لا ترى وفاء عامر أن عليها في المرحلة الفنية التي تعيشها حالياً
الوجود لمجرد الوجود، ولذلك مهما طال غيابها فإنها تنتظر، حسب تعبيرها،
“مغامرة فنية” تعود بها للشاشة، ولذلك فهي تعتبر نفسها محظوظة لعثورها
أخيراً على مغامرتين، الأولى سينمائية من خلال فيلم “كف القمر” والثانية
تلفزيونية من خلال تجسيد السيرة الذاتية للفنانة “تحية كاريوكا” . وفاء
تحدثت معنا عن العملين ولماذا تعتبرهما مغامرتين، وتكشف حقيقة ما تردد عن
عودتها للعمل مع خالد يوسف، والخلاف الذي وقع بينها وبين نادية الجندي،
وترشيح فيفي عبده قبلها لتحية كاريوكا، وخلافات الورثة حول هذا العمل،
وموقفها من تأجيل مسلسل “الدالي” .
·
منذ أن شاركت في فيلم “حين
ميسرة” قبل ثلاث سنوات وأنت غائبة عن السينما، ما السبب؟
لأنني لست في حاجة الآن إلى التواجد لمجرد أن يقال إن وفاء عامر لها
فيلم في دور العرض، فقد تخطيت تلك المرحلة، والآن لا أتواجد إلا إذا شعرت
بأن هناك دورا يجعلني أترك بيتي وابني وأنزل إلى الاستوديو، ولذلك مهما طال
الغياب لا يهمني لأنني أبحث فقط عن أدوار تضيف لرصيدي فأنا لا أعمل من أجل
الفلوس ولا توجد عندي ضغوط مادية تجعلني أقبل أي أعمال، لكن عندما أجد عملا
يقنعني لا أتردد لحظة في قبوله وهو ما حدث عنما رشحني المخرج خالد يوسف
لدور مهم في فيلمه الجديد “كف القمر” .
·
أليس غريبا أن تكون عودتك
السابقة في “حين ميسرة” من خلال خالد يوسف وعودتك الآن في “كف القمر” من
خلاله أيضا، وكأنك لن تعملي في السينما إلا من خلال أفلامه؟
لا أرى غرابة في ذلك، لكن خالد يوسف يراني كممثلة أكثر بينما يراني
غيره من المخرجين نجمة إغراء ولا أعرف لماذا التصق بي هذا التصنيف مع أنني
لا أعتبر نفسي قد قدمت الإغراء إلا في أعمال قليلة جدا، ربما كان أبرزها
فيلم “الواد محروس” مع عادل إمام، لكنني في المقابل قدمت أدواراً أخرى مهمة
لم يكن بها أي إغراء، ورغم ذلك ما زال العديد من المخرجين في السينما
يصنفونني كنجمة إغراء بينما خالد يوسف قدمني في “حين ميسرة” كممثلة فقط
ونجحت معه بشكل فاق توقعاتي ومرة أخرى يقدمني في دور يعتمد تماماً على
التمثيل من خلال فيلم “كف القمر”، وأنا سعيدة بالعمل مع مخرج موهوب ومتميز
مثله .
·
هل يعني كلامك هذا أن ما تردد عن
وجود مشاهد ساخنة لك في فيلم “كف القمر” غير صحيح؟
لا أعرف كيف يدعي البعض معرفته بتفاصيل فيلم لم يعرض بعد خاصة إذا كنا
كفريق عمل لم نتحدث أبدا عن أي تفاصيل، وما أؤكده لكم أنني لا أقدم أي
مشاهد أخجل منها ولا يمكن أن أعود لتلك المنطقة مرة أخرى وخالد يوسف، كما
قلت يراني كممثلة وليس كنجمة إغراء .
·
لماذا تصفين دورك في فيلم “كف
القمر” بأنه مغامرة فنية؟
لأنه دور لم يسبق أن قدمته ويحمل مفاجأة حيث أظهر من خلاله في مرحلة
عمرية متقدمة، وهو ما تخشاه معظم الفنانات، لكنني رحبت به واعتبرته تحديا
ومغامرة أتمنى أن أنجح فيها . ورغم حالة الرعب التي تسيطر عليّ من الدور،
فإن ما يطمئنني هو وجودي مع مخرج يعرف جيدا ماذا يفعل وكيف يخرج أفضل ما
عند الممثل من قدرات . بالفعل أشعر بأن هذا الدور جعلني أمثل بشكل لم أفعله
من قبل بل وأخرج مني طاقات لم أكن أشعر بها في نفسي .
