيضًا".
وعن انتماءاته السياسية، أكد انه لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، لكنه
ينتمي إلى الناس، ويؤمن بأهمية الديمقراطية.
ولهذا السبب أكد الفنان السوري أنه يكره الرئيس العراقي الراحل صدام
حسين؛ لديكتاتوريته، وحمَّله سوء الأوضاع التي تمر بها العراق حاليًّا.
وقال: "رغم ذلك، لا أمانع المشاركة في أي عمل يتحدث عن سيرته؛ لأن الفن
دوره تأريخي للأحداث".
ومن السياسة إلى الفن، خاض الفنان السوري في حوار بالكثير من القضايا
الفنية؛ حيث طالب ممثلات الخليج بالإقلال من عمليات التجميل. وقال:
"الأطباء المشهورون بهذه العمليات معدودون على الأصابع، ومن ثم فإن أسلوبهم
في عمليات التجميل متشابه؛ ما يجعل الممثلات يشبه بعضهن بعضًا، ويؤثر ذلك
في أدائهن".
وسخر من طول المسلسلات التركية، لكنه أكد أن سر تميزها أنها تلعب في
ملعب الرومانسية الغائب عن الدراما العربية. وقال ضاحكًا: "زوجتي تتابع
مسلسل "العشق الممنوع"، وكلما سألتها: هل اكتشف الزوج خيانة زوجته؟ تقول:
"لا"، رغم أن الخيانة بدأت في حلقات مبكرة جدًّا".
ليست مباراة ملاكمة
وتعجب الفنان السوري من أسئلة كثيرة تدور حول: مَن الأفضل؟ الدراما
السورية أم المصرية؟ وقال معاتبًا السائلين على اللهجة التي صيغت بها هذه
الأسئلة: "الدراما السورية والمصرية ليستا في مباراة ملاكمة حتى ننتظر من
يفوز بالضربة القاضية".
ووصف سليمان العلاقة بينهما بالتنافس الصحي الذي يصب في مصلحة
الطرفين، مضيفًا: "في مصر تطور الأداء الدرامي كثيرًا بعد تطور شقيقه
السوري. واليوم في سوريا هم قلقون من نجاح الدراما المصرية".
وأجاب الفنان السوري على أسئلة كثيرة وجهت إليه حول حديثه باللهجة
المصرية في حواراته التليفزيونية. وقال: "أنا سعيد بإجادة اللهجة المصرية،
كما أني سعيد بإجادتي اللهجة الفلسطينية".
وقال، في رده على اتهام وجِّه إليه بعدم الوقوف مع ابنة بلده أصالة في
أزمتها مع الملحن المصري حلمي بكر؛ حيث كشف عن صداقته المطربة السورية..
قال إن أزمتها مع الملحن المصري كان يمكن أن تقع فيها مطربة مصرية. وطلب
سليمان من السائل عدم إكساب مثل هذه الموضوعات الفنية أبعادًا وطنيةً.
وأضاف ساخرًا: "عمومًا، أنا كنت في حفل عشاء مع أصالة منذ يومين، ولم
تطلب متطوعين لخوض الحرب معها؛ فإذا كنت مستعدًّا لذلك فاتصل بها واطلب
منها ذلك".
"ذاكرة الجسد" للنخبة فقط
وأعرب سليمان عن سعادته بالاشتراك في المسلسل الجزائري "ذاكرة الجسد"،
رغم اعتراضه على طول حلقاته. وقال: "كان يمكن اختصارها في 15 حلقة".
ووصف الممثل السوري متابعي هذا المسلسل بـ"النخبة"، مشيرًا إلى أنه لم
يحقق نجاحًا بين الجماهير، لكنه حققها بين النخبة بصورة أكبر مما كان
يتخيل.
وتمنى سليمان المشاركة في فيلم سينمائي جزائري، وقال: "شرف لي أن
أشترك في فيلم جزائري؛ فالسينما الجزائرية لها تاريخ، ويكفي أنها الوحيدة
التي حصلت على السعفة الذهبية في مهرجان (كان)".
