التف زملاء زينات صدقي في الفيلم حولها، وتم نقلها إلى
غرفتها في الأستوديو وهي تصرخ وتتألم، ثم اتصل المخرج فؤاد الجزايرلي
بطبيبه الخاص الذي حضر فوراً، ووقع الكشف الطبي عليها.
جاء تشخيص الطبيب لزينات صدقي بشكل مبدئي على أن ثمة
اشتباهاً في التهاب الزائدة الدودية، ولا بد من نقلها فوراً إلى أقرب
مستشفى.
كاد يغشى على زينات، ليس من شدة الألم، ولكن مما قاله
الطبيب وضرورة نقلها إلى المستشفى، فهي لم تكن تعاني وسواس النظافة فحسب،
بل أيضاً وسواس المرض. كانت تكره النوم على سرير المرض ودخول المستشفى، غير
أنها في مقابل ذلك تلتزم إلى حد الصرامة بتناول الدواء إذا وصفه لها الطبيب.
نُقلت زينات إلى مستشفى {قصر العيني} في الوقت الذي ذهب فيه
من يخبر والدتها بنقلها إلى المستشفى لإحساسها ببعض {آلام المغص} كي لا
تقلق عليها، وعلى رغم ذلك لم تنتظر والدتها عودتها، بل أصرت على الذهاب
للاطمئنان عليها في المستشفى.
وصلت حفيظة إلى المستشفى فعرفت أن ابنتها دخلت غرفة
الجراحات. لم تنتظر أن تسأل: لماذا؟ وأي جراحة ستجرى لها، ولا أن يطمئنها
الأطباء، بل سقطت مغشياً عليها، وتم نقلها فوراً هي أيضاً إلى إحدى غرف
المستشفى لإسعافها.
أقر الأطباء بوجود التهاب شديد في الزائدة الدودية، وضرورة
إجراء جراحة فورية لاستئصالها، ولم يكن أمام زينات سوى الاستسلام لمطلب
الجراح للتدخل في الوقت المناسب قبل استفحال الأمر، على رغم كراهيتها
للمستشفى والجراحة والأدوية.
عندما أفاقت زينات من البنج، كان أول شيء سألت عنه والدتها:
=
حمد الله على السلامة يا ست زينات.
*
الله يسلمك يا دكتور. أنا بقالي كتير هنا.
=
إيه زهقتي أوام مننا.
*
لا مش القصد. بس علشان ماما ممكن تقلق عليا.
=
أنت هنا يا ستي من إمبارح... وعملتي العملية والحمد لله.
*
من أمبارح. دا أكيد زمان ماما ماتت من الخوف والقلق. طب حد
من الإستوديو قالها؟
=
شوفتي الورد دا كله. شوفي يا ستي دا من الأستاذ فؤاد
الجزايرلي، ودا من الأستاذ أحمد علام، ودا كمان من الأستاذ محمد الديب، أما
دا بقى فمن الأستاذ الكبير نجيب الريحاني. دا الواحد لازم يشعر بالفخر أنه
عمل عملية لنجمة كبيرة زيك يا ست زينات.
*
مرسيه يا دكتور... مرسيه. بس من فضلك عايزة تليفون أتصل
بماما... زمانها هتموت من القلق والرعب. لازم أكلمها يا دكتور.
=
يا ست ما تقلقيش... كل اللي أنت عايزاه هنعمله. بس أنت هدي
نفسك.
*
هو في إيه يا دكتور أنتوا مخبيين عليا حاجة؟
=
هنخبي عليكِ إيه بس. اهدي شوية علشان الجرح ممنوع الانفعال.
*
لو ما تكلمتش أنا هقوم أنزل أمشي دلوقت يا دكتور... أهو...
أهو.
=
طب بس بس. ماما هنا في المستشفى... في الأوضة اللي جنبك.
كان تشخيص الأطباء لحالة حفيظة والدة زينات أنها أصيبت
بصدمة عصبية بسبب خوفها الشديد على زينات، فأثرت على قدميها وجعلتها غير
قادرة على الوقوف أو المشي على قدميها. لم يكن شللاً، فهي كانت تحرك قدميها
ويمكن أن تقف عليهما، لكنها لم تكن قادرة على المشي، لتعود إلى منزلها على
كرسي متحرك.