·
ستكونين أماً لخالد صالح في
الفيلم فكيف سيصدقك الجمهور في هذا الدور؟
ليس خالد صالح فقط لكنني ألعب دور الأم لخمسة أبناء هو أحدهم، لكن
الدور نفسه يمر بأكثر من مرحلة عمرية فأنا أبدأ مشاهدي في عمر الخامسة
والثلاثين وأنهيها في عمر السبعين، وهذه هي المرحلة الأصعب والتي أعتمد
فيها على الأداء والماكياج ليصدقني الجمهور .
·
وجودك في هذا الفيلم إلى جوار
غادة عبدالرازق وجومانا مراد ألا يثير الغيرة والخلافات خاصة على ترتيب
الأسماء؟
لا توجد أي خلافات أو غيرة فكل منا اجتهدت في دورها، وفي “حين ميسرة”
عملت مع سمية الخشاب وكانت غادة عبدالرازق أيضا ضيفة شرف ولم تحدث أي
خلافات بيننا، فأنا أحب أعمال البطولة الجماعية وأراها أفضل من الأفلام
التي تعتمد على نجم أو نجمة واحدة .
·
كلامك الدائم عن رفضك للإغراء هل
يعني أنه لا تزال عروض من هذه النوعية من الأدوار تأتيك؟
بالتأكيد تلك النوعية من الأدوار لم تعد تعرض عليّ الآن كما كان في
الماضي، لأن معظم المخرجين والمنتجين الآن أصبحوا يعلمون موقفي من تلك
الأدوار فقد ودعتها تماما ورفضت محاولات البعض أن يحصروني فيها حتى أني
جلست في بيتي فترة طويلة من دون عمل لأثبت موقفي الرافض لتلك الأدوار.
·
هل موقفك الرافض لتلك الأدوار هو
سبب انطلاق شائعات اعتزالك وحجابك كل فترة؟
لا أعرف لكنني لم أفكر في الاعتزال ولم أصرح به أبدا وربما ربط البعض
بالفعل بين موقفي من الإغراء وبين فكرة الاعتزال والحجاب، ورغم أنني لا
أفكر في الحجاب لكنه أمر قد يحدث في وقت لا أعرفه ومن دون أن أخطط له،
فمعظم الفنانات المحجبات لم يفكرن في الحجاب ويخططن له وإنما حدث في وقته
المناسب بالنسبة لهن .
·
تصفين تجربتك في فيلم “كف القمر”
بالمغامرة فهل تعتبرين مسلسلك القادم عن تحية كاريوكا مغامرة أيضاً؟
كل أعمال السيرة الذاتية بها نسبة مغامرة كبيرة، بل وتزيد إذا كان
العمل يقدم شخصية قريبة من الناس، وتحية كاريوكا فنانة لا يمكن أن ينساها
الجمهور، ولهذا فتقديمها على الشاشة ليس مهمة سهلة، لكنني كما قلت أحب
المغامرات والتحديات الفنية وبدأت الاستعداد للشخصية جيدا على كل
المستويات، فقد قرأت عنها الكثير وشاهدت أعمالا عديدة لها وبدأت أحدد
الملامح الشكلية التي سأظهر بها وأقترب على قدر الإمكان منها كما اخترت
الملابس المناسبة للدور .
·
بمناسبة الحديث عن الملابس هل
صحيح أنك رفضت ارتداء بدل رقص في المسلسل رغم أنه معروف أن كاريوكا راقصة؟
المسلسل يعرض في رمضان وبالتالي لابد أن نراعي حرمة الشهر الكريم ولا
يوجد احتياج لارتداء بدل رقص، لأننا لا نركز على الراقصة بقدر ما نركز على
كاريوكا الإنسانة والممثلة الكبيرة فنحن نسلط الضوء على أهم مراحل حياتها
وسجنها ومواقفها السياسية والظروف والجوانب الإنسانية وأعمالها الخيرية
بجانب تعدد الأزواج في حياتها، وستدور أحداث المسلسل ما بين لبنان ولندن
وباريس .
·
ما موقفك من اعتراضات ورثة تحية
كاريوكا على العمل؟
ليست لي علاقة بهذه الاعتراضات لأنها أمر يخص الورثة مع منتج العمل،
أما أنا فأركز على دوري فقط حتى يخرج في أفضل شكل .
