لا أخفي خيبتي من نتائج لجنة التحكيم في
هذه الدورة الأخيرة من مهرجان «كان» السينمائي الدولي. ليس فقط لأنها
تألّفت من ممثلين (غالبية) وبضع مخرجين من دون وجود لمدير تصوير او لناقد
سينمائي او لكاتب سيناريو،
بل أيضاً لأنها -بتركيبتها هذه- أخفقت في ملاحظة الفيلم الذي
يستحق الجائزة الأولى.
أنا لا أستطيع الإرتياب في
المخرج
الموريتاني عبد الرحمن او في الممثل الفرنسي ميشيل بيكولي او الممثلة
الصينية ماغي تشيونغ او أي من سواهم، لأني لا أعرفهم لكي أحكم على
مستوياتهم خارج الأفلام التي مثّلوها او أخرجوها، لكن أرتاب في الرئيس الذي
قادهم والذي يتحمّل مسؤولية النتائج التي يصلون إليها.
أسمه ستيفن فريرز.
مهنته:
مخرج.
مستوى أفلامه من متوسّطة الى جيّدة.
آخر فيلم له «الملكة».
مستوى آخر أفلامه:
وسط ولو أنه احتفى به أكثر مما
يستحق.
مستواه مخرجاً بالمقارنة مع مستوى المخرج ألكسندر سوكوروف:
زيرو!
آسف إذا لم أكن دبلوماسياً
وراغباً
في
الدوران حول اللعبة الحوارية. لكن هذه هي الحقيقة كما أراها.
ما الذي حدث لمفهوم أن الفيلم الأصعب إنجازاً
والأكثر إحتواءاً لعناصر العمل الصحيحة، والأكثر فنّاً هو الذي يفوز
بالجائزة الأولى؟
هذا الفيلم هو «ألكسندرا» وليس «٤ أشهر، ٣ أسابيع، يومان». ذلك
فيلم جيّد لكنه ليس جيّداً
بما فيه الكفاية لحرمان «ألكسندرا» لألكسندر سوكوروف من الجائزة الأولى.
حقيقة أن «ألكسندرا» لم ينل لا الثانية ولا الثالثة ولا شيء على الإطلاق
أمر مفجع آخر إنما هي السعفة التي كان يستحقّها أكثر من أي فيلم آخر عٌرض
على الشاشة.
هذا ما يلج بي الى
سؤال غاضب آخر:
أليس من المفترض أن
يكون عضو لجنة التحكيم في
مستوى أفضل المخرجين المتسابقين لكي يحكم عليه؟ ستيفن فريرز ليس من «صانعي
السينما» وليس من «أسياد الفن السابع» ولا حتى من مبدعيها. قسّم المخرجين
الى خانات تجده ملائماً في الخانة قبل الأخيرة كمخرج مقبول.
لديه أفلاماً أفضل من أفلام لكن ليس لديه فيلماً
أفضل من أي فيلم حققه ألكسندر سوكوروف- وليس لديه الفكر أيضاَ.
مجلة «فاراياتي» نقلت المؤتمر الصحافي
الذي عقده وأعضاء لجنته عقب إعلان النتائج ولن تصدّق، لو ترجمت ما ورد في
المجلة، قدر الإستخفاف والهزء الذي حمله صوب اولئك الذين لم يفوزوا من
ممثلين او من أصحاب أفلام.
سامحوني إذا كنت غاضباً، لكن «ألكسندرا» ليس فيلم كل يوم حتى
يمكن إلغاءه من المشهد الحالي.
فيلم ألكسندر سوكوروف
جسر ممدود للثقافة بين الناس جميعاً. بين الشيشانيين والروس في
تلك الأرجاء ثم بين المسلمين والمسيحيين في كل مكان. لكن هذا الجسر
الإنساني لم يكن ليأتي مهمّاً وملهماً لولا أن المخرج سوكوروف، صاغه
بالأسلوب الخاص الذي يتميّز به. أسلوب عمل قائم على متابعة لحظات الدفء
الإنسانية المتواصلة عبر هذا الفيلم. بذلك، سوكوروف ملك الدفء والحنان
اليوم في السينما. لا أحد استطاع منذ رحيل تاركوفسكي تقديم العلاقة
العائلية بأواصرها العميقة على النحو الذي يفعله سوكوروف، وحتى تاركوفسكي
كان لديه نهجاً مختلفاً لتقديم هذه الأواصر. هذا، لجانب الرسالة السياسة،
ولجانب الأسلوب البصري الأخّاذ المناسب لكل حالة يرصفها المخرج على الشاشة
(في أي من أفلامه بمختلف مواضيعها) ما يجعل سوكوروف ليس أفضل من ستيفن
فريرز شأناً
بل من الذين لا يمكن لمخرج محدود القدرات، في نهاية المطاف، أن يحكم
عليهم من دون مجابهة السؤال:
«... ومن أنت؟»
سينماتك
في 01 يونيو 2007