يرى الكثيرون من النقاد والخبراء في عالم الفن ان الجيل
الحالي من نجوم ونجمات السينما والفن عموما هو أكثر الأجيال الفنية في مصر
ذكاء من ناحية نظرتهم لحياتهم الشخصية وطبعا المقصود هنا هو جيل «الألفية
الثالثة» ذلك الجيل الذي ظهر على الساحة في السنوات الـ10 أو15 الأخيرة
والمقصود بهذا الذكاء الشديد والذي يحسب لهم هو الذكاء الاجتماعي فمعظم
أبناء هذا الجيل من النجوم والنجمات لم يجعلوا صخب الشهرة والنجومية
والأضواء والمشاريع والأفلام والطموحات الفنية تأخذهم بعيدا في آفاقها
ودهاليزها وتفصلهم تماما عن الواقع ذلك الواقع الذي يقول انهم في النهاية
بشر مثل سائر البشر العاديين البعيدين عن الشهرة والنجومية وأنهم لابد وان
يكون لهم حياتهم الأسرية والعائلية مهما كانت شهرتهم ونجوميتهم ونجاحهم
الفني، فنجد ان معظمهم تزوج وأنجب مبكرا وأصبح الكثير منهم لهم اسر وأبناء
حتى في سن مبكرة ومعظمهم يحجب أبناءه عن الكاميرات والأضواء ويريدهم ان
ينشأوا كأطفال عاديين بعيدين عن شهرة ونجومية الآباء والأمهات، حتى الزيجات
الفنية تسير
أيضا في هذا الاتجاه ونراهم بشكل مختلف عن الأجيال السابقة
فهم أكثر حفاظا على مشاريعهم العائلية والانسانية ومعظم تجاربهم الزوجية
سواء كانت زيجات فنية أو من خارج الوسط الفني.. تجارب وزيجات هادئة ومستقرة
وسعيدة وبعيدة الى حد كبير عن الاشاعات على العكس تماما ما كان يحدث في
أجيال فنية عديدة مضت
.
كان لابد من هذه المقدمة ونحن سنتحدث عن واحدة من أهم هذه
التجارب الانسانية والفنية وهي تجربة النجمين «منى زكي وأحمد حلمي» اللذين
يعدان من أهم وأشهر حالات الزواج في الوسط الفني في السنوات الأخيرة وهو-
بفضل الله وبلا حسد- من حالات الزواج الناجحة والهادئة والمستقرة وهذا واضح
جدا في النجاح الكبير الذي حققه كل طرف منهما بعد الزواج بحيث أصبح كل
منهما يمثل فألا حسنا وتميمة حظ للآخر.
وقبل ان نبدأ وندخل في تفاصيل وقصة وحكاية هذا الزواج
الناجح نشير أولا الى ان منى قد سبقت أحمد حلمي في الدخول الى مجال الفن
وكان ذلك من خلال أعمال عدة تلفزيونية شاركت فيها وهي لاتزال طالبة في كلية
الاعلام وبموهبتها وحضورها واصرارها أثبتت جدارتها بان تكون فنانة ونجمة
شابة واعدة وكما نجحت تلفزيونيا حققت النجاح نفسه على شاشة السينما من خلال
أفلام عدة شاركت في بطولتها لعل من أهمها في تلك الفترة أفلام مثل «الحب
الأول»- «ليه خلتني احبك» والفيلم القنبلة «صعيدي في الجامعة الأميركية»
الذي أطلق نجوميتها كما أطلق نجومية محمد هنيدي وكانت البداية الحقيقية
لموجة ما سمي بأفلام الشباب أو السينما الكوميدية وبصرف النظر عن المسميات
فقد حقق هذا الجيل السينمائي بأفلامهم نجاحاً هائلا أعاد جمهور السينما
ليملأ دور العرض ويتزاحم حولها وعرفت السينما الايرادات الهائلة ولغة
الملايين
.
بعد ذلك انطلقت منى زكي سينمائيا وأصبحت تختار أدوارها
والأفلام التي تقوم ببطولتها بعناية ودقة تشير الى نضج وذكاء فني واضح وهذا
ما جعلها على رأس قائمة نجمات السينما في السنوات العشر الأخيرة وتتصدر
قائمة بنات جيلها من الفنانات والنجمات الشابات.