·
هل حدثت خلافات بينك وبين
النجمات اللائي كن مرشحات للدور مثل فيفي عبده ونادية الجندي؟
كل ما أعرفه أن جاءني الدور وأعجبني وقبلته ولا أعرف شيئا عما إذا
كانت هناك فنانات أخريات مرشحات لنفس المسلسل أو لتقديم قصة حياة تحية
كاريوكا في أعمال أخرى، وما كتب عن صراعي مع فنانات أخريات على هذا المسلسل
غير صحيح، ثم إن فيفي عبده لديها مسلسل آخر في رمضان، آما نادية الجندي فلم
أسمع من قبل أنها كانت مرشحة لتحية كاريوكا .
·
وما سبب خلافك مع نادية الجندي؟
هذا أيضا أمر مثير للدهشة، ولا أعرف ما الذي يجعلها تهاجمني هل لأنني
قدمت شخصية “الملكة نازلي” قبلها ونجحت فيها، لكني لا أفكر أبدا في الدخول
في مقارنة معها لأن هناك فارقا كبيرا في السن بيننا .
·
هل ضايقك تأجيل عرض الجزء الثالث
من “الدالي”؟
لم أتضايق لأنني أعرف أن الجمهور متلهف على مشاهدة العمل في أي وقت
يعرض فيه، والتأجيل حسابات إنتاجية في النهاية وليس من حق أحد حسمها سوى
المنتج، لكن دوري في الجزء الثالث يشهد تطورات مهمة وأنا مثل الجمهور
متلهفة على مشاهدة العمل قريباً .
الخليج الإماراتية في
11/01/2011
محمود مسلم رئيس تحرير «الحياة
اليوم»:
برامج «التوك شو» ساهمت في الحراك السياسي
والاجتماعي وتعددها لصالح
المشاهد
بقلم: منى عزت
أكد محمود مسلم رئيس تحرير برنامج «الحياة اليوم»،
علي قناة «الحياة» الفضائية أن تعدد برامج " التوك شو" هو لصالح المشاهد،
وأن الفضائيات ساهمت في الحراك السياسي والاجتماعي ، وكانت بديلا عن
الأحزاب و مجلس الشعب، لكنه توقع تضييق هامش الحرية الذي تتحرك فيه
الفضائيات خلال المرحلة القادمة ، تحدثنا مع «مسلم» عن «الحياة اليوم» وما
يمزه عن غيره من برامج التوك شو، وكيف يري دور هذه البرامج، وما أضافته
للمشاهد.
·
هل توجد سياسة
تحريرية مكتوبة للقناة ؟
-
توجد سياسة تحريرية مكتوبة، وتم مناقشتها، واقرها مجلس الإدارة منذ تأسيس
القناة.
·
ما أهم الأسس
والمباديء التي استندت عليها هذه الوثيقة؟
-
الانحياز إلي الحقيقة،
وعدم تأثير رأس المال علي محتوي ومضمون
البرامج،فعلي
سبيل المثال رئيس مجلس الإدارة "السيد البدوي" لا يظهر مطلقا في برامج
القناة، البعد عن الإثارة، والعري،عدم نشر أي مواد إعلامية تهدد الوحدة
الوطنية، والأمن القومي المصري، الالتزام بالحياد، والموضوعية، والمهنية،
فالقناة ليست لسان حال أي قوي سياسية، ومقدمو البرامج ليسوا زعماء سياسيين.
·
ما الأسباب
وراء تحول بعض مقدمي البرامج إلي زعماء سياسيين؟ و قيامهم بالتحدث باسم
الشارع المصري؟
-
للأسف يحدث ذلك، وسببه
نقص الخبرة المهنية،واستغلال حالة الفراغ السياسي، ويري بعض مقدمي البرامج
أن هذه الطريقة سهلة في الوصول إلي المشاهدين، ويظهر هذا الأداء في البرامج
السياسية،فيعتقد بعض مقدمي البرامج أن الهجوم علي الحكومة سوف يزيد من
شعبيته لدي المشاهدين
·
اغلب برامج "
التوك شو" تركز علي السلبيات، دون الحديث عن الإيجابيات في المجتمع؟
-
ليس صحيحاً، بدليل اهتمام
قناة
الحياة بانجازات الحكومة في
مجالات مختلفة، فعلي سبيل المثال توجه فريق العمل إلي الصعيد، وأعد فقرة عن
طريق أسيوط - البحر الأحمر، وسوهاج -البحر الأحمر، ومعيار الاختيار للقضايا
والموضوعات التي تقدم في القناة هو الاستجابة لاحتياجات واهتمام المشاهدين،
وما نسأل عنه هو أسلوب المعالجة، وهل تم عرض كل وجهات النظر أم لا؟
·
تقدم برامج "
التوك شو" جرعة مكثفة من السلبيات، قد تصيب المشاهدين بالإحباط؟
-هذا غير صحيح فبرامج "التوك شو"
أعلي مشاهدة من الفضائيات العربية، وهذا مثبت في الأبحاث والدراسات التي
تقيس نسب المشاهدة للبرامج، منها تقارير مركز المعلومات بمجلس الوزراء، و
استطلاع رأي أعدته المصري اليوم ، كما اعد الحزب الوطني دراسة كشفت عن أن
القنوات المصرية أعلي مشاهدة من القنوات العربية.
