سنة 1895 قال أوغوست لوميير:
"إختراعنا
ممكن استهلاكه لفترة زمنية معيّنة كفضول علمي.
فيما عدا ذلك، فإنه لا يملك مستقبلاً من أي نوع"....
كم كان خاطئاً أوغوست في إعتقاده هذا والحمد لله.
لكن، غالباً،
لم يكن يعلم.
أما لو كان يعلم وقال هذه الكلمات رغم ذلك، فإنه ربما لم يرد أن ينطلق
المنافسين من حوله ساعين الى تقليده او تجاوزه.
مهما يكن لم يصدّق أحد هذا الكلام طبعاً وأخذت السينما تقفز الى الأمام
قفزاً.
هذا ما كوّنته السينما الأولى في
ثمانينات القرن التاسع عشر والعقد الأول من القرن العشرين:
·
توظيف
الفضول الذي يدفع الناس لمشاهدة الناس على الشاشة.
·
بناء
صرح وتقليد للعروض السينمائية: أين تقام.
في أي
وقت.
كيف
تنظّم.
المقابل المادّي لما هو معروض.
·
بلورة
المسعى لتطوير وتحسين الأجهزة التقنية التي يتطلّبها العرض ومحاولة التقدّم
على هذا الخط طوال الوقت، كما على خط الكاميرا والفيلم والإضاءة والتصوير.
·
إحداث
علاقة بين المشاهد وبين الفيلم الأول على خطّين رئيسيين:
o
المادّة القصصية.
o
الممثلون المضطلعون بتجسيدها.
·
محاولة
جذب الجمهور عبر العلاقة المستحدة.
هذه
الأخيرة تبرر ناحيتين:
-
لماذا
إنتقلت السينما من تسجيل مشاهد حيّة جارية من دون تدخل صانع الفيلم الى
إعادة تركيب الحدث ما يجعل الفيلم روائياً.
-
لماذا
غلبت الفانتازيا والكوميديا على الأفلام الروائية الأولى.
وفي
هذا الصدد الثاني، فإن تلك الغلبة دخلت صلب عملية الجذب العام فكلاً من
الفانتازيا والكوميديا مادتان مثيرتان للناس (الى أيامنا الحالية هذه).
واحدة
كان عليها
-آنذاك-
إدهاش
المشاهد والثاني إضحاكه.
ما سبق
ذكره حتى الآن (اي في الحلقات الأربع السابقة) هو إيجاز لحالة من التماوجات
الإبداعية على شتى الجوانب المؤلّفة للسينما كما نعرفها اليوم.
من
الثواني الخمس (او أقل) لأفلام لويس لا برينس (1888) الى قيام أديسون
بالتركيز على صنع الفيلم الخام سنة 1893 الى قيام الأخوين لوميير بعرض
فيلمهما الأول-
تجارياً سنة 1895، مروراً بكل اولئك الذين ساهموا من قبل لا برينس ومن بعده
وصولا الى لومبيير بتفعيل ذلك الخيال الجانح سواء عبر «المصابيح السحرية»
او عبر «عروض الظلال» او عبر البحث في إمكانية تأليف شريط من حركة واحدة
كرفع وزن او القيام بقبلة او تصوير الجياد وهي تركض لإثبات حالة شبه علمية.
لقد
أوجزت قدر ما أستطيع لأن معظم الحديث في هذه الشؤون من العمق بحيث لا يمكن
أن يثير الا الراغب في دراسة السينما او تاريخ السينما.
وأنا
لا أدري ما علاقة القاريء هنا بالمادة التي أكتبها لكني أتوقّع أن معظم
القراء إنما يفعلون ذلك كنوع من الفضول أكثر منه نوعاً من الدرس.
مهما
يكن فإن تسعينات القرن التاسع عشر أخذت تشهد إنصهار العلاقة بين الفيلم
وبين الجمهور والغاية هنا هي تعويد الناس على قبول هذا «الإختراع» والبحث
عن الوسائل الناجحة في هذا الصدد.
حتى
أوغوست لوميير وشقيقه لويس كانا يعملان بجهد في هذا السبيل على الرغم من
تصريح الأول بأنه لا يرى أي مستقبل للسينما.
سينماتك
في 29 سبتمبر 2007