استكملت زينات صدقي تصوير بقية أفلامها الثمانية التي
تعاقدت عليها خلال عام 1950، فقدمت {بلدي وخفة} تأليف حسن توفيق، سيناريو
وإخراج حسين فوزي، الذي واصل من خلاله تقديم زوجته الشابة نعيمة عاكف.
شارك زينات في {بلدي وخفة} كل من ابن شقيق الموسيقار محمد
عبد الوهاب المطرب الشاب سعد عبد الوهاب واستيفان روستي ولولا صدقي وشكوكو
وعباس فارس وسعاد أحمد، وفيلم {غرام راقصة} تأليف يوسف جوهر سيناريو وإخراج
حلمي رفلة، وبطولة محمد فوزي، نور الهدي، تحية كاريوكا، حسن فايق وعبد
السلام النابلسي.
في الربع الأخير من العام قدمت ما تبقى من أفلام، فقدمت
{العقل زينة، محسوب العيلة، آه من الرجالة، ياسمين، والآنسة ماما}.
كان إسماعيل ياسين القاسم المشترك الأعظم في الأفلام التي
قدمتها زينات، ليس خلال هذا العام فحسب، لكن في غالبية ما سبق وقدمته، غير
أنه كان دائماً يشاركها الدور الثاني، حتى فاجأها بطلبها:
*
مش فاهمه قصدك... وإيه الجديد في كدا. ما إحنا شغالين مع
بعض طول الوقت ولسه مخلصين «الآنسة ماما» سوا.
=
يا ستي أنا عارف. لكن المرة دي الوضع مختلف.
*
انت مختلف ووضعك مختلف... ما توضح يا أبو السباع.
=
من الآخر كدا أنا المرة دي اللي هكون البطل.
*
كدا... ألف ألف مبروك يا أبو السباع. انت ابن حلال وتستاهل
كل خير.
=
الله يبارك فيك... بس تعرفي أني خايف ومرعوب.
*
من إيه؟
*
لما باكون مشارك في فيلم بعمل دوري وأريح دماغي. لكن علشان
أكون مسؤول عن الفيلم كله من أوله لآخره مسؤولية... مسؤولية كبيرة يا
زينات... لو فشلت فيها هقعد في البيت مش هشتغل تاني.
*
ولا يهمك... أنا معاك ولو من غير فلوس... ومش هسيبك.
=
أنا متأكد من كدا.
قدم إسماعيل ياسين أول بطولة مطلقة له في فيلم «البطل»،
وشاركته زينات صدقي وشادية وإلياس مؤدب، ومحمد كمال المصري «شرفنطح».
دارت أحداث الفيلم حول عامل شاب يدعى «البطل» يعمل في محل
أحذية، ويحب ابنة صاحب المحل التي تحب سواه، لكنها تكتشف أن حبيبها يلعب
بها فتعترف للبطل بأنها لا تحبه، فيغمي عليه ويقرر الطبيب أنه سيعيش لمدة
أسبوع. يكتب صاحب المحل للبطل كل أملاكه هرباً من شريك له كان اختفى منذ
سنوات وعاد يطالب بحقه وتعطف الابنة عليه وتحبه ويقرران الزواج.
حقق الفيلم نجاحاً لم يتوقعه أحد حتى إسماعيل ياسين نفسه،
الذي تفاءل بوجود زينات صدقي إلى جواره، وقرر أن تشاركه أفلامه كافة كلما
أمكن ذلك، وهو ما فعله في فيلمه التالي «المليونير» الذي كان اسماً على
مسمى وفتح لهما أبواب السعادة معاً، فقد أصبحت زينات الورقة الرابحة في
الكوميديا النسائية، فيما اعتبر المنتجون أن إسماعيل ياسين هو «الحصان
الأسود» الذي يمكن أن يراهن الجميع عليه في السباق، وعلى رغم اقتناع
إسماعيل بأهمية وجود زينات معه، فإن المنتجين لم يتركوا له هذا الاختيار،
فقد كانوا يفعلون ذلك من دون أن يطلب، ويحرصون أن يضعوا اسميهما، بل
ودوريهما في مستوى متقارب. على رغم أن إسماعيل نجح إلى حد كبير في البطولة
المطلقة، فإنه ظل في منطقة الأدوار الثانية، طواعية، فلم يرفض أي دور يعرض
عليه، كذلك زينات، ما جعل الطلب عليهما يزيد بشكل كبير، فتعاقدت زينات منذ
مطلع عام 1951 على بطولة عشرة أفلام، شاركها في معظمها إسماعيل ياسين.