إحساس بالذنب
تسبب مرض حفيظة في أزمة نفسية كبيرة لزينات، لإحساسها
بالذنب أنها كانت السبب فيما حدث لوالدتها، فقررت التفرغ تماماً لخدمتها
وعدم قبول أي أعمال جديدة سواء مسرحية أو سينمائية:
=
يا بنتي أنا بقيت كويسة. أنزلي بقى شوفي حالك.
*
أنت زهقتي مني ولا أيه يا ست الكل.
=
أنا... أنا عمري مازهق منك يا حبة عيني. بس مصلحتك وأكل
عيشك يا بنتي أولى.
*
ما فيش حاجة في الدنيا دي كلها أهم ولا أولى منك.
=
يا بنتي الناس ليها اللي قدامها... ولو الناس اتعودت غيابك
هتنساك.
*
ولو... برضه مش هسيبك إلا لما أطمن عليكِ وأنك بقيتي زي
الخيل اللي بتجري في السبق.
لم يكن لشيء يمكن أن يثني زينات عن قرارها بالجلوس إلى جوار
والدتها إلى حين شفائها، ساعدها على هذا القرار أكثر من سبب، أولها توقف
نجيب الريحاني عن المسرح وتفرغه للسينما حيث قدم بعد «سلامة في خير» «سي
عمر» مع المخرج نيازي مصطفى، وبعض أفراد فرقته، ميمي شكيب ومحمد كمال
المصري «شرفنطح» وحسن فايق واستيفان روستي وعبد الفتاح القصري وعبد العزيز
أحمد.
السبب الثاني وهو الأهم، أن نار «الحرب العالمية الثانية»
استعرت بين الألمـان والإنكليز ودوت صفارات الإنذار ودارت المعـارك على
أشـدها في الصـحراء الغربية لمصر، وتطورت الأحوال بسرعة والإنكليز وحلفاؤهم
كانوا يتراجعون ويفرون أمام ضربات روميل القاصمة وهو يزحف في الصحراء من
مرسى مطروح إلى العلمين.
كانت كل القرائن تدل على أن هذه المجزرة البشرية ستنتهي
بسحق الإنكليز واندحارهم، وكانوا يولون الأدبار في كل ميدان، في الوقت الذي
أخذ فيه العساكر الإنكليز يتكاثرون في قلب القاهرة، التي امتلأت بجيوش
الإنكليز وحلفائهم، فقد كانوا منكسرين على طول الجبهة، ما جعلهم يغطون
انكسارهم بالعراك مع المصريين كلما التقوهم في مكان، في الوقت نفسه راح
المصريون يهتفون: «تقدم يا روميل»، فيزداد غيظهم وسعارهم.
أخذ الإنكليز يمرحون في القاهرة، يسكرون في حاناتها، يملأون
الدنيا صياحاً ويغنون بالإنكليزية في صخب أغان بشعة، ويخرجون من الحانات
ويمشون في جماعـات ويدورون سكارى صاخبين معربدين ويحتكون بالمارة المسالمين
ويشتـبكون معهم في عراك دموي، ويكثر وجودهم في مناطق المسارح والسينمات
والتياتروهات، تحديداً في منطقة وسط البلد، مثل «العتـبة، شارع كلـوت بك،
شارع فؤاد الأول، شارع عماد الدين» حيث الحشـد المتدفق من الجمهور في ظلام
الحرب.
طـالت الحـرب واستولى اليأس على النفوس، وسئم الناس من كل
شيء، وخيم الظلام وطال الفقر والجـوع ونقمة المواطنين على التموين، وكان
الخبز يختفي ثم يظهر أسود كالطين، ومع ذلك كان الناس يأكلونه. ولم يكن
المصريون قد اشتركوا في الحرب أو كان لهم بها شأن لكنهم اكتووا بنارها،
وسقطت عليهم القنابل، وجاعوا وتعذبوا بسببها.
كانت الملاهي ممتلئة بالجنود الإنكليز والسكارى، وفي ليالي
الآحاد كان يكثر البحارة في الحانات ويزداد عراكهم وصخبهم، وكانوا في حالة
فزع من الألمان ورعب يمزق أعصابهم.
سليمان بك المنقذ
في الشوارع الضيقة المعتمة كنت تلمح بعضهم سكارى يغنون وهم
يترنحون، وقد تنشب معارك رهيبة بينهم وبين الأهالي، تصل إلى حد إطلاق النار
من الجانبين، وعندما تدوي صفارات الإنذار، تتوقف العروض السينمائية
والمسرحية وتغلق التياتروهات أبوابها، فتخرج الجماهير مهرولة إلى الشوارع
والملاجئ، ويسمع دوي القذائف فيثير الرعب في النفوس.