أما أحمد حلمي فبدأ مشواره بعد الانتهاء من دراسته الجامعية
من خلال التلفزيون كمقدم لبرامج الأطفال وحقق نجاحا كبيرا في هذا العمل
وأيضا بعض الشهرة وهذا ما جعل السينما تلتفت اليه وبالفعل بدأ بها مع بداية
موجة أفلام الشباب من خلال مشاركته في بطولة عدد من الأفلام التي كانت فيها
البطولة جماعية وغلب عليها الطابع الكوميدي ومن أهم أفلامه في تلك الفترة
«عبود على الحدود»- «الناظر»- «رحلة حب»- «55 اسعاف» بعدها تحول حلمي الى
البطولة المطلقة من خلال فيلمه «ميدو مشاكل» الذي حقق نجاحا جماهيريا كبيرا
أكد به تمتعه بالموهبة والنجومية والجماهيرية وأيضا بنوعية الكوميديا
الهادئة والمختلفة التي يقدمها وهذا ما جعله ينطلق سريعا لتحقق أفلامه
نجاحا فنيا وجماهيريا هائلا ويصبح هو النجم رقم واحد في قائمة شباك التذاكر
والايرادات وتصبح أفلامه ماركة مسجلة مضمونة النجاح خصوصا مع اشادة النقاد
بها واعتبارها كوميديا اجتماعية هادفة بعيدة عن «الاسفاف والاستظراف
والاستسهال»
.
نأتي الآن الى تفاصيل قصة هذه العلاقة وكيف بدأت وكيف تطورت
حتى وصلت الى الزواج؟ ولن نجد من يرويها أفضل من صاحبتها منى زكي التي قالت
في احد حواراتها الاعلامية قبل أيام قليلة من الزواج: حكايتي مع أحمد حلمي
مثل حكايات «ألف ليلة وليلة» فهو كان يحبني من بعيد لبعيد كما يقولون ولكنه
لم يصرح لي بهذا الحب وأنا لم أفكر فيه اطلاقا فقد شاهدني على طبيعتي..
وأنا عندما أكون على طبيعتي لا أتخيل ان هناك من يحبني أصلا!! اضافة الى ان
أحمد صديق قديم أحكي له كل شيء وبصراحة مطلقة قبل ان ارتبط به كان أكثر
صديق أثق فيه لذلك ترددت كثيرا قبل موافقتي عندما عرض عليّ الزواج وكنت
اسأل نفسي أسئلة كثيرة ما الذي سيضيفه الزواج لعلاقتي مع أحمد حلمي ولكني
بعد تفكير عميق وجدت أنه انسان طيب وحنون وأنا أريد ان أعيش حياتي مع شخص
مثله.
وأضافت منى: الحقيقة ان أحمد به مواصفات جميلة كثيرة
تتمناها أي فتاة وأنا شخصيا لم أكن أحلم بأكثر من ذلك وأنا سعيدة بارتباطي
به رغم أنني لم يخطر في ذهني ان أتزوج من فنان لكني قلت الزواج من فنان ليس
دائما فاشلا ولا يمكن ان تكون قاعدة منه فهناك زيجات فنية ناجحة جدا وهناك
زيجات غير فنية كثيرة لا تنجح المهم في علاقة الزواج هو التفاهم والحب وليس
التشابه فأنا وأحمد ليس بيننا أي تشابه فهو- مثلا- يحب الحركة جدا ولا يحب
ان يتوقف وأنا من الممكن ان أتحول الى جماد والحقيقة ان علاقة الحب بيننا
قائمة على قاعدة «الانجذاب والاختلاف» نحن لا نتطابق في أشياء كثيرة والشيء
الوحيد الذي نتفق فيه هو حب كل من للآخر بشكل قوي للغاية وأيضا حب الأطفال
ونتمنى انجاب بنات».
وبعد فترة خطوبة استمرت 9 أشهر جهزا خلالها عش الزوجية حسب
ذوقهما تم الزفاف في حفل كبير ورائع في احد الفنادق الكبرى بالقاهرة في
مايو عام 2002 وحضره حشد كبير من المدعوين ضم معظم أو كل نجوم الفن في مصر
وكانت فرحة الجميع بأحمد ومنى غامرة وظهرت على كل الوجوه وهنا نتوقف قليلا
مع ما قاله أحمد حلمي في نفس ليلة زفافه.. قال: أنا أؤمن بالحب قبل الزواج
وبعده وعلى العكس مما يقوله البعض من ان الزواج مقبرة الحب أنا أرى ان
الزواج هو أفضل ربح للحب والحب الحقيقي هو الذي ينمو ويزدهر بعد الزواج
واشعر الآن ان جزءاً كبيرا من أحلامي يتحقق بزواجي من الانسانة التي
أحببتها».
وأضاف وهو يضحك «سأغير من شكل ومفهوم الزواج فقبل زواجنا
كانت منى صديقتي وستستمر صداقتي معها بعد الزواج وستكون علاقتنا خليطا من
الحب والصداقة فالصداقة شيء جميل وهي المقدمة الكبرى لخلود الحب».
بعد الزواج ورغم ان أحمد ومنى قد التقيا فنيا في عدد من
الأفلام اشرنا الى بعضها مثل «ليه خلتني احبك» والفيلم الشهير «سهر
الليالي» الذي تأخر عرضه لما بعد زواجهما الا ان الاثنين لم يلتقيا فنيا
بعد الزواج وفضل كل منهما ان يحقق نجاحه بعيداً عن الآخر حتى اذا ما حقق
احدهما النجاح لا يحسب هذا النجاح للآخر وحتى لاينتج عن هذا أجواء متوترة
بينهما تؤثر على علاقتهما وحبهما كزوجين.