عشرة أفلام
بدأت زينات أفلامها العشرة في يناير 1951 بفيلم «بلد
المحبوب» قصة وسيناريو أبو السعود الإبياري وحواره، سيناريو حلمي رفلة
وإخراجه، وشاركها هي وإسماعيل ياسين بطولة الفيلم، كل من المطرب سعد عبد
الوهاب وسعاد مكاوي وتحية كاريوكا وعبد السلام النابلسي. دارت الأحداث حول
شابين قادمين من الريف، يقرر أحدهما أن يختار شريكة حياته ولكنه لا يستطيع
أن يلفت أنظارها إليه، فيحاول الثاني تدريبه على ذلك، وفي النهاية ينجح في
الوصول إلى قلب من يحبها والزواج منها.
بعد ذلك، قدمت زينات شخصية «فتكات دندش» في فيلم «تعالَ
سلم»، قصة أبو السعود الإبياري وحواره، سيناريو حلمي رفلة وإخراجه، ومساعد
المخرج عاطف سالم.
تدور أحداثه حول فنان فقير يحب راقصة، غير أن الراقصة
مشغولة بحب شاب ثري، فجأة تهبط ثروة على الفنان الفقير، فيحاول أن يكشف
للراقصة خيانة الشاب الثري لها، وينجح في ذلك، فتقرر بعدها أن تتزوج صديقها
الفنان.
شاركت زينات صدقي في بطولة الفيلم أمام فريد الأطرش وسامية
جمال وإسماعيل ياسين وعبد السلام النابلسي وفريد شوقي وعبد الفتاح القصري
وسعيد أبو بكر ومحمد الديب وميمي شكيب وسراج منير ووداد حمدي، ومحمد البكار.
بعده قدمت فيلم {الصبر جميل} تأليف بديع خيري وإخراج نيازي
مصطفى، وشارك في بطولته كل من المطرب محمد الكحلاوي وشادية وتحية كاريوكا
ومحمود المليجي وعبد الفتاح القصري وصلاح منصور وحورية حسن وشكوكو والراقصة
كيتي.
دارت أحداث الفيلم حول قصة حب عزت والفتاة الثرية درية التي
تنتهي بخطبتهما، وعلى رغم هذا الحب فإن درية تخون عزت، ويشعر بتغير في
سلوكها، فيتابع كل خطواتها وهذا يسبب الضيق لها، فقد أصبحت تصرفاته لا
ترضيها فترى أن تفسخ الخطوبة. تذهب لمقابلته لتسترد خطاباتها التي سبق
وأرسلتها له، فيرفض أن يسلمها أي الخطابات، يتمادى في الرفض ويحاول
الاعتداء عليها، ينقذها من بين يديه محمد الذي كان يحب درية ولكن من طرف
واحد فهي لم تشعر به، في الوقت الذي تحضر فيه فاطمة عشيقة عزت وتطلق عليه
الرصاص، في التحقيق يبرئ عزت عشيقته فاطمة ويدعي أن الرصاصة خرجت من مسدسه
عن طريق الخطأ، ويفسخ خطبته من درية والتي توافق على خطبة محمد الذي يحبها.
وعلى رغم صغر حجم الدور في الفيلم الذي عرضه عليها المخرج
حلمي رفلة، الذي عشق صورتها على شاشة السينما، إلا أنها قبلته، ليس مجاملة
لمخرجها الخاص، لكن مجاملة لصديقها الفنان الكبير سليمان نجيب، الذي داعبها
قائلاً:
=
عموماً انت مش هتشتغلي الفيلم داع علشان خاطري.
*
أبدا والله. دا أنا عندي في عين العدو خمسة أفلام تانية.
=
عين العدو... العدو دا اللي هو أنا... ولا إسماعيل ياسين؟
*
لا طبعاً إسماعيل. وبعدين لو ما كنش علشان خاطرك يبقى علشان
خاطر مين.
=
علشان خاطر أخواتك زينب صدقي ولولا صدقي.
*
هاهاها... حلو أوي الفيلم العائلي دا. تتصور يا نجيب بيه إن
ناس من الجمهور ساعات بيسألوني السؤال دا كتير... فعلاً الناس فاكره أننا
أخوات إحنا التلاتة... بس هم فعلا أكتر من أخواتي.