كلما زاد الرعب والضجيج، زاد إصرار زينات صدقي على حالة
الخمول التي تعيشها والبقاء إلى جوار والدتها، وكلما زادت فترة جلوس
والدتها وعدم حركتها زاد إحساسها بالذنب، على رغم كلام والدتها كل يوم حتى
ملت مفاتحتها في هذا الأمر، ولم ينقذها إلا الفنان سليمان بك نجيب، الذي
ذهب إليها في بيتها مباشرة:
*
إيه الشرف دا يا سليمان بيه. ما تعرفش أنا سعيدة أد إيه
بزيارتك دي.
=
هأكون أنا كمان سعيد لو حققت الزيارة الهدف اللي أنا جاي
علشانه.
*
هدف إيه أنا تحت أمرك... أي حاجة تطلبها لازم أنفذها فوراً.
=
كدا... طب عال عال. يلا قومي ألبسي هدومك علشان عندنا معاد
دلوقت في الإستوديو.
*
لا... مش قصدي. بس يعني معاد إيه؟
=
معاد شغل... شغل. هيكون إيه يعني... معاد غرامي.
*
يا ريت. حد يطول ياخد معاد غرامي من سليمان بك نجيب فاكهة
الفن المصري كله.
=
أيوا يا بنت أيوا كلتيني بالكلمتين دول. ما تغيريش الموضوع
ويلا بينا... ولا اللي سمعته صحيح؟
*
سمعت إيه؟
=
إسماعيل ياسين بيقولي إنك رافضة تشتغلي وقاعدة في البيت على
طول وبترفضي أي شغل يجيلك.
*
مش بالظبط كدا. لكن مقدرش أسيب أمي لوحدها... من يوم ما
عملت العملية وهي ما بتعرفش تتحرك لوحدها... وزي ما أنت شايف كدا... حتى في
البيت قاعدة على الكرسي أبو عجل على طول.
هنا تدخلت والدتها بحسم الموضوع:
-
لا ما تعمليش حجتك أنا. يا سليمان بيه أنا ريقي نشف معاها
علشان تشتغل... مش راضية.
=
شوفي يا زينات أنا مقدر إحساسك دا... بس لو بتحبي أمك فعلاً
لازم تشتغلي. قعدتك دي تضرها مش تنفعها. أمك دلوقت أكيد محتاجة أدوية
وعلاجات... محتاجة تاكل وتشرب وتلبس هي والكتاكيت الصغيرين دول... هيصرفوا
منين؟ ولا أنت نسيتي أنك أنت اللي بتصرفي على العيلة... لما فلوسك تخلص
هتعملي إيه؟
-
يسلم فمك يا سليمان بيه.
=
وفمك أنت كمان يا خالة أم زينات..قومي قومي يا زينات الله
يهديك.. خلينا نلحق معاد سي عبد الوهاب.
*
عبد الوهاب مين؟
=
محمد أفندي عبد الوهاب.. المطرب والملحن الأشهر في القطر
المصري وبر الشام.
*
أنا هشتغل مع محمد عبد الوهاب.
=
أقل منها... دا هو اللي هيشتغل مع زينات صدقي.
*
سليمان بيه مش عارفة أقولك إيه... على عطفك ونبل أخلاقك...
دا.
=
وفري الكلمتين الحلوين دول علشان تقوليهم قدام الكاميرا...
يلا يلا.
بدأ محمد عبد الوهاب الاستعداد لتقديم فيلمه الخامس بعنوان
«ممنوع الحب» بعدما قدم قبله أربعة أفلام هي: «الوردة البيضا، دموع الحب،
يحيا الحب، يوم سعيد»، بعدما أصبح ينتج لنفسه وحققت أفلامه رواجاً كبيراً
في السينما، من خلال الإيرادات العالية، فقد كان محمد عبد الوهاب يدفع
أجوراً ضعيفة للعاملين معه، إلا أنه كان ينفق بسخاء على أفلامه ليكون
الفيلم عملاً مكتمل الأركان.