·
هل توجد خطة
عمل للبرامج محددة بفترة زمنية ؟
-
ليس لدينا خطة عمل وفقا
لفترة زمنية ، لان
لدينا برامج محددة، ولكن ما يتم
تغييره هو الفقرات التي تتناولها البرامج، ونختار لقضايا بشكل يومي، وفقا
لأولويات الأحداث التي تهم المشاهد وفقا لأسس مهنية، وتتم مراجعات لما يقدم
بشكل دائم، فمثلا تم التراجع عن ظهور الفتيات الصغيرات اللائي تعرضن
للاغتصاب، ونضع علامات سوداء علي وجوههن.
·
ما المعايير
التي علي أساسها يتم اختيار أولويات القضايا ؟
-
لا توجد معايير محددة ،
ويعتمد علي الحس الصحفي والمهني، فمثلا لا يختلف أحد علي أن قضية هشام طلعت
مصطفي لا يمكن إغفالها.
·
قإذن فالمعايير
هنا نسبية وانتقائية؟
-
لا.. فحجم الإعلان مرتبط
بنسب المشاهدة ، وتقوم بقياسه شركات أجنبية متخصصة في مجال الإعلان تستخدم
منهجاً علميا، تستعين بها الشركات لمعرفة البرامج ومؤسسات الإعلام
المختلفة التي يمكن الاستعانة بها للترويج لمنتجاتها.
·
هل يوجد تقسيم
عمل واضح بين فريق الإعداد و مقدمي
البرنامج؟
-
لا يوجد خطوط فاصلة،
وهناك تكامل ، وكل طرف يضيف للآخر.
·
نلاحظ أن بعض مقدمي البرامج يعتمدون بدرجة كبيرة علي
الأوراق التي أمامهم، وفي الأغلب هي المادة التي أعدها فريق الإعداد؟
-
اعتقد أن التزام مقدم
البرنامج بما تم الاتفاق عليه مع فريق الإعداد أمر ايجابي، ولا يجعل المقدم
يلجأ إلي عرض أرائه الشخصية.
·
علي أي أساس
يتم اختيار الضيوف ومحاور النقاش ؟
-
أهل الخبرة، والمتخصصون
في القضية المثارة في البرنامج، ونحرص علي دعوة كل وجهات النظر.
·
ما يحدث هو
تكرار الضيوف في جميع البرامج بمختلف القنوات الفضائية ؟
-
يحدث أحيانا استسهال من
فريق الإعداد، لذلك نحرص في قناة الحياة علي اختيار فريق الإعداد، وتنظيم
دورات تدريبية لهم، وأيضا المراسلين، وتشمل برامج التدريب " اللغة العربية
- التقنيات الفنية - كيفية الوصول للخبر وصياغته".
·
يذاع عدد من برامج " التوك شو"
في
نفس الفترات الزمنية مساء، وتتناول في الأغلب
نفس الموضوعات، هل يؤدي ذلك إلي تشتيت المشاهدين، أم إلي زيادة المنافسة ؟
-
تعدد يسهم البرامج في زيادة المنافسة ، لصالح المشاهد، فسوف
تزداد فرصته في الاختيار، والمشاهد قادر علي أن يحدد البرنامج الذي يقدم
الحقيقة
·
ما نقاط
التميز بين برامج التوك شو؟
-
يوجد نقاط تميز في محتوي
البرامج، وطرق المعالجة، وأيضا هناك تنوع في شكل البرامج، ويوجد برامج
تستعين بمذيع، وأخري بمذيع ومذيعة، واستمرار ونجاح هذه البرامج يؤكد أننا
نسير في الاتجاه الصحيح.
·
هل ساهمت
الفضائيات في حالة الحراك السياسي والاجتماعي التي يشهدها المجتمع ؟
-
الفضائيات ليست جهات
للتنفيس أو الصراخ، ساهمت الفضائيات المصرية في الحراك السياسي، وكانت في
بعض الأحيان بديلاً عن الأحزاب السياسية، ومجلس الشعب، فكثير من الموضوعات
والمشاكل التي طرحت في برامج " التوك
شو"، وصل أصحابها إلي حلول.