شارك في بطولة فيلم «نهاية قصة» كل من محمد فوزي ومديحة
يسري وإسماعيل ياسين، فيما تولى القصة والسيناريو والحوار علي الزرقاني.
أمومة
قبل أن تودع عام 1951 قدمت ثلاثة أفلام أخرى هي: {قطر
الندى} قصة أبو السعود الإبياري وحواره، سيناريو أنور وجدي وإخراجه، بطولة
كل من أنور وجدي وشادية والطفلة المعجزة فيروز وإسماعيل ياسين وإبراهيم
عمارة وسراج منير وإلياس مؤدب ورياض القصبجي وصلاح منصور. ثم فيلم {الخارج
عن القانون} تأليف محمد عبد الجواد وإخراجه، مع فريد شوقي ومونا فؤاد وحسن
البارودي.
وأخيراً فيلم {من غير وداع} تأليف محمد كامل حسن، وإخراج
أحمد ضياء الدين مع مديحة يسري وعماد حمدي ومحمد الديب وسهير فخري وعقيلة
راتب.
حرصت زينات على أن تنال قدراً من الراحة والاستجمام في
الإسكندرية بصحبة والدتها وابنة شقيقتها نادرة ووسط شقيقاتها وأولادهم، فلم
تكن الزيارة لمجرد الراحة والاستجمام، لكن لأن أمراً مهماً أرادت مفاتحة
شقيقتها سنية وزوجها فيه:
=
انت بتقولي إيه يا ست زينب. لا مؤاخذة قصدي يا ست زينات.
صحيح نادرة اسمها نادرة علي اللبان... لكن أنا وسنية أبوها وأمها على الورق
بس... لكن انت أبوها وأمها وكل أهلها.
*
معلش يا علي... بس انت أبوها ولازم تبقى عارف.
=
أهي البنت بنتك وانت حرة فيها.
*
بس أنا اشترطت على العريس شرط أساسي.
=
ما قلتلك دي بنتك اشرطي براحتك.
*
اشترطت أن نادرة مش هتسيبني... تتجوزي معايا في البيت وتعيش
معايا.
=
ربنا يخليكِ لهم... يخليكِ لينا كلنا.
عادت زينات إلى القاهرة مع نهاية فصل شتاء 1952 لتصوير فيلم
جديد ارتبطت مع مخرج الخدع نيازي مصطفى، من خلال سيناريو علي الزرقاني
وحواره، لتقدم دور {مستكة} في فيلم {من أين لك هذا} مع محمد فوزي ومديحة
يسري وإسماعيل ياسين وفريد شوقي.
دارت الأحداث حول وحيد، طالب في كليه الطب يعيش مع عالم
اخترع مركبًا كيماويًّا يجعله غير مرئي، يقع وحيد في حب سلوى وتبادله
مشاعره، ولكن والدها المتزمت يرفض زواجهما ويرشح لها طاهر الذي يعتقد أنه
الزوج المثالي لابنته في حين أنه تاجر مخدرات يستطيع وحيد بفضل هذا التركيب
الكيماوي أن يعرقل زواج سلوى، إلا أنه يتهم بتهريب المخدرات وخطف سلوى
ولكنه يستطيع أن يرشد الشرطة إلى المجرم الحقيقي طاهر ويتزوج من سلوى.
تحيا الثورة
بينما كان فيلم {من أين لك هذا}، يفتتح الموسم الصيفي في دو
العرض في 18 يوليو 1952، حتى بدأت تصوير دور {عزيزة كهربة} مع المخرج
إبراهيم حمدي في فيلم {عشرة بلدي} تأليف جمال حمدي، مع إسماعيل ياسين ومحمد
التابعي وعبد الفتاح القصري ومحمد أمين وهدى شمس الدين.
تدور الأحداث حول عبد الفتاح الثري، صاحب أحد الكباريهات
الذي يقع في حب إحدى الراقصات، يتقدم للعمل بالكباريه شابان تظهر عليهما
دلائل الفقر، يرفض عبد الفتاح أن يعملا عنده، فيدعيان له أنهما مندوبا شركة
تأمين على الحب. ينخدع عبد الفتاح بعملهما، ويوافق على التأمين ولكن بشروطه
وهي أن يقيم الشابان معه لأجل قياس درجة الحب، ويوقع عبد الفتاح وثيقة
التأمين وكذا العمدة الذي على علاقة حب مع خالة الراقصة {عزيزة كهربة} على
وثيقة أخرى. وتسير الأمور في مجراها، إذ إن الشاب الأول يحب الراقصة، أما
الثاني فيحب خالتها وحين يقرران الزواج يوافقان على ذلك ويرفضان عرض عبد
الفتاح والعمدة.