وردًّا على سؤالٍ عن تكرار أدوار الصعيدي في أعماله المصرية، لفت
سليمان الانتباه إلى أهمية تناول الموضوع، وقال: "كل الآداب والروايات
العالمية تدور حول 35 موضوعًا؛ فقصة "روميو وجوليت" لا تزال تكتب بأشكال
مختلفة.. المهم طريقة التناول".
الفنان ليس ملكًا للجمهور
وتطرق الحوار مع جمال سليمان إلى بعض الأمور الشخصية؛ حيث سأله أحد
الزوار عن المساحة التي يسمح بها للتدخل في حياته الشخصية.
وعاتب الممثل السوري بعض الصحفيين على حرصهم على إقحام حياة الفنان في
عملهم بنشر أخبارٍ كثيرٌ منها غير صحيح. ووجه نداءً إلى هؤلاء قائلاً:
"اتقوا الله، واحرصوا على الصدق؛ حتى تكون أرزاقكم حلالاً".
واستغل سليمان فتح هذه القضية ليستفيض في الحديث عن تدخل الجمهور في
حياته الشخصية. وأبدى في هذا السياق انزعاجه من مطالبة البعض إياه بالتقاط
صور أثناء خروجه إلى إحدى الحدائق مع نجله، أو مع زوجته في حفل عشاء في
الخارج.
وقال: "اخترت الشهرة، لكن ما ذنب زوجتي وابني؟! أليس من حقهما أن
يستمتعا بخروجي معهم كأي أب أو زوج؟!". ورفض في هذا الإطار استباحة البعض
مثل هذه التصرفات من منطلق مقولة "الفنان ملك الجمهور".
وقال: "نفسي أعرف من أطلق مثل هذه العبارة؛ فالفنان -كأي إنسان- ملك
لله".
وكان سليمان قد استقبل عشرات الأسئلة؛ حيث تحدث عن موقفه من الحب،
وقدوته الفنية، وأعماله القادمة، وكيفية دخوله الفن.
الـ
mbc.net في
19/01/2011
أول عمل عربي مشترك فى 90 حلقة
"بين الماضي والحب" فكرة برازيلية ارتدت العباءة العربية
عبدالله الحسن من الرياض
إنه العمل الذى رهب منه الكثيرون لطول حلقاته، واعتبره البعض الأخر
الحصان الأسود وراهن عليه، لكن الجميع أتفقوا على أنه يمثل نقلة واضحة في
تاريخ الدراما الخليجية والعربية.
الكويت: يعتبر "بين الماضي والحب" العمل الأول عربيًا الذي يصاغ بهذه
الطريقة، فتدور أحداثه فى 90 حلقة، لكن ما قد يكتب له النجاح والإستمرارية
أن الإثارة والتشويق هما عنوان هذا العمل، فهو سيجبر المشاهد على رؤيته
ويجعله ينتظر الحلقة تلو الأخرى، فالعمل يحاكى الأعمال التركية بطول
حلقاته، لكن الصبغة العربية تظهر فيه.
العمل يرفع راية لا لأعمال الفنان الواحد وأهلاً بالتعددية والمهنية،
فيحوى خلية كبيرة من الفنانين والفنانات الذين يعملون بجد لإنجاح هذه
الفكرة، وتحويلها إلى عمل واقعي ناجح يحمل توقيعهم جميعًا، فقائد هذه
الخلية ومحركها هو المخرج السوري، عارف الطويل، الذي خاف من النجربة التي
أعتبرها محفوفة بالمخاطر، لكن تشويق العمل قضى على هذه المخاوف، فهو كفيل
بأن يجعل المشاهد في حالة ترقب دائمة لأحداثه، الذي اعتبره بمثابة ملحمة
اجتماعية خليجية خط السطور الأولى فيها برازيلي ثم أكمل المشوار الكويتيتين
اوراد احمد والدكتورة خلود النجار، وألبسوا "بين الماضى والحب" الحلى
العربية.