جريدة القاهرة في
11/01/2011
هل قالت الدراما التليفزيونية
كلمتها في مسألة الفتنة الطائفية؟
بقلم: سمير الجمل
إذا لم تتحدث أعمالنا الدرامية بأشكالها الأدبية
والفنية عن قضايا الوطن الملتهبة.. فعن ماذا تتكلم؟.. هل تعدد الزوجات
وتعدد الأزواج.. وحكايات المخدرات والفساد.. لها الأولوية علي إشكالية
أساسية مثل الفتنة إذا لم تتحدث أعمالنا الدرامية بأشكالها الأدبية والفنية
عن قضايا الوطن الملتهبة.. فعن ماذا تتكلم؟.. هل تعدد الزوجات وتعدد
الأزواج.. وحكايات المخدرات والفساد.. لها الأولوية علي إشكالية أساسية مثل
الفتنة الطائفية؟..
وهل المشاهد الدعائية التي يتعانق فيها الشيخ مع
القسيس كافية؟.. أم أنها الآن قد أصبحت نكتة مستهلكة مع مصطلحات مثل «عنصري
الأمة» و«النسيج الواحد».. و«عاش الهلال مع الصليب».. إلي آخره كانت
السينما ترصد صورة الوطن كاملة بكل ما فيها.. وأدخلتنا هند رستم إلي الدير
مع شفيقة القبطية وأخذنا عبدالحليم
حافظ علي ضفاف حنجرته إلي المسيح عليه السلام بكلمات الأبنودي.. وطاف
بنا المبدع الكبير بهاء طاهر أجواء الصعيد الجواني مع خالتي صفية والدير..
التي رأيناها تليفزيونيًا بتوقيع الكاتبة يسر السيوي مع المخرج القدير
إسماعيل عبدالحافظ.. ثم جسدتها صابرين مسرحيًا بنجاح صامت.
الشهد والدموع
وكان روائي التليفزيون الأول أسامة أنور عكاشة
سباقًا عندما رسم لنا صور أم مكرم في الشهد والدموع في لوحات شديدة الدفء
الإنساني كانت تعكس بحق روح مصر البديعة المحبة المحترمة لكل عقيدة.. ثم
أعقبها في ليالي الحلمية بشخصية «كرم خلة» ذلك المناضل الوطني والبطل
الهمام.. والملفت أن أسامة عندما رسم هذه الشخصية لم تكن هناك تلك النعرة
المستفزة بصوتها المنفر.. بين هؤلاء وهؤلاء.. لقد كتبها بوعي وبصدق وهو
ينظر إلي الوطن كله.
لقد سألت في لحظة ما جري لكنيسة القديسين
بالإسكندرية ماذا لو شطبنا من مصر.. نوابغها
وأكابرها مكرم عبيد وبطرس غالي العم وابن الأخ.. ومجدي يعقوب وموسي صبري
وفؤاد عزيز غالي وسعيد سنبل وبهاء طاهر ومفيد فوزي وهاني رمزي ولطفي لبيب
ورمسيس وإبراهيم نصر ولويس جريس وسناء جميل وساويرس.. وطابورًا طويلاً من
أنوار الوطن.. ماذا سيكون الحال؟.. ألا يخصم هذا من رصيد مصر كلها في
السياسة والفن والأدب والاقتصاد.
الشريعة الإسلامية
لقد قلت لأحدهم ذات مرة هل تعرف أن كاتبًا مسيحيًا
كبيرًا هو كرم النجار كتب مسلسلاً كاملاً عن النبي محمد- صلي الله عليه
وسلم- وبموافقة الأزهر الشريف في عام 1968 وأصر الراحل القدير عبدالله غيث
والمخرج أحمد طنطاوي علي سيناريو النجار رغم اعتراضات كثيرة.
واندهش صديقي هذا أكثر
وأنا أخبره بأن كرم في دراسته للحقوق كان قد احتل المركز الأول علي الأقباط
والمسلمين في مادة الشريعة الإسلامية.
وسألت صديقي هل لاحظت القيم الأخلاقية النبيلة
التي
يرصدها الكاتب مجدي صابر في أعماله..؟
وأجابني مندهشًا: وفيها إيه إنه صاحب قلم يمتلك
الضمير اليقظ وسألته مرة أخري:
هل تعرف ديانته؟.. وأجاب بأنه لا يعرف ولما أخبرته
بأنه مسيحي قال لي بأن القيم الأخلاقية واحدة في الديانات السماوية الثلاث:
«لا تسرق لا تزني لا تقتل لا تكذب...» إلي آخر الوصايا العشر.. التي تشكل
صميم الدين.
