|
استطاعت النجمة الفرنسية الجزائرية الاصل ايزابيل ادجاني،
او ايزابيل محمد شريف عجاني، ان تحتل موقعها البارز على خارطة النجومية
والاسماء الخالدة في ذاكرة السينما والمسرح في فرنسا واوربا. نجمة حقيقية،
وقبل كل ذلك موقف صريح، واشتغال حرفي، وموهبة فذة، ومقدرة على الكينونة،
ساهم في ان تقفز تلك النجمة بعيدا في فضاءات النجومية. الى الخلود في ذاكرة
الفن ليس في فرنسا وحدها، بل في ذاكرة الفن في العالم، وهو امر ليس بتلك
السهولة التي يتصورها البعض. بل هو التحدي الحقيقي للقدرات والذات..
والاخرين.. خصوصا، اذا ما عرفنا ان مرحلة ايزابيل ادجاني تمثلت بكم ضخم من
الاسماء في السينما والمسرح الفرنسي ضم كاترين وينوف وايزابيل هوبير ورومي
شنايدر وغيرهن من جميلات السينما الفرنسية.
في رصيد ايزابيل ست جوائز سيزار كأفضل ممثلة بالاضافة الى
ترشحها للاوسكار كافضل ممثل، وهي بذلك تحقق مجموعة من الانجازات التي ترسخ
مكانتها وحضورها وبصمتها.
ولدت ايزابيل ادجاني (او ايزابيل ياسمين ادجاني) في 27
يونيو 1955 في العاصمة الفرنسية -بارس. الدائرة السابعة عشرة من اب من اصول
جزائرية (محمد شريف عجاني - اوادجاني) ووالدتها هي اوغستا (غوستي) من اصول
المانية بافارية، وقد عاشت ايزابيل طفولتها بين باريس والمانيا، ولهذا فهي
تتحدث الالمانية بطلاقة شأنها شأن الفرنسية، والانجليزية والايطالية
والاسبانية لاحقا.
بدأت مسيرتها الفنية حينما كانت في الثانية عشرة من عمرها،
حيث وقفت على المسرح مع الهواة للمرة الاولى عام 1967، وبعدها بعامين
احترفت العمل الفني.
في رصيدها (33) فيلماً، منذ العام 1970 وتمثل بعدة لغات هي
الفرنسية والالمانية والانجليزية (بدون لكنة) كما تحمل الرقم القياسي في
عدد جوائز سيزار (التي تمنحها اكاديمية الفنون والعلوم السينمائية في
فرنسا) حيث جمعت (6) جوائز كأفضل ممثلة ومن ابرز الافلام التي حصدت عنها
الجوائز نورد (العاطفة 1980) والصيف الساخن 1983، وكاميلي كلوديل 1988،
والمملكة مارغو (1994) وسكيرت داى (2009)، وهذا يعني ان لهذه النجمة
المقدرة على العبور بين جيلين، جيل في السبعينيات والثمانينات والتسعينيات
حتى الالفية الجديدة، وهو امر نادر في المعادلات الفنية.
والدها وصل الى فرنسا قبيل الحرب العالمية الثانية، ليلتحق
بالجيش الفرنسي، ويتعرف على والدتها، بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة،
وكان لقاؤهما في المانيا ليعودا لاحقا الى فرنسا.
ومن الحكايات الموثقة، تلك التي ترويها ايزابيل نفسها عن
والدتها، ضمن حوار تلفزيوني، مع المذيع الشهير ميشيل دروكار، تقول فيه
ايزابيل ان والدتها كانت تقول بأن والدها من اصول تركية، وكأن تخجل من اصول
زوجها الجزائزية، حتى انها طلبت منه ذات يوم، ان يحول اسم العائلة من
ادجاني، الى شريف لان اسمه (محمد شريف ادجاني) وقد كان اسم (محمد شريف)
اسما واحداً مركبا.
بعد احترافها التمثيل، كانت ايزابيل ادجاني، اصغر ممثلة
تلتحق بالكوميدى فرانسيس (المسرح القومي الفرنسي) وكان ذلك عام 1972، حيث
حققا نجاحا لافتا عن دور «اينيس» في مسرحية مدرسة النساء لموليد كما جمعت
عدداً من الكتابات النقدية الايجابية التي مهدت الطريق امامها الى النجومية
المطلقة.
لتتجه بعدها الى السينما، وكانت بدايتها عبرا دوار صغيرة،
سرعان ما ترسخت في فيلم «الصفقة» عام 1974 حتى جاءت القفزة الكبرى مع دورها
في فيلم قصة اديل هـ مع فرانسوا تريفو عام 1975، لتحقق اكبر عدد من
الاشادات والكتابات النقدية الايجابية، التي عمدتها واكدت حضورها كنجمة
وممثلة من الطراز الاول.