بينما زينات نائمة دخلت نادرة عليها لتوقظها ظهيرة 23 يوليو
1952:
=
ماما... أصحي... أصحي يا ماما... الدنيا مقلوبة.
*
في إيه يا بت نونا بس... وإيه اللي دخلك هنا أوضتي؟
=
أصحي يا ماما الدنيا مقلوبة... مصر كلها في الشارع.
*
يا لهوي... مصر في الشارع. ليه مين اللي طردها... ما تتكلمي
عدل يا بت بدل ما أقوم أعدلك.
*
خلي عنك يا ماما. الجيش المصري قام بالواجب وعدل المايل...
تعالي اسمعي البيان اللي الإذاعة بتذيعه:
بني وطني لقد اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من
الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على
الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في فلسطين، وعلى ذلك فقد قمنا
بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي
وطنيتهم ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.
تلقت زينات النبأ بفرحة عامرة، مثل بقية الشعب المصري،
لدرجة أنها اشترت كمية كبيرة من الحلويات الشرقية والغربية واصطحبتها معها
إلى الأستوديو، ودخلت توزعها على كل الموجودين وهي تزغرد وتردد: تحيا
الثورة... تحيا الثورة... تحيا الثورة.
استكملت زينات تصوير فيلم «عشرة بلدي» وقدمت بعده «المنتصر»
تأليف حلمي رفلة وإخراجه، مع تحية كاريوكا وبرهان صادق ورشدي أباظة وعبد
السلام النابلسي وإسماعيل ياسين وعزيز عثمان وسليمان نجيب، الذي كان أول من
تجرد من لقبه طواعية وأعلن أنه أصبح السيد سليمان نجيب، ولم يعد سليمان بك
نجيب.
في 28 أغسطس 1952 قدمت زينات فيلم «عايز أتجوز» قصة أبو
السعود الإبياري وحواره، سيناريو أحمد بدرخان وإخراجه، بطولة كل من فريد
الأطرش ونور الهدى وليلى الجزائرية وعبد السلام النابلسي ومحمد التابعي. ثم
قدمت فيلم «بيت النتاش»، قصة علي كامل فهمي، سيناريو محمد متولي وحواره،
إخراج حسن حلمي، مع شادية وإسماعيل ياسين ومحمد كمال المصري «شرفطح» وعبد
السلام النابلسي وإلياس مؤدب وعبد الفتاح القصري.
في الفترة من أكتوبر إلى نوفمبر قدمت زينات آخر فيلمين لها
في عام 1952، كانت قد اتفقت عليهما قبل قيام ثورة يوليو، فيلم «يا حلاوة
الحب» قصة وسيناريو أبو السعود الإبياري وحواره، إخراج حسين فوزي، وبطولة
كل من محمد فوزي ونعيمة عاكف وسليمان نجيب ولولا صدقي وفؤاد شفيق وووداد
حمدي. ثم فيلم «شم النسيم» مع المخرج الإيطالي فرينتشو ومعه مساعد المخرج
المصري حمادة عبد الوهاب، قصة وسيناريو السيد بدير وحواره، بطولة كل من
رشدي أباظة وبرلنتي عبد الحميد، قسمت شرين ومي مدور وجورج يوردانيدس والسيد
بدير ومحمود عزمي سناء جميل وعبد السلام النابلسي وسميرة أحمد وحسن فايق.
ما إن استقبلت زينات عام 1953، حتى شعرت بأنها ولدت من
جديد، ولدت في عصر الثورة وزوال الاستعباد والاستبداد. شعرت بأن الثورة
قامت لأجلها فحسب، كإحساس كل المصريين، لكن ما زاد من إحساسها أن انهالت
عليها التعاقدات من حيث لا تدري ولا تعلم.