وأكد الطويل أنه بخبرته كمخرج سيحاول دون حدوث تلك الغيرة بين
الفنانات فى هذا التجمع الفني الكبير، وأن رقابته نابعة من ذاته لأنه يعلم
جيدًا طبيعة هذا المجتمع ولن يقدم ما يخدش حياءه.
"بين الماضى والحب" عمل درامي طويل من 90 حلقة، تدور أحداثه حول فتاة
تأخذها أمها وتنزعها من جذورها وتعيش بها في لندن مبتعدة بذلك عن اسرتها
واسرة أبيها، وتبحث الفتاة "ليلى"عن أبيها وتحاول أن ترسم ملامحه في
خيالها، ثم تصاب أمها بمرض وتموت على اثره، وتبدأ الفتاة بعد ذلك رحلة
البحث عن أبيها وتكتشف أنها بذلك تبحث عن مجرم، فتنقسم مشاعرها بداخلها بين
هذا الحبيب المجرم الذي طالما حلمت بأن تعرفه وتقابله بعد سنين الفراق.
بطولة العمل للفنان جاسم النبهان الذي يؤدي دور رجل ثري ومع مرور
الأحداث يكشف المستور في حياته وعلى اثره تتغير الأحداث.
وتشاركه البطولة الفنانة شهد الياسين التي تقدم دور "ليلى" وتحاول في
العمل أن تبحث عن أبيها وتصر على الوصول له مهما كلف الأمر.
أما الفنانة ملاك تحاول إقناع جمهورها بدور الشر الذي تقدمه في العمل،
وتفرق بذلك بين ليلى وحبيبها وليد، وهي تستمر على منوال الشر طوال 89 حلقة
مما جعلها تقلق حيال رأي الجمهور وخوفها من كرههم لها في هذ الأدوار
الشريرة.
والحبيب وليد أو الفنان الشاب حمد العماني يرى تهديدًا في العمل يمنعه
من تكملة المشوار مع حبيبته ليلى، ويعتبر العماني من الذين ترددوا في قبول
العمل في البداية، لكن بعد قراءته للسيناريو سُعد بالتجربة، وأكد انه سيظهر
بلوك جديد في الشكل والمضمون.
وأكد بطل الملاكمة فى الكويت الفنان عبدالله الطليحي أن العنف سيكون
الميزة الرئيسية له في العمل، فهو رجل ثري يمارس سلطته على القريبين منه
خصوصا زوجته.
وأعربت نجمة ستار أكاديمى المغربية أمل العنبري عن سعادتها بهذا الدور
الذى تطل به على المشاهد في ثوب الهدوء والعفوية وتقابل به زوجها الذي
تعاني في حياتها معه.
وضم العمل بصمة سعودية عبرت عن نفسها وتركت توقيعها في هذا العمل وهو
مذيع قناة العربية السعودي سعود الخلف فيجسد دور شاب يمر بظروف مختلفة
وازمات فيعيش حالة مرضية مزمنة.
وتشارك بالعمل المذيعة المصرية سالي القاضي التي تساعد صديقتها ليلى
في كشف الأسرار وحل الألغاز، وتكون موظفة الإستقبال في الفندق بواقع عملها
على علم بالكثير منها وتمسك بخيوط العمل لكنها تحتفظ بها في نفسها وتؤدي
هذا الدور عارضة الازياء وفتاة الاعلان المعروفة هدى الجويني.
وتؤدي الفنانة أمل عباس دور الأم التي تحاول فعل الشيء الصح في الوقت
الخطأ فتقدم التنازلات، وتشاركها في العمل الممثلة القطرية نجوى محمد،
فتقدم دور فتاة ثرية تعيش قصة حب وتتاثر بما يدور من حولها وتتعرض لمواقف
في حياتها ولكن تستطيع التغلب عليها.