وعلى ذات الخطى، كانت تتحرك ايزابيل في السينما العالمية،
حيث قدمت مع الاميركي والترهيل عام 1978 فيلم السائق ومع الالماني وارنرهير
تزوج عام 1979 فيلم نشوفيرتو.
في عام 1981 فازت ايزابيل بجائزة افضل ممثلة في مهرجان كان
السينمائي الدولي، عن دورها في فيلم ميرشنت ايفوري «كوارتت» وفي العام
الثاني مباشرة، فازت بجائزة سيزار كأفضل ممثلة عن فيلم العاطفة- الرغبة،
وهو فيلم رعب «عاطفي» وبعدها بعامين فازت بالسيزار الثاني عن فيلم «الصيف
القاتل».
ولم تكتف هذه الصبية الجميلة بالتمثيل المسرحي والسينمائى
بل حققت في عام 1983 تجربة الغناء، من خلال اصدار البوم غنائي بعنوان «بول
مارين» قام بكتابته والحانه وانتاجه المطرب الفرنسي الشهير سيرج جنسبورغ
وقد اخرج الاغنية الرئيسية للالبوم، عبر فيديو كليب قدمه المخرج لوك بيسون.
وتتجه في عام 1988 الى الانتاج ايضا، مع تجربتها في فيلم «كاميلي
كلوديل» وعنه فازت بجائزة السيزار الثالثة كأفضل ممثلة، كما ترسخ الفيلم
لاوسكار افضل فيلم اجنبي. وهذا ما دفع باسمها ليحتل مكانة متقدمة في
استبيان صحيفة «بيبول» الاميركية بين الاسماء الخمسين في قائمة «افضل 50
جميلة في العالم».
وتأتي نقلة إضافية في العالم 1994، مع فيلم «الملكة مارغو»
حينما فازت بجائزة سيزار كأفضل ممثلة، ولكنها كانت تسمى جائزة افضل ممثلة
في مهرجان كان السينما، الا ان الجائزة ذهبت الى النجمة الايطالية «فيرناليزى»
في الفيلم ذاته، وكانت وراء تلك (اللعبة) النجمة الفرنسية كاثرين ديفوف
«ثانية رئيسة لجنة التحكيم» من اجل ألا تصنع التاريخ لخصمها اللدود، ولكن
غياب الجائزة لم يمنع من ان يحقق الفيلم نجاحات كبرى.. وهكذا الامر بالنسبة
لايزابيل ادجاني نفسها. الفيلم من اخراج الفرنسي باتريك شيرو. وقد فازت
بالسيزار الرابع عن دور الملكة مارغو. ثم الخامس.. وهكذا.. كم من
الانجازات، التي ترسخ حضورها، ليس كمجرد ممثلة او نجمة جميلة، بل ممثل ذات
كعب عال، ومقام رفيع.
ونذهب الى الجانب الشخصي من حياة هذه النجمة انجبت ابنها «برناب
نيوتن» عام 1979 من مدير التصوير العالمي برونو نيوتن. كما ارتبطت عاطفيا
في الفترة من 1986-1989 مع النجم الاميركي وارن بيتي، بالاضافة الى النجم
البريطاني دانييل داي لويس في الفترة من (1989 الى 1995) وانجبت منه ابنها
الثاني غابريل كين داي لويس عام 1995، قبيل انفصالهما بشهرين.
كما ارتبطت في عام (2000-2004) مع الموسيقار الفرنسي جان
ميشيل جار.
في العام 2011 اختارت صحيفة «التايمز» النجمة ايزابيل
ادجاني بوصفها النجمة الاجمل في تاريخ السينما العالمية.
قد جاء ذلك الاختيار بتحقق موسع اشار الى اهمية الدور الذي
قامت به ايزابيل خلال مسيرتها فهي لم تعتمد على جمالها.. بل ذهبت الى
القدرات الابداعية بداخلها، وعملت على تفجيرها.. وتطويرها.. لبلوغ اقصى
درجات التكامل الفني والابداعي.
مسيرة انتقلت خلالها بين عدد هام من الشخصيات مثل «اديل
هيغو» و«داناهلين» و«كاميلي كلوديل» و «مارغو» وغيرها.. شخصيات عاشت على
الشاشة وحضرت في ذاكرتنا نبضا وابداعا وتحولت الى سينما تنبض بالحياة
والوجدان والالق.
ايزابيل ادجاني طفلة الكوميدي فرانسيس وسيدة السينما
الفرنسية وعطر فرنسا الخالد، وجمالها الاخاذ.. شيء ما بقامة برج ايفل.
وبعظمة نهر السين.. وخلود التاريخ والثورة ونابليون وكل
الملوك العظام الذين طرزوا تاريخ فرنسا العظيم.. هكذا هي وباختصار شديد
ابنة المهاجر الجزائري النجمة ايزابيل محمد شريف ادجاني.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
10/07/2013 |