(البقية
في الحلقة المقبلة)
انقلاب السحر
كان حلمي رفلة من المخرجين الذين يؤمنون إيماناً مخلصاً
بموهبة زينات صدقي، لذا كان بمجرد أن يعرض عليه أحد المؤلفين سيناريو فيلم
جديد، وما إن يطمئن على موضوع الفيلم ودوري البطل والبطلة، يبحث عن دور
زينات، فإذا كان موجوداً حاول تحسينه وإبرازه، وإن لم يكن موجوداً حاول قدر
الإمكان أن يبحث لها عن مكان في الفيلم، فقد كان يضيف ويحذف، يبدل ويعدل
بالاتفاق بينه وبين المؤلف والفنانين. لكن ما إن تدور الكاميرا كان لا بد
أن يلتزم الجميع بكل كلمة مكتوبة في السيناريو.
في الفيلم الجديد الذي كانت تعمل فيه زينات مع رفلة بعنوان
«فايق ورايق» وتشارك فيه إسماعيل ياسين وكارم محمود وتحية كاريوكا ونجوى
سالم وسميحة توفيق القصري وعبد الوارث وإلياس مؤدب، لاحظ ياسين وكاريوكا
اهتمام رفلة الزائد عن الحد بزينات صدقي في كل مشهد، فأرادا أن يوقعا
بينهما فينقلب عليها حلمي رفلة ويضحك الجميع في النهاية ليس أكثر.
كان إسماعيل ياسين يعرف طباع حلمي رفلة في الحفاظ على كل
كلمة مكتوبة بالسيناريو، فاتفق مع تحية كاريوكا ونجوى سالم على أن يدبِّر
مقلباً بزينات لمعرفته عشقها للخروج على النص، فاتفق مع مساعد المخرج
لمراقبة السيناريو سعد عرفة، الذي كلن يعمل للمرة الأولى مع حلمي رفلة، على
أن يترك زينات ترتجل كما تريد في المشهد التالي:
-
أيوا يا أستاذ إسماعيل... بس انت عارف الأستاذ حلمي موته
وسمه عدم الالتزام باللي مكتوب في السيناريو.
=
انت هتعرفني حلمي... ما أنا عارف يا سيدي. بس إحنا اتفقنا
معاه هو وأبو السعود الإبياري على أنه هيسيب زينات تاخد راحتها في المشهد
اللي جاي لأن المشهد محتاج يفك شوية... وإحنا كمان في المشاهد بتاعتنا.
-
طب أروح أسأله؟
=
عيب عليك لما أقولك على حاجة وتسأل ورايا.
-
طب خلاص... بس أنا مش مسؤول عن أي حاجة تحصل.
=
ما لكش دعوة... سيبها عليّ.
كما اتفق إسماعيل مع سعد عرفة، اتفق أيضاً مع زينات وأكد
عليها بشكل لا ينقصه الجدية، أنه قد تم الاتفاق على أن ترتجل كما تشاء في
المشهد، وأنهم جميعاً سيفعلون ذلك، بالاتفاق مع حلمي رفلة وأبو السعود
الإبياري.
جلست زينات تفكر في المشهد وكيف ستقدمه من وجهة نظرها، وما
هي العبارات التي ستقولها، وما إن دارت الكاميرا حتى انطلقت كالصاروخ، تصول
وتجول أمامها، والجميع يقفون خلفها ينتظرون رد فعل حلمي رفلة، والمعركة
التي ستدور بينه وبين زينات بسبب خروجها الزائد عن الحد على النص.
فجأة هب رفلة من فوق الكرسي الذي يجلس عليه خلف الكاميرا
وعاد إلى الخلف، تناول نسخة السيناريو التي يمسك بها سعد عرفة، نظر فيها ثم
نظر إلى عرفة، فهز له كتفيه ومط شفتيه... حبس الجميع أنفاسه وقد أيقنوا أن
حتماً سيقع زلزال في الأستوديو في هذه اللحظة. تقدم عرفة ليوقف التصوير،
فوضع حلمي رفلة يده على فمه. استمر المشهد حتى نهاية... ومع آخر جملة
قالتها فوجئ كل من في الأستوديو بالمخرج رفلة يطلق صرخة مدوية وهو يصفق:
برافو برافو برافو يا زينات... هو دا... هو دا اللي كنت عايزه بالظبط...
برافو.
تبع تصفيق حلمي رفلة تصفيق حاد من الموجودين، فيما وقف
إسماعيل ياسين وتحية كاريوكا ونجوى سالم ينظرون إلى بعضهم البعض وهم في
دهشة من السحر الذي انقلب على الساحر، فلم يملكوا سوى الضحك والتصفيق.
الجريدة الكويتية في
04/08/2013 |