كان يا
ما كان في «كان» مقهى بإسم «بلو بار» يقع عند زاوية مبنى قصر المهرجان
القديم ثم أنتقل بعد أن تم هدم القصر بضعة أمتار الى زاوية أخرى.
كان
ملتقى الصحافيين من عرب وعجم. وغريب كيف يجذب كل مقهى او مطعم في «كان»
مجموعته من الزبائن: هناك مطعم او مقهى للصحافيين غالباً، وآخر للمنتجين
والمخرجين غالباً وآخر لمن ليس لديهم علاقة بالسينما الا حب التواجد خلال
المهرجان... غالباً.
«بلو
بار» كان ملتقى الصحافيين والنقاد كما أشرت وما كنت لتمر به دون أن تتوقّف
عنده. إذا كنت تبحث عن سينمائي عربي (وهذا قبل الهواتف النقّالة) لم يكن
أسهل من أن تأتي الى ذلك المقهى. ستجده لا محالة. إذا لم تجده إنتظر نصف
ساعة او عد بعد ساعة وسيكون هناك.... كلهم هناك.
ثم تم
هدم المقهى والآن صار دُكّاناً.
ومنذ
هدمه قبل نحو خمس سنوات تشتت حال السينمائيين والنقاد والصحافيين العرب. لم
تعد تستطيع أن تجدهم من دون موعد في مكان ما. لم يعد هناك ذلك المطعم-
البديل. المقهى- البديل.
شيء
كهذا كان حدث في بيروت قبل الحرب وخلاله الى حين: كان هناك مقهى عند مطلع
شارع الحمرا بإسم «هورس شو».... كلهم كانوا يأتون إليه. تجد الشاعر والقاص
والصحافي والناقد والموسيقار والمخرج والممثل... ثم أغلق المطعم أبوابه.
تفرّق الشمل. هناك من ذهب الى مقاهي أخرى، ومن أخذ يأكل في مطاعم مختلفة،
ومنهم من قطع الصلة بعادة المقاهي أساساً.
لم
يستطع مقهى واحداً أن يكون بديلاً لا لـ «بلو بار» ولا لـ «الهورس شو».
لكن
بالنسبة لـ «كان» فإن عدد الصحافيين والنقاد العرب هبط منذ ذلك الحين بشكل
مفجع.
كنت
أتحدّث في الموضوع أمام الزميل طارق الشنّاوي وقلت في الثمانينات كان عدد
النقاد والصحافيين العرب يبلغ نحو ٥٣ شخص، لكنه صحّح لي المعلومة قائلاً:
أكثر من خمسين.
ما
الذي حدث؟ أين ذهب الجميع؟ بالطبع أعرف الجواب بالنسبة للبعض وأجهله
بالنسبة للبعض الآخر... هناك من لم تعد صحيفته قادرة على تغطية كلفة السفر
والإقامة. بعضهم كَبُر به السن ولم يعد قادراً على السفر... بعضهم الآخر لم
تعد السينما تعني له الكثير ... لديه الآن مشاغل أخرى.
مهما
كانت الأسباب، يبقى هناك شيئاً أتمنّى أن يحدث: أن يتمكّن مهرجان عربي أن
يجمع حوله نقاداً وصحافيين بهذا الزخم الذي نراه في المهرجانات الدولية.
سينماتك
في 21 يوليو 2007