كتب قصة وسيناريو وحوار «ممنوع الحب» عباس علام وشاركه في
الكتابة مخرج الفيلم محمد كريم، الذي كان يقدم فيلمه السابع آنذاك بعدما
وصل إلى مرحلة متقدمة من النضج الفني كمخرج له اسمه على الساحة السينمائية.
لم يكن سليمان نجيب مشاركاً في الفيلم، غير أنه كان على صلة
صداقة كبيرة بمحمد عبد الوهاب والمخرج محمد كريم، وهو من كان وراء انضمام
زينات إلى الفيلم، على رغم أن محمد كريم كان قد انتهى فعلاً من اختيار
الممثلين المشاركين معه، ومع ذلك فقد أسند إليها دوراً مهماً وفقاً لسير
الأحداث.
تدور الأحداث حول المهندس الشاب «عزيز» الذي يصله تلغراف
كاذب يخبره بوفاة والده «عبد الغفار باشا». في القطار أثناء ذهابه إلى
القرية يلتقي مع «فكرية» ابنة «أبو المجد باشا» العدو اللدود لوالده، وفي
القرية يكتشف حقيقة استدعائه، وهي لأجل أن يناصر والده في حملته العدائية
لـ «أبي المجد». غير أنه من دون أن يدري يجد نفسه هو وفكرية قد وقعا في
الحب، ويحاولان إقناع والديهما بضرورة زواجهما بغرض أن يقوم كل طرف
بالانتقام من الآخر، فيضطر الوالدين إلى الموافقة على ذلك، ويرسل «أبو
المجد باشا» خادمة من بيته لتكون عيناً عليهما وتشعل فتيل الغضب عند
اللزوم. غير أن الزوجين يتفقان مع الخادمة على أن تنقل صورة مزيفة
لوالديهما، حتى يحدث الوفاق التام بين العائلتين.
شارك محمد عبد الوهاب في البطولة: رجاء عبده، عبد الوارث
عسر، محمد كامل، محمد أمين، عبد العزيز خليل، الوجهان الجديدان آنذاك مديحة
يسري وليلى فوزي.
عودة إلى المسرح
بدأ تصوير الفيلم، ووقف محمد عبد الوهاب يشاهد أداء زينات
صدقي، وفوجئت به يصفق لها بعد انتهاء المشهد ويثني على أدائها، فاكتفت
بشكره وانصرفت من دون أن تصافحه، فاكتشف أنها تعاني «وسواس» النظافة،
والخوف من المرض أكثر منه:
=
الله... خدي تعالي هنا. دا اللي أنا سمعته صحيح بقى.
*
هو إيه دا اللي سمعته يا أستاذ.
=
أنك ما بتسلميش على حد وما بترديش تاكلي مع حد. ولا حتى
بتشربي شاي.
*
والله أنا مش قصدي. أنا آسفة مش قصدي حاجة وحشة.
=
لا لا ما فيش حاجة أنا كنت فاكر أني أنا مزودها شوية. طلعتي
أنت مزوداها شويات.
*
والله أنا بحب كل الناس أنا بس عندي مشكلة في المسألة دي.
=
من غير حلفان... أنا عارف الموضوع.
انتهى تصوير «ممنوع الحب» وعرض في دار سينما «رويال» في
أبريل 1942، ليكون عودة قوية لزينات صدقي بعد توقفها ما يقرب من عامين عن
السينما منذ أن شاركت في فيلم «تحت السلاح» عام 1940 مع فؤاد الجزايرلي.
كذلك عادت إلى المسرح، ولكن ليس إلى فرقة الريحاني التي كانت لا تزال
متوقفة بسبب تدهور صحة الريحاني وعدم احتماله الوقوف مجدداً على خشبة
المسرح بشكل يومي، فاتجهت إلى فرقة «رمسيس» مع يوسف بك وهبي.
قبل نهاية العام طلبها للعمل معه المخرج كمال سليم، الذي
ذاع صيته بشكل كبير وأصبح له شأن في الإخراج بعد رائعته الكلاسيكية فيلم
«العزيمة» عام 1939، والذي كان سبباً في زواجه من بطلته فاطمة رشدي.
علمت زينات أن الفيلم الجديد مأخوذ عن رواية عالمية، فحرصت
أن تعتذر بأدب شديد للمخرج كمال سليم:
=
ليه يا زينات؟ أنت مرتبطة بأعمال تانية؟
*
بصراحة معنديش أي حاجة غير المسرح... بشتغل رواية «ربرتوار»
مع فرقة رمسيس.