وعنصر مفاجأة العمل يكون تلك المرأة المسالمة الطيبة التي تنقلب
وتتحول وتؤدي هذا الدور النجمة البحرينية ابتسام محمد.
ويلعب الفنان باسم الأمير في هذا العمل الضخم دور الأب المتقاعس الذي
يتحدي الظروف حوله ويصل لهدفه.
ولعل من ابرز المستفيدين من طول حلقات العمل محمد الباسم الذى يعد
أصغر ممثل في العمل ويستغل إطلالته على المشاهد طوال الـ90 حلقة في ثراء
مشواره الفني.
وينسب هذا الإنتاج الضخم للـ"إم بي سي"، وأكد مدير ادارة الانتاج
مشاري الشمري أن التنسيق بين هذا الكم الكبير من الفنانين أمرًا هامًا حتى
ترسي مركبة هذا العمل إلى بر الأمان وهو قلب وذهن المشاهد العربي.
إيلاف في
19/01/2011
الاتجاه'المعاكس''آن'اوان'التغييروالدراما
لسورية والسينما
للمغرب... والثورة لتونس
ميساء آق بيق
أحب عندما يأتي المساء وأعود من عملي ورأسي مليء بالأخبار
السياسية أن أعطي نفسي استراحة موسيقية مع حفل لأم كلثوم على شاشة 'روتانا
زمان'.
فأعيش لحظات في الزمن الذي يحلو للبعض أن يسميه الزمن الجميل، لا أدري
لماذا
يسمونه الزمن الجميل، ربما لأنه لم يكن فيه انترنت وهواتف بلاك بيري تلاحق
الإنسان
إلى أي مكان يتجه إليه فلا تتركه لثانية واحدة من دون أن يفكر بالعمل
والناس، وربما
لأنه لم تكن هناك قنوات فضائية بل كانت قنوات أرضية قليلة تنهي
إرسالها في ساعة
معينة وتجبر المشاهدين على النوم بدلا من قضاء الليالي وعيونهم مفتوحة على
كل ما هب
ودب من مواد تتخمهم أحيانا بالسخافات، وأحيانا بمصائب الدنيا وكوارثها.
عندما
تغني أم كلثوم يروق لي أن أنظر إلى جمهورها الحاضر في المسرح، مصريون
يجلسون
بأناقة، يصفقون عند الحاجة ويهللون للنغمة الجميلة، المرأة تجلس إلى جانب
الرجل
مصانة وراقية وأكثر الحاضرات منهن حاسرات الرأس، يعني لم يكن
الجانب الديني في تلك
الأيام يحمل شكل مظهر معين، ربما كانوا يصلون ويصومون ويتعبدون لكنهم لا
يضايقون
بعضهم البعض ولا تخشى المرأة بينهم أن تتعرض للتحرش أو الانتقادات اللاذعة
أو
النظرات السيئة. كانت نسبة كبيرة من الطبقة الوسطى التي تعيش
تلك'الأيام وترتاد
المسارح تعيش متصالحة مع نفسها لا تعيث العقد النفسية فيها فسادا أخلاقيا
أو
اجتماعيا، ومع ذلك كانت مصر تعيش القومية العربية بأحلى صورها التي جعلتها
راية
خفاقة في قلوب العرب جميعا، وكانت تنبري للدفاع عن قضايا الأمة
بالقول والفعل،
رئيسها حمل يوما بسيارته على أكتاف الشعب السوري. وفي إحدى الحفلات امتلأ
المسرح
بالآيات القرآنية والعبارات التي كانت تدعو لمحاربة العدو والصبر والثقة في
النصر.