وكما ذكرنا كان كل منهما فألا حسنا على الآخر حيث انطلقت
منى سينمائيا بشكل اكبر وأكثر خبرة وقدمت عددا كبيرا من الأفلام الناجحة
جماهيريا وفنيا وأصبحت تحسب لها في تاريخها ومشوارها الفني ومن أشهر
أفلامها في السنوات العشر الأخيرة «افريكانو»- «مافيا»- «أبو على»- «دم
الغزال»- «خالتي فرنسا»- «أيام السادات»- «من نظرة عين»- «حليم»- «احكي
ياشهرزاد»- «عن العشق والهوى»- «تيمور وشفيقة».
وبالاضافة الى هذه النجاحات السينمائية تواجدت منى زكي في
المسرح من خلال عدد قليل من المسرحيات الناجحة مثل «يا مسافر وحدك»- «الابندا»
ولم تنس منى في مسيرتها الفنية التلفزيون الذي شهد بدايتها فمن حين لآخر
تحل ضيفة على جمهور الشاشة الصغيرة من خلال مسلسلات جيدة رائعة ، مثل مسلسل
«السندريللا» المأخوذ عن قصة حياة سعاد حسني التي تعشقها منى والتي تعتبرها
مع فاتن حمامة القدوة والمثل بالنسبة لها وأيضا النموذج للتفرد والنجومية
ورغم بعض النقد الذي وجهه النقاد لهذا المسلسل الا ان منى بذلت فيه مجهوداً
كبيراً وهي تجسد شخصية السندريللا واذا كان هناك خلل في هذا المسلسل فهو
بعيد تماما عن أداء منى كفنانة.
أما أحمد حلمي فبدوره انطلق سينمائيا بقوة كبطل مطلق
لأفلامه التي بدأها كما ذكرنا بفيلم «ميدو مشاكل» بعدها توالت الأفلام التي
حققت نجاحا جماهيريا هائلا جعله يتصدر قائمة نجوم السينما المصرية في شباك
التذاكر بعد ان تخطت ايرادات أفلامه حاجز الـ25 مليون جنيه وتخطى نجوم
كوميديا كانوا يحتلون المقدمة بسبب غرورهم وتكرارهم لما يقدمونه لذلك كان
أحمد أكثر دقة ونضجاً وذكاء فلم يكرر نفسه ولم يعتمد على الافيهات التي تصل
الى حد الاسفاف- أحيانا- ليضمن نجاح أفلامه بل اعتمد على موضوع الفيلم وشكل
جديد للكوميديا من خلال فكرة جديدة، فجاءت أفلامه لتعبر بشكل كوميدي ساخر
عن قضايا اجتماعية حقيقية يعيشها الناس ويعاني منها المجتمع وهذا ما جعل
نقاد السينما يتحمسون جدا لأفلامه ولتجربته السينمائية، وهو ما أتاح له
الاستمرار في النجومية والتألق ومن أهم أفلامه في السنوات العشر الأخيرة
«مطب صناعي»- «صايع بحر»- «ظرف طارق»- «جعلتني مجرماً»- «نأسف على الازعاج»-
«ألف مبروك»- «بلبل حيران»- «عسل اسود»- «على جثتي»
.
ورغم اننا سمعنا كثيرا عن مشاريع سينمائية وتلفزيونية ستجمع
بين أحمد ومنى طوال السنوات الماضية وطوال عمر زواجهما الذي تجاوز
الـ11عاما فانه على أرض الواقع لم يتحقق شيئاً من هذه المشاريع ومؤخرا شارك
أحمد من خلال شركة الانتاج الفني التي أسسها في انتاج مسلسلها الرمضاني
الذي عادت به للتلفزيون هذا العام «دنيا آسيا» ولم يشارك في بطولته ومازال
أحمد حلمي بعيدا عن التلفزيون ومازال جمهوره ينتظر ظهوره في مسلسل تلفزيوني
يقطع به هذا الابتعاد.
أما عن الاشاعات فلم يتعرضا لها سوى مرة واحدة في بداية
زواجهما عندما لم تحضر منى حفل افتتاح فيلمه «ميدو مشاكل» لانشغالها وقتها
بتصوير المسلسل التلفزيوني «جحا» مع النجم يحيى الفخراني وقتها أطلق
الحاسدون والمغرضون اشاعة طلاقهما وانفصالهما لكن سرعان ما كذبت الاشاعة
نفسها عمليا من خلال استمرار العلاقة الزوجية والانسانية الناجحة بين
الزوجين والتي نتمنى لها دوام الاستمرار ودوام الانسجام والسعادة ليكونا
نموذجاً للزيجات الفنية الناجحة.
النهار الكويتية في
04/08/2013 |