=
طب بترفضي ليه؟
*
أصل بصراحة أنا سمعت أن الفيلم متاخد عن رواية عالمية...
وأنا بقلق من الحاجات التراثية دي علشان بيبقى فيها التزام باللغة العربية.
=
علشان كدا. أما أنت حدوتة بجد. يا ستي الفيلم متاخد عن
رواية عالمية صحيح بس موضوع معاصر. دا كمان شعبي... ما أنت عارفة شغلي.
دورك بنت بتشتغل في مصنع نسيج بتوقع الدنيا في بعضها.
*
لا إن كان كدا خلاص... من بكرة أكون عندك. ده أنا ست من
توقع الدنيا في بعضها.
كانت الرواية التي اختارها كمال سليم هي «البؤساء» للكاتب
العالمي فيكتور هوجو. أعدها سينمائياً المنتج مشيل تلحمي، برؤية مصرية
معاصرة، لتقديمها بالاسم نفسه. أدت زينات فيها دور «فهيمة» سيدة في حي
شعبي، ودور البطولة تولاه الفنان عباس فارس، ليجسد في الفيلم دورين
متناقضين، الأول «الشرقاوي» اللص الذي يضطر إلى السرقة بسبب الفقر، ثم
شخصية «عبد الفتاح باشا شريف» وهو الاسم الذي اختاره لنفسه بعدما أصبح
رجلاً ثرياً، من جراء ما قام به من سرقة. وأدت أمينة رزق دور «درية» الفتاة
الفقيرة في الحي الشعبي، وسراج منير دور «الضابط فهيم»، وبشارة واكيم صديق
عبد الفتاح باشا، وعبد العزيز خليل دور «رئيس العصابة»، بالإضافة إلى ليلى
فوزي في دور شقيقة الضابط فتحي، الذي أدى دوره الفنان الشاب فاخر فاخر،
فيما تولى الغناء شافية أحمد، والرقص سامية جمال.
(البقية
في الحلقة المقبلة)
«حسن
ومرقص وكوهين»
بعد انتهاء الموسم الصيفي للمسرح في عام 1943، قرر الريحاني
العودة إلى المسرح بعد توقفه خلال فترة تفرغ فيها للسينما وقدم فيلم «سي
عمر». وزاد من حماسته طلب الدولة منه أن يقدم عروضه المسرحية على خشبة مسرح
دار الأوبرا الملكية، لتكون المرة الثانية له بعدما سبق وقدم عليها مسرحية
«ياما كان في نفسي» التي لم تشارك فيها زينات.
كتب الريحاني وبديع خيرى مسرحية «حسن ومرقص وكوهين» بعدما
شاهدا أحد المحلات التجارية في «شارع الفجالة» يمتلكه رجلان أحدهما مسلم
والآخر مسيحي، ففكرا أن يضيفا إليهما ثالثاً، ليكونوا مسلماً ومسيحياً
ويهودياً، ثم عرض عليه صديقه جوزيف دخول مسرحية فرنسية بعنوان «المقهى
الصغير» حول شاب يعمل في مقهى صغير يرث مبلغاً ضخماً عن والده، ويعلم ذلك
صاحب المقهى قبله فيوقع معه عقداً للعمل في المقهى لسنوات عدة بشرط جزائي،
ثم يكتشف الشاب المكيدة التي دبرها له صاحب المقهى.
أخذ الريحاني فكرة «المقهى الصغير» لتكون هي القوام الرئيس
لمسرحية «حسن ومرقص وكوهين» واستبدل صاحب المقهى بثلاثة رجال، «حسن المسلم،
ومرقص المسيحي، وكوهين اليهودي»، وجعل لأحدهم، وهو اليهودي ابنة يقع في
غرامها «عباس» المستخدم لديهم في المحل، فيما تتجاهله هي وتنظر إليه
باعتباره مستخدما لدى والدها.
طارت زينات صدقي من فرط السعادة، ليس فحسب لأنها عادت للعمل
مع فرقة الريحاني، ولكن سعادتها كانت لسببين آخرين مهمين، كانا يمثلان
حلماً بعيد المنال بالنسبة إليها، لذا انتظرت عرض المسرحية بفارغ الصبر،
لترى الحلم يتحقق أمامها.
الجريدة الكويتية في
29/07/2013 |