اليوم اختلف المشهد، تدثرت النسبة الكبرى من المصريين برداء التدين
الشديد لكن
المرأة لم تعد تجد الأمان في الشارع من المتحرشين والمنتقدين إذا لم تكن
محجبة، لم
يعد المسيحي والمسلم يتعايشان بنفس الأمان الذي كان يظللهما، ولم تنحسر
نسبة الغش
أو الكذب أو النفاق تبعا للتدين، أما فكرة الحرب.... انس.. حرب
من ضد من ولمن؟ أمة
عربية؟ أي أمة عربية؟ وحدة؟ وحدة من مع من؟ المرأة لم تعد كما كانت، ليست
شريكة
للرجل، بل إما ظالمة أو مظلومة. لماذا أختار هنا النموذج المصري لأتحدث
عنه؟ لأسباب
كثيرة، أولها أنها ستبقى أكبر دولة عربية بجميع المقاييس،
ثانيها أن الفن كان دائما
ينطلق من أرضها، وعاشقو الفن ومحبوه ومريدوه كانوا على مرأى ومسمع من بقية
الأمة
العربية التي كانت تشتهي حياتهم والنموذج الذي يقدمونه من خلال فنهم
وصحافتهم
وأدبهم وشعرهم وحتى سياستهم، فما الذي حصل؟ وكيف انقلبت
أحوالهم حتى صار الإعلام
والغناء في لبنان، والدراما في سوريا والسينما في المغرب والجزائر والثورة
في
تونس؟
الاتجاه المعاكس
قد تمنعني أصول زمالة العمل الإعلامي من إبداء
رأيي الواضح ببرنامج تلفزيوني، ولكني أود أن أناقش فكرة
استضافة شخصين على النقيض
تماما من بعضهما البعض، في برنامج تلفزيوني مليء بالمشاحنات والمشاجرات
والصراخ
والعويل. كثيرا ما يكون أحد الضيوف شخص لم يسمع باسمه أحد من قبل لكن وجوده
يخدم
فكرة الشجار المطلوب ليكتمل البرنامج. عندما نبحث عن الفائدة
أو الجدوى من أي نقاش
نعلم أن من أهم مبادئ الحوار هو وجود أرضية مشتركة بين الاثنين يمكن أن
تؤدي إلى
نتيجة مفيدة تُبنى عليها فكرة إيجابية، فعلى سبيل المثال إذا جمعت شخصين
أحدهما
شديد التدين والآخر ملحد بشكل كامل لا يمكن أن تزرع بذرة نقاش
بينهما لأن المبدأ
الأساسي للدخول في حوار غير موجود، وبالتالي سيتحول الأمر إلى استفزاز
متواصل يعطي
انطباعا بأن أحدهما على وشك قتل الآخر. برأيي الشخصي أن الهدف الأول من
تحضير
برنامج حواري يجب أن يكون تعميم فائدة على المشاهد أو المستمع،
وما يحدث عندما يدور
نقاش مدته تقارب الساعة من الزمن يبدو أقرب إلى حوار الطرشان، فلا هذا يريد
أن يسمع
ذاك، ولا ذاك يريد أن يصغي إلى هذا، أن يخرج المشاهد بصداع ودوران في الرأس
لا
يدري'هل يؤيد الأول أم الثاني، هذا إذا لم يكن منذ البداية قد
عزم أمره وانتهى.