والعجيب أننا مع زيادة أعداد المسلسلات وما يتم
الإنفاق عليها.. لا نجد جهة حكومية أو خاصة تحتضن بعض الأعمال الجادة التي
تمضي في هذا الاتجاه لأن الأمور الإنتاجية تتم بأساليب عشوائية.. ستجدهم في
كل عام سواء في قطاع الإنتاج أو صوت القاهرة أو مدينة الإنتاج الإعلامي
يعتمدون خطة يقدمونها إلي أولي الأمر في ماسبيرو من باب العلم بالشيء
وتسديد الخانة.
المنتج الخاص
وإذا كنا لا نلوم المنتج الخاص الذي يسعي إلي
الربح فإننا نسأل وما دور الجهات الحكومية والدراما
تستطيع
أن تلعب دورًا هائلاً في تغيير الكثير من سلوكيات المجتمع.. كما تسببت
أيضًا في نشر الكثير من المفاسد ومنها التدخين والإدمان والشذوذ والانفلات
تحت شعار الحرية.. وحتي أكون منصفًا لا أتهم الأفلام والمسلسلات الهابطة
فقط.. بل إنها مجموعة عوامل شاركت في هذا.. الفن علي رأسها لأنه الأكثر
تأثيرًا وانظر إلي أغاني هذه الأيام ماذا تقول وكيف؟.. لكن ما حدث أننا مع
كل فجيعة جديدة تحدث وتشعل لهيب الاحتقان الأحمق بين مسلمي وأقباط مصر..
ينصب الإعلام تلك السوق الدعائية الفجة عن جناحي الأمة.. ثم إذا هدأت
الأمور عادت عاصفة الهمس الفني تطغي علي المكان كله.
نعم هناك محاولات جرت في ساحة الفن السينمائي في
هذا الإطار لكنها لم تتوغل في عمق الأزمة.
حسن ومرقص
باستثناء «حسن ومرقص» لعادل إمام وهو عمل توفرت له
كل الإمكانيات من نص جيد وتمثيل علي أعلي مستوي وإخراج متميز.. والأجمل أن
يتم معالجة هذا الموضوع الحساس في إطار ساخر بضمان عادل إمام.. فإذا
بالرسالة تصل لكن هذا الفيلم وحده لا يكفي..
واذكرني مؤتمر صحفي أقامه اتحاد المنتجين العرب
وهو يعلق عن مشروع كتابتي للمسلسل التليفزيوني محمد- صلي الله عليه وسلم-
وعندما سمع بأن بطلة العمل راهبة مسيحية تترك الدير لكي تؤلف كتابًا عن
النبي الكريم بعد هجمة الرسوم الدنماركية الوقحة.. عندها سألني هامسًا: وهل
الراهبة سوف تشهر إسلامها فيما بعد؟!.. ورغم أنني لم أكن قد بدأت كتابة
الحلقات لكني أجبته في ثقة وبدون تردد: لا.. لن تعلن إسلامها؟.. ويبدو أن
دهشة صديقي هذا زادت.. لكنه بعد عدة أيام جاء إلي لكي يؤيد وجهة نظري..
فليس المهم ديانتها فالمهم فعلها.. أهي أفضل أم ذلك المسلم الذي يسيء إلي
الإسلام ويضره؟.. أو هذا المحسوب علي الإسلام زورًا وبهتانًا مثل «سليمان
رشدي» الذي تحول إلي كاتب عالمي مرموق بعد كتاباته
السافلة ضد الإسلام بل ضد الأديان كلها وكنت أنا شخصيًا قد سألت نفسي
قل الشروع في كتابة المسلسل ما الجديد؟ ما المطلوب؟ ما الأسلوب الأمثل ليصل
العمل إلي الآخر خارج حدودنا الذي لا يفهم هذا الدين ويتطاول عليه بحجة
حرية التعبير.. وعندما أقول كلمة الدين أعنيها فهو لا يفرق في ذلك بين
الإسلام والمسيحية حيث وجدنا بعضهم في الغرب يصور المسيح عليه السلام
شاذًا.. ومريم البتول زانية والعياذ بالله وهو ما لا يقبله في الشرق لا
المسلم ولا المسيحي.
ومع ذلك يتحجج بعض من يعملون في حقل الإنتاج أن
هذه الأعمال لا تجد من يشتريها في القنوات الفضائية وهو كلام مغلوط وكاذب
لأن مسلسل يوسف الصديق الإيراني اشترته أكثر من مائة محطة.. وبلغت أرباحه
ما يزيد علي الـ 50 مليون دولار رغم أن تكلفته لم تزد علي 7 ملايين فقط..
تجارة مشبوهة
وأنجح الأعمال في الموسم الرمضاني هي تلك التي
كانت تخاطب العقل،
منها سقوط الخلافة، الجماعة، شيخ
العرب، ماما في القسم، قصة حب، عايزة أتجوز، أهل كايرو، وكلها خلفها مؤلف..
وعلي ذلك فإن التصاق المسلسل بالنجم والإعلان كارثة بكل المقاييس وقد فتحت
الأبواب لتجار المخدرات والمشبوهين لتمويل الأعمال الفنية من الباطن..
والوقوف في وجه الأعمال الجادة وهو ما ينبغي أن تتحرك لأجله الجهات
الحكومية وبعض شرفاء الإنتاج.. وهو ما أكد عليه المؤتمر الأخير لجمعية
مؤلفي الدراما وهذا ما سوف نتحدث عنه تفصيلاً فيما بعد فإنها فتنة بأكثر من
وجه وأكثر من اسم وهدفها واحد.
جريدة القاهرة في
11/01/2011
طاهر أبو زيد.. عاشق الميكروفون
بقلم: زياد فايد
حقاً كان واحداً من أهم رواد جيله.. استطاع ان
يتربع علي عرش الميكروفون لأكثر من خمسين عاماً كمبدع متميز وإذاعي قدير..
يجيد فن الإذاعة وحرفية إدارة «الحوار»، ذلك هو الإذاعي الكبير طاهر أبو
زيد الذي رحل منذ أيام عن عمر يناهز 88 عاماً مواليد إبريل 1922- قدم
خلالها أشهر وأهم البرامج في تاريخ الإذاعات العربية منذ الخمسينات «جولة
الميكروفون، رأي الشعب، لغتنا الجميلة، الندوة السياسية، مع مجلس الأمة،
جرب حظك، وأخيراً أسبوعيات طاهر أبو زيد».
قال عنه الكاتب الكبير أنيس منصور: طاهر أبو زيد
لمن لا يعرفه نجم نجوم الإذاعة وأخفهم دماً وأشجعهم أيضاً، فهو الذي اكتشف
وكشف لنا نجوماً تلمع ربما لا يراها أحد سواه في الفن والأدب والثقافة
والحياة من خلال برنامجه الشهير «جرب حظك» صحيح ان الاسم ربما يكون بسيطاً
ولا يعبر عن مضمونه- لكنه
كان وللحق برنامجاً متميزاً ورائداً استطاع خلاله ان يقتحم المشاكل
والقضايا ويدق أبواب الخطر ورؤوس المسئولين.
الميلاد
ولد محد طاهر مصطفي أبو زيد في 5 إبريل 1922
بمدينة طلخا- محافظة المنصورة ودرس هناك في المرحلة الثانوية ولم يكمل
تعليمه الجامعي وقتها- حيث اشتغل وكيلاً للمحضرين، إلي أن التحق بكلية حقوق
الإسكندرية بمساعدة رئيس محكمة طلخا وتخرج فيها عام 1948.
أول يوم ميكروفون
التحق طاهر أبو زيد بالإذاعة المصرية عام 1950-عقب
نجاحه في الامتحان- الذي جاء بالنسبة له مصادفة حيث لم يكن يوماً يحلم بأن
يكون مذيعاً. وانما جاء من الإسكندرية مرافقاً لصديق عمره «صبحي باسيلي»
وتشاء الأقدار ان ينجح هو ويرسب صديقه؟!
وكانت الإذاعة في تلك الفترة تضج بالمشاهير من
الإذاعيين أمثال صفية المهندس، حسني الحديدي، عبدالوهاب يوسف، تماضر توفيق،
أحمد طاهر، علي الراعي، أحمد حمروش، عباس أحمد، فهمي عمر، عواطف البدري، سعاد حسن، ويذكر طاهر أبو زيد أول يوم له أمام
الميكروفون: كان يوم عيد الجهاد 13 نوفمبر 1950 حينما ذهب سعد زغلول
وزملاؤه الثلاثة للمندوب السامي البريطاني لمؤتمر الصلح بعد الحرب العالمية
وكان في استقبالهم بعد العودة مصطفي النحاس زعيم الأمة.. يسير في المواكب
وبجواره الوزراء ويحيطهم رجال الشرطة من كل جانب يوجد كل الأحزاب
الدستوريين والسعيديين ومصر الفتاة والإخوان والشيوعيين وجميعهم يرفعون
لافتات تحية للزعماء.