عندما بدأ بث برنامج الاتجاه المعاكس كانت الفكرة العامة تدور حول أننا نحن
العرب
لم نتعلم أصول الحوار واحترام الرأي الآخر، وأننا بطبعنا نميل
للديكتاتورية عندما
يتعلق الأمر بآرائنا، فجاءت فكرة البرنامج ناقدة للحوارات العربية
وأساليبها، لكني
أعتقد أن أشياء كثيرة تغيرت منذ ذلك اليوم إلى الحاضر، فقد اتسعت شريحة
الناس التي
تحترم حق الآخر في التعبير بحرية عما يجول في خاطره خصوصا إذا
كان لديه برهان مقنع
عما يقوله، هذا على الرغم من أن أغلبنا نحن العرب وبالتحديد المشرقيين
عاطفيون
كثيرا، نثور بسرعة ونهدأ بسرعة. المشكلة أننا نعرف منذ بداية بث إعلان حلقة
البرنامج أي منحى سيأخذ وفقا لترتيب الجمل التي يكتبها معد
البرنامج، والنقطة التي
أود أن أصل إليها هي أنه ليس خطأ أن يتوقف برنامج ما عند'مرحلة معينة يكون
حقق فيها
هدفه، ليبدأ البحث عن فكرة جديدة أخرى، فمتى سيحين هذا
الوقت؟
تونس
يكاد المرء لا يصدق عينيه وأذنيه عندما يرى المسؤولين
التونسيين الجدد يملأون شاشات المحطات الإخبارية بالمقابلات والتصريحات
والإعلانات
عن الخسائر في الأرواح والأموال بشكل هادئ وشفاف وواضح. لو أن
أحدا قال منذ فترة أن
هذا البلد ذا العشرة ملايين نسمة الذي لا يعيش على أرضه مراسل إخباري
تلفزيوني واحد
سيمتلئ بالصحافيين والكاميرات ووحدات النقل المباشر على الهواء لم يكن
ليصدقه أحد،
بل كان سيتحول إلى مادة للتندر والسخرية. هكذا انقلب الحال في تونس التي
كانت مغلقة
إلا على أخبار الرياضة والسياحة إلى بلد عالمي، ويتحول
البوعزيزي الشاب المطحون
المقهور إلى نموذج يحتذى فيقلده عدة أشخاص في الدول العربية ويحرقون أنفسهم
على أمل
أن يكونوا وقودا للتغيير في بلادهم كما كان البوعزيزي وقودا لثورة سطرها
التاريخ
بإصرار التونسيين وعزيمتهم وعنادهم ودمائهم وصبرهم ويقظتهم،
هكذا أصبحت تونس تملأ
الدنيا وتشغل الناس في الشرق والغرب، لم يستطع جهاز إعلامي واحد مرئي أو
مسموع أو
مقروء بجميع لغات العالم أن يتجاهل ما حدث هناك. تونس حركت المياه الراكدة،
وحولت
أمة لا يهتم لأمرها أحد إلا بما تنتجه من نفط وتنفقه من أموال
في دول السياحة
الغربية إلى أمة لديها إرادة، شعبها يحقق ما حققته دول أوروبا الشرقية
السابقة التي
تسير على دروب التقدم والنمو والانضمام إلى اتحاد الرجل الغني، الاتحاد
الأوروبي.
تلك الثورات التي حطمت جدار برلين لا بد أنها ستتحقق في بلاد عربية وتحطم
جدر الجهل
والتخلف والاستسلام والتخاذل الذي يعيشه العرب. حتى لو لم يتحقق الأمر خلال
سنة أو
اثنتين، لكن الفتية اليافعين الذين فتحوا حدقات أعينهم على ما نقلته شاشات
التلفزة
في ثورة تونس سيعرفون ويكونون متأكدين بأنهم إذا اجتمعوا ضد الطغيان
سيسقطوه. تونس
سطرت درسا عظيما في التاريخ لن يمحى حتى لو لم تتحقق الصورة
التي نتمناها بشكل كامل
بسرعة، فالثورات تأخذ مراحلها الانتقالية قبل أن تتبلور نتيجتها. لن يضيع
الثمن
الذي دفعه أهل تونس عندما تقول إحداهن بكل صراحة: 'أريد أن أشد الرحال إلى
هناك، هل
يعرف أحد كيف أحصل على جنسيتها؟' لم تعد أمريكا فقط أرض الأحلام، هناك في
شمال
أفريقيا، على البحر المتوسط قطعة من الجنة أقرب إلينا من
أمريكا.
إعلامية وكاتبة
سورية
القدس العربي في
19/01/2011 |