كان موكباً مهدلاً في شارع سليمان باشا- ورشحت من
قبل كبير المذيعيين د. علي الراعي لتغطية الحدث علي الهواء مباشرة، وحدث ان
اذعت المشهد بشكل أبهر الجميع في الإذاعة ومن وقتها أصبحت معلقاً علي
الأحداث.
جرب حظك
في نفس العام قدم برنامجه «جرب حظك» خلفاً للراحل
أحمد طاهر.. واستضاف من خلاله فرسانا غير معروفين من عامة الشعب في وقت
كانت الإذاعة
وقفاً علي المشاهير، ونجح فرسانه في التأثير علي المستمعين، ومن هنا بدأت
شهرته واكتشف من خلال البرنامج عدداً كبيراً من المواهب أصبحوا نجوماً فيما
بعد مثل سيد مكاوي، فايزة أححمد، صلاح جاهين، عبدالرحمن الأبنودي.
الفن الشعبي
يرجع للإذاعي طاهر أبو زيد الفضل في ان يكون أول
من قدم برنامجاً عن الفن الشعبي والتراث في الإذاعة ، قدم خلاله المطربين
الشعبيين محمد طه، أبو دراع.. أيضاً حلقات عن فن الموال، رسم الوشم،
الملابس الشعبية، الفنون التراثية.
عضو مجلس الأمة
عقب حرب السويس وانتصار مصر في معارك القناة- قرر
الرئيس جمال عبدالناصر عام 1957 إعادة تشكيل مجلس الأمة واجراء انتخابات
جديدة، لذا قرر طاهر أبو زيد خوض الانتخابات وترشيح نفسه عن دائرة طلخا
مسقط رأسه وبالفعل حقق نجاحاً ساحقاً بمساعدة زملائه الإذاعيين وعلي رأسهم
آمال فهمي، فهمي عمر، صلاح زكي، عبدالتواب يوسف، إلي جانب حب
الناس الذين تعلقوا به من خلال
ميكروفون الإذاعة، وان كان معظمهم لم يلتق به مطلقاً.
برامج المعلبات
عندما عاد الإذاعي الكبير أحمد طاهر من الـ BBC
كان أول من نادي بخروج البرامج إلي الناس في الشارع علي الهواء
مباشرة، في تلك الفترة قدم طاهر أبو زيد برامج استضاف خلالها عمر الجيزاوي،
إسماعيل ياسين، عبدالغني السيد، حيث نزل معهم وبهم إلي الناس في الشوارع
والمقاهي وداخل الموالد والمستشفيات والمزارع والجامعات والمصانع، ويعتبر
برنامج «رأي الشعب» أول برنامج يتجول بين المحافظات ليعرض آراء الشعب ونواب
مجلس الأمة في كل القضايا الجماهيرية، هذا البرنامج الذي تحول فيما بعد إلي
برنامج تليفزيوني توك شو، واستضاف في أولي حلقاته الدكتور مصطفي خليل، وكان
يشغل وقتها منصب وزير المواصلات.
الإعلامي
تولي الإذاعي طاهر أبو زيد رئاسة شبكة إذاعة الشرق
الأوسط خلال الفترة من 1967- 1972، وفي عام 1974 كان أول مذيع مصري في إذاعة مونت كارلو..
وتعود إليه الريادة في تأسيس البرامج العربية بها.
بعد خروجه للمعاش في عام 1982 ظل بعيداً عن
الميكروفون لسنوات طويلة إلي ان أعاده مرة أخري الإذاعي عمر بطيشة عندما
تولي رئاسة قطاع الإذاعة فقدم برنامجاً في عام 1997 قدم عبره تاريخ الإذاعة
المصرية منذ نشأتها في عام 1934، حتي الآن.
وفي عام 1998 قدم طاهر أبو زيد أولي حلقات برنامجه
الجديد والمتجدد «أسبوعيات طاهر أبو زيد».
ورغم مرور أكثر من عشر سنوات، ما زال يقدمه بمنتهي
الحماس لحماية اللغة العربية التي جعلها قضيته الكبري من طغيان اللغات
الأجنبية حتي عبر شاشة التليفزيون في عناوين البرامج، وهي القضية التي شغلت
مئات المثقفين والكتاب والمبدعين.
بقي أن نعلم أن القدير طاهر أبو زيد كان زوجاً
للإعلامية والمذيعة التليفزيونية السابقة كاميليا الشنواني.
جريدة القاهرة في
11/01/